الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          279 - (ع ) : أبي بن كعب بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو وهو حديلة ، وهو اسم أمه ، ويقال لبني عمرو هذا بنو حديلة وهو ابن مالك بن النجار ، واسمه تيم اللات ، ويقال : تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج الأكبر . الخزرجي الأنصاري ، أبو المنذر ، ويقال : أبو الطفيل المدني ، سيد القراء ، وأمه صهيلة بنت الأسود عمة أبي طلحة زيد بن سهل بن الأسود ، والأوس والخزرج جماع الأنصار ، وهما ابنا حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد . ويقال : الأسد أيضا ، ابن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان .

                                                                          قال محمد بن إسحاق بن يسار : الأنصار هم ولد حارثة بن ثعلبة . وهو العنقاء بن عمرو بن عامر ، وعمرو بن عامر هو مزيقيا ، وأبوه عامر هو المعروف بماء السماء بن الغطريف ، واسمه حارثة [ ص: 263 ] بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد .

                                                                          روى عن النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                          روى عنه : أنس بن مالك (خ س) ، وجابر أو جويبر العبدي (بخ) ، والجارود بن أبي سبرة الهذلي ، وجندب بن عبد الله البجلي ، والحسن بن أبي الحسن البصري - ولم يدركه - وأبو أيوب خالد بن زيد الأنصاري (خ م) ، ورفيع أبو العالية الرياحي (د ت س) ، وزر بن حبيش الأسدي (ع) ، وسعيد بن المسيب (ق) ، وسليمان بن صرد الخزاعي (د سي) ، وسهل بن سعد الساعدي (د ت ق) ، وسويد بن غفلة (ع) ، وابنه الطفيل بن أبي بن كعب (ت ق) ، وأبو إدريس عائذ الله بن عبد الله الخولاني (س) ، وابنه عبد الله بن أبي بن كعب ، وعبد الله بن أبي بصير (د س) ، وعبد الله بن الحارث بن نوفل (م) ، وعبد الله بن رباح الأنصاري (م د) ، وعبد الله بن عباس (ع) ، وعبد الله بن فيروز الديلمي (د ق) ، وأبو موسى عبد الله بن قيس الأشعري (م) ، وعبد الله بن أبي الهذيل (ز) ، وعبد الرحمن بن أبزى (4) ، وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث (خ د ق) ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى (م د س) ، وعبد الرحمن بن مل أبو عثمان النهدي (م د ق) ، وعبيد بن عمير الليثي (ق) ، وعتي بن ضمرة [ ص: 264 ] (بخ ت س ق) ، وعطاء بن يسار (ق) ، وعطية الكلاعي (ق) ، وعمارة بن عمرو بن حزم الأنصاري (د) ، وعمر بن الخطاب أمير المؤمنين (خ س) ، وقيس بن عباد (س) ، وابنه محمد بن أبي بن كعب (سي) ، ومسروق بن الأجدع (س) ، والمغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب جد يزيد بن عبد الملك النوفلي ، ومكحول الشامي (ق) ولم يدركه ، ونفيع أبو رافع الصائغ (د س ق) ، ويحيى بن الجزار ، وأبو الأسود الدؤلي (قد) ، وأبو بصير الأعمى (س ق) ، وأبو عثمان الأنصاري (خد) ولم يدركه ، وأبو هريرة (ت س) ، وابن الحوتكية (س) وهو وهم .

                                                                          شهد بدرا والعقبة الثانية . وكان ربعة ليس بالطويل ولا بالقصير ، نحيفا أبيض الرأس واللحية . لا يغير شيبه .

                                                                          قال هدبة بن خالد : حدثنا همام ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بن كعب : " إن الله أمرني أن أقرأ [ ص: 265 ] عليك القرآن " قال : الله سماني لك ؟ قال : " نعم الله سماك لي " ، قال : فجعل أبي يبكي .

                                                                          أخبرنا بذلك أبو العباس أحمد بن أبي الخير ، عن كتاب أبي الحسن مسعود بن أبي منصور الجمال ، قال : أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد ، قال : أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، ومحمد بن إبراهيم ، قالا : حدثنا أحمد بن علي ، قال : حدثنا هدبة ، فذكره . رواه مسلم عن هدبة ،

                                                                          فوقع لنا موافقة له عالية .

                                                                          ورواه البخاري عن ابن المنادي ، عن روح بن عبادة ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، فكأن شيخ شيخنا حدث به عن الفربري صاحب البخاري .

                                                                          وقال قتادة : قلت لأنس : من جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أربعة كلهم من الأنصار : أبي بن كعب ، ومعاذ بن [ ص: 266 ] جبل ، وزيد بن ثابت ، ورجل من الأنصار يقال له : أبو زيد .

                                                                          أخبرنا بذلك أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد المقدسي ، وأبو العباس أحمد بن شيبان بن تغلب الشيباني ، قالا : أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد ، قال : أخبرنا الحافظ أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر بن السمرقندي ، قال : أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن النقور ، قال : أخبرنا أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى بن داود بن الجراح الوزير ، قال : أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ، قال : حدثنا هدبة بن خالد ، قال : حدثنا همام عن قتادة فذكره .

                                                                          حديث صحيح ، متفق على صحته ، رواه البخاري عن حفص بن عمر الحوضي ، عن همام . ورواه مسلم عن سليمان بن معبد ، عن عمرو بن عاصم الكلابي ، عن همام .

                                                                          وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس ، قال عمر بن الخطاب : علي أقضانا ، وأبي أقرؤنا ، وإنا لندع بعض ما يقول أبي ، وأبي يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ، فلن أدعه [ ص: 267 ] لقول أحد ، وقد نزل بعد أبي قرآن كثير . والله يقول : ما ننسخ من آية أو ننسها الآية .

                                                                          وقال حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن الجارود بن أبي سبرة ، عن أبي بن كعب : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، صلى بالناس فترك آية ، فقال : " أيكم أخذ علي شيئا من قراءتي " ؟ فقال أبي : أنا يا رسول الله . تركت آية كذا وكذا . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " قد علمت إن كان أحد أخذها علي فإنك أنت هو " .

                                                                          أخبرنا بذلك الشيخ الإمام شيخ الإسلام أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي ، وأبو الغنائم المسلم بن محمد بن المسلم بن علان القيسي ، وأبو العباس أحمد بن شيبان بن تغلب الشيباني ، قالوا : أخبرنا أبو علي حنبل بن عبد الله الرصافي ، قال : أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين ، قال : أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن المذهب التميمي ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي ، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، وأبو سلمة الخزاعي ، قالا : حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن الجارود بن أبي سبرة ، عن أبي بن كعب .

                                                                          وقال الخزاعي في حديثه : قال : قال أبي بن كعب .

                                                                          قال القطيعي : وحدثنا عبد الله ، قال : حدثناه إبراهيم بن [ ص: 268 ] الحجاج ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، فذكره . رواه البخاري في كتاب " القراءة خلف الإمام " عن أبي سلمة موسى بن إسماعيل ، عن حماد . فوقع لنا بدلا عاليا .

                                                                          وقال أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني فيما أخبرنا أحمد بن أبي الخير ، عن القاضي أبي المكارم اللبان كتابة ، عن أبي علي الحداد ، عن أبي نعيم الحافظ ، عنه : حدثنا أحمد بن خليد الحلبي ، قال : حدثنا محمد بن عيسى قال : حدثنا معاذ بن محمد بن محمد بن أبي بن كعب ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبي بن كعب أنه قال : يا رسول الله ما جزاء الحمى ؟ قال : " تجري الحسنات على صاحبها ما اختلج عليه قدم أو ضرب عليه عرق " .

                                                                          فقال أبي : اللهم إني أسألك حمى لا تمنعني خروجا في سبيلك ، ولا خروجا إلى بيتك ، ولا مسجد نبيك صلى الله عليه وسلم .

                                                                          قال : فلم يمس أبي قط إلا وبه حمى .


                                                                          وقال عكرمة بن إبراهيم الأزدي : أخبرني يزيد بن شداد الهنائي ، قال : حدثني معاوية بن قرة ، قال : حدثني عتبة بن عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : حدثني أبي عن جدي قال : كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم عيد ، فقال : " ادعوا لي سيد [ ص: 269 ] الأنصار " ، فدعوا أبي بن كعب ، فقال : " يا أبي بن كعب ائت بقيع المصلى ، فأمر بكنسه ، ثم أمر الناس فليخرجوا " فلما بلغ عتبة الباب رجع ، فقال : يا رسول الله والنساء ؟ قال : " نعم والعواتق والحيض يكن في آخر الناس يشهدن الدعوة " . رواه دحيم والدارمي ، عن يحيى بن حسان ، عن عكرمة .

                                                                          وقال سعيد الجريري عن أبي نضرة العبدي : قال رجل منا يقال له : جابر أو جويبر : طلبت حاجة إلى عمر في خلافته ، فانتهيت إلى المدينة ليلا ، فغدوت عليه ، وقد أعطيت فطنة ولسانا - أو قال : منطقا - فأخذت في الدنيا فصغرتها ، فتركتها لا تسوى شيئا ، وإلى جنبه رجل أبيض الشعر ، أبيض الثياب ، فقال لما فرغت : كل قولك كان مقاربا إلا وقوعك في الدنيا ، وهل تدري ما الدنيا ؟ إن الدنيا فيها بلاغنا ، أو قال : زادنا إلى الآخرة ، وفيها أعمالنا التي نجزى بها في الآخرة ، قال : فأخذ في الدنيا رجل هو أعلم بها مني . فقلت : يا أمير المؤمنين من هذا الرجل الذي إلى جنبك ؟ قال : سيد المسلمين أبي بن كعب . [ ص: 270 ]

                                                                          وقال أصرم بن حوشب ، عن أبي جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية : كان أبي بن كعب صاحب عبادة ، فلما احتاج إليه الناس ترك العبادة ، وجلس للقوم .

                                                                          وقال هوذة بن خليفة : حدثنا عوف ، عن الحسن عن عتي بن ضمرة ، قال : قلت لأبي بن كعب : ما شأنكم يا صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نأتيكم من الغربة نرجو عندكم الخير أن نستفيده عندكم فتهاونون بنا ! ؟ فقال أبي : أما والله لئن عشت إلى هذه الجمعة لأقولن قولا لا أبالي استحييتموني أو قتلتموني . قال : فلما كان يوم الجمعة من بين الأيام ، خرجت من منزلي ، فإذا أهل المدينة يؤذنون في سككها ، فقلت لبعضهم : ما شأن الناس ، قالوا : وما أنت من أهل البلد ؟ قلت : لا ، قال : فإن سيد المسلمين مات اليوم ، قلت : من هو ؟ قال : أبي بن كعب ، فقلت في نفسي : والله ما رأيت كاليوم في الستر أشد مما ستر هذا الرجل .

                                                                          أخبرنا بذلك أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد ، وأحمد بن شيبان بن تغلب ، وإسماعيل بن أبي عبد الله بن حماد ، وزينب بنت مكي بن علي ، قالوا : أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد ، قال : أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن البناء ، قال : أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي ، قال : حدثنا بشر بن موسى قال : حدثنا هوذة بن خليفة . فذكره . [ ص: 271 ]

                                                                          قال الهيثم بن عدي : مات سنة تسع عشرة .

                                                                          وقال أبو سليمان بن زبر : قال المدائني : مات سنة عشرين .

                                                                          قال أبو سليمان : وفي موته اختلاف .

                                                                          وقال أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة عن يحيى بن معين : مات سنة عشرين أو تسع عشرة .

                                                                          وقال محمد بن عبد الله بن نمير : مات في خلافة عمر سنة اثنتين وعشرين .

                                                                          وقال أبو عبيد : مات سنة اثنتين وعشرين .

                                                                          وزعم أهل العراق ، أو من زعم منهم : أنه بقي إلى دهر عثمان .

                                                                          وقال هارون بن عبد الله : سمعت محمد بن القاسم يذكر عن الفضل بن دلهم ، عن الحسن في قصة لأبي بن كعب ، فيه : ومات أبي قبل أن يقتل عثمان بجمعة أو عشر .

                                                                          قال هارون : ويقال : توفي بالمدينة سنة تسع عشرة ، ويقال : سنة اثنتين وعشرين في خلافة عمر ، ويقال : سنة ثلاثين في خلافة عثمان .

                                                                          وقال محمد بن سعد : قال محمد بن عمر : هذه [ ص: 272 ] الأحاديث التي تقدمت في موت أبي تدل على أنه مات في خلافة عمر بن الخطاب ، فيما رأيت أهله وغير واحد من أصحابنا يقولون : سنة ثنتين وعشرين بالمدينة ، وقد سمعنا من يقول : مات في خلافة عثمان بن عفان ، سنة ثلاثين ، وهو أثبت هذه الأقاويل عندنا ، وذلك أن عثمان بن عفان أمره أن يجمع القرآن .

                                                                          قال محمد بن سعد : وأخبرنا عارم بن الفضل ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، وهشام ، عن محمد بن سيرين : أن عثمان بن عفان جمع اثني عشر رجلا من قريش والأنصار ، فيهم أبي بن كعب ، وزيد بن ثابت في جمع القرآن .

                                                                          وقال خليفة بن خياط : سنة اثنتين وثلاثين يقال : فيها مات أبي بن كعب ، ويقال : بل مات في خلافة عمر بن الخطاب .

                                                                          وقال عبيد الله بن سعد الزهري : مات قبل عثمان ، وصلى عليه عثمان سنة اثنتين أو ثلاث وثلاثين .

                                                                          [ ص: 273 ] روى له الجماعة .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية