الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الخامس في أحكامه وأقضيته- صلى الله عليه وسلم- في الجنايات والقصاص والديات والجراحات

                                                                                                                                                                                                                              وفيه أنواع :

                                                                                                                                                                                                                              الأول : في أمره صلى الله عليه وسلم بالعفو عن القصاص :

                                                                                                                                                                                                                              روى أبو يعلى عن أنس- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرفع إليه قصاص إلا أمر فيه بالعفو .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «من قتل له قتيل فإما أن يودى ، وإما أن يقاد» .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني : في أمره صلى الله عليه وسلم بالإحسان في استيفاء القصاص :

                                                                                                                                                                                                                              الثالث : في نهيه صلى الله عليه وسلم أن يقتص من الجاني قبل برء المجني عليه وأن يقتص بالسيف ورضخه رأس اليهودي ولكل خطأ أرش :

                                                                                                                                                                                                                              وروى الدارقطني عن مسلم بن خالد الزنجي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يقتص من الجرح حتى ينتهي .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن ماجه عن النعمان بن بشير- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «لا قود إلا بالسيف ولكل خطأ أرش» .

                                                                                                                                                                                                                              وروي عن أبي بكر- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «لا قود إلا بالسيف» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «رضخ رأس اليهودي الذي رضخ رأس المرأة» .

                                                                                                                                                                                                                              الرابع : في حكمه صلى الله عليه وسلم في العهد والخطأ :

                                                                                                                                                                                                                              وروي عن ابن شريح خويلد بن عمرو الخزاعي- رضي الله تعالى عنه- أن رسول [ ص: 212 ] الله صلى الله عليه وسلم قال : «من أصيب بدم أو خبل- الخبل الجراج- فهو بالخيار بين إحدى ثلاث ، إما أن يقتص ، أو يأخذ العقل ، أو يعفو ، فإن أراد رابعة فخذوا على يديه فإن فعل شيئا من ذلك ، ثم عدا بعد فقتل فله النار خالدا فيها مخلدا» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسدد بسند ضعيف عن مجالد قال : حدثني عريف لجهينة أن ناسا من جهينة أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسير في الشتاء ، فقال : اذهبوا به فأدفئوه قال : وكان الدفء بلسانهم : القتل فذهبوا به فقتلوه ، فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله ، أمرتنا أن نقتله ، فقتلناه قال : كيف قلت لكم ؟ قالوا : قلت لنا : اذهبوا به فأدفوه قال : قد شركتكم إذا اعقلوه ، وأنا شريككم .

                                                                                                                                                                                                                              الخامس : في حكمه صلى الله عليه وسلم أن لا يقتل مسلم بكافر ولا حر بعبد :

                                                                                                                                                                                                                              روى الترمذي وابن ماجه عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «لا يقتل مسلم بكافر» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البيهقي في السنن عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «لا يقتل حر بعبد» .

                                                                                                                                                                                                                              السادس : في حكمه صلى الله عليه وسلم فيمن شتمه :

                                                                                                                                                                                                                              روى أبو داود عن الشعبي عن علي- رضي الله تعالى عنه- أن يهودية كانت تشتم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقع فيه ، فخنقها رجل حتى ماتت ، فأبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم دمها .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود والنسائي عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- أن أعمى كانت له أم ولد تشتم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقع فيه ، فنهاها فلم تنته . . الحديث .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية