الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          [ ص: 415 ] فصل ولا يلزم الوفاء بالوعد ، نص عليه ( و هـ ش ) لأنه يحرم بلا استثناء ، لقوله تعالى { ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله } ولأنه في معنى الهبة قبل القبض . وذكر شيخنا وجها : يلزم ، واختاره ، ويتوجه أنه رواية من تأجيل العارية والصلح عن عوض المتلف بمؤجل ، ولما قيل للإمام أحمد : بم يعرف الكذابون ؟ قال بخلف المواعيد وهذا متجه ، وقاله من الفقهاء ابن شبرمة .

                                                                                                          وقال ابن العربي المالكي : أجل من قاله عمر بن عبد العزيز لقوله { كبر مقتا عند الله } الآية ، ولخبر { آية المنافق ثلاث إذا وعد أخلف } وحملا على وعد واجب وبإسناد حسن { العدة عطية } وبإسناد ضعيف { العدة دين } وذكر أبو مسعود الدمشقي والبرقاني أن مسلما روى { ولا يعد الرجل صبيه ثم يخلفه } ورواه ابن ماجه من حديث ابن مسعود بإسناد حسن { ثم لا يفي له } ، { فإن [ ص: 416 ] الكذب يهدي إلى الفجور } وفيه { والسعيد من وعظ بغيره } وفيه عبيد بن ميمون المدني ، روى عنه غير واحد ، ووثقه ابن حبان ، وقال أبو حاتم : مجهول .

                                                                                                          وعن ابن عباس مرفوعا { لا تمار أخاك ولا تمازحه ولا تعده ثم تخلفه } رواه الترمذي وغيره . قال ابن الجوزي : فائدة الاستثناء خروجه من الكذب إذا لم يفعل كقوله { ستجدني إن شاء الله صابرا } وذكر القاضي في مسألة الفرار من الزكاة لما قيل له : إن أصحاب الجنة عوقبوا على ترك الاستثناء في القسم ، قال : لا ، لأنه مباح ، وعلى أن الوعيد عليهما . ومذهب ( م ) : يلزم لسبب ، كمن قال لغيره تزوج وأعطيك كذا ، واحلف لا تشتمني ولك كذا ، وإلا لم يلزم . وقد روى أبو داود والترمذي عن أبي النعمان عن أبي وقاص ولا يعرفان عن زيد بن أرقم مرفوعا { إذا وعد الرجل أخاه ومن نيته أن يفي فلم يف ولم يجئ للميعاد فلا إثم عليه } وتقدم آخر كتاب الأيمان العهد وأنه غير الوعد ، ويكون بمعنى اليمين والأمان والذمة والحفظ والرعاية والوصية وغير ذلك ، وفي سيد الاستغفار { وإنا على عهدك ووعدك ما استطعت } قال ابن الجوزي : قال المفسرون : العهد الذي يجب الوفاء به الذي يحسن فعله ، والوعد من العهد .

                                                                                                          وقال في { وأوفوا بالعهد } : عام فيما بينه وبين ربه وبين الناس ، ثم قال الزجاج : كل ما أمر الله به أو نهى عنه فهو من العهد .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية