الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (84) قوله : وهو الذي في السماء إله : " في السماء " متعلق بـ " إله " لأنه بمعنى معبود أي : معبود في السماء ومعبود في الأرض ، وحينئذ فيقال : الصلة لا تكون إلا جملة أو ما في تقديرها وهو الظرف وعديله ، ولا شيء منها هنا . والجواب : أن المبتدأ حذف لدلالة المعنى عليه ، وذلك المحذوف هو العائد تقديره : وهو الذي في السماء إله ، وهو في الأرض إله ، وإنما حذف لطول الصلة بالمعمول فإن الجار متعلق بـ إله . ومثله " ما أنا بالذي قائل لك سوءا " .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الشيخ : " وحسنه طوله بالعطف عليه ، كما حسن في قولهم : قائل [ ص: 610 ] [لك ] شيئا طوله بالمعمول " . قلت : حصوله في الآية وفيما حكاه سواء ; فإن الصلة طالت بالمعمول في كليهما ، والعطف أمر زائد على ذلك فهو زيادة في تحسين الحذف . ولا يجوز أن يكون الجار خبرا مقدما ، و " إله " مبتدأ مؤخر لئلا تعرى الجملة من رابط ، إذ يصير نظير " جاء الذي في الدار زيد " . فإن جعلت الجار صلة وفيه ضمير عائد على الموصول وجعلت " إله " بدلا منه . قال أبو البقاء : " جاز على ضعف ; لأن الغرض الكلي إثبات الإلهية لا كونه في السماء والأرض ، فكان يفسد أيضا من وجه آخر وهو قوله : وفي الأرض إله لأنه معطوف على ما قبله ، وإذا لم تقدر ما ذكرنا صار منقطعا عنه وكان المعنى : أن في الأرض إلها " انتهى . وقال الشيخ : " ويجوز أن تكون الصلة الجار والمجرور ، والمعنى : أنه فيهما بألوهيته وربوبيته ، إذ يستحيل حمله على الاستقرار " .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ عمر وعلي وعبد الله في جماعة وهو الذي في السماء إله ضمن العلم أيضا معنى المشتق ، فيتعلق به الجار . ومثله " هو حاتم في طيئ " أي : الجواد فيهم . ومثله : فرعون العذاب .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية