الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          316 - (ع ) : أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي .

                                                                          أبو محمد . ويقال أبو زيد . ويقال : أبو يزيد . ويقال : أبو حارثة المدني . الحب ابن الحب . مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأمه أم أيمن حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                          روى عن : النبي صلى الله عليه وسلم (ع) ، وعن بلال بن رباح (س) ، وأبيه زيد بن حارثة (س ق) ، وأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم (خ) .

                                                                          روى عنه : أبان بن عثمان بن عفان (س) إن كان محفوظا ، وإبراهيم بن سعد بن أبي وقاص (خ م) ، وحرملة مولاه (خ) ، وابنه الحسن بن أسامة بن زيد (ت ص) ، [ ص: 339 ] والحسن البصري (س) على خلاف فيه ، وأبو ظبيان الجنبي حصين بن جندب (خ م د س) ، والزبرقان بن عمرو بن أمية الضمري (س ق) ، وقيل : لم يلقه ، وأبو وائل شقيق بن سلمة الأسدي (م) ، وعامر بن سعد بن أبي وقاص (خ م ت) ، وعبد الله بن عباس (خ م س ق) ، وعروة بن الزبير (ع) ، وعطاء بن أبي رباح (س) ، وعطاء بن يسار (س) ، وعطاء بن يعقوب مولى ابن سباع (م) ، وعمر بن السائب ، وعمرو بن عثمان بن عفان (ع) ، وعياض بن صيري الكلبي ، وكريب مولى ابن عباس (خ م د س ق) ، وكلثوم بن المصطلق ، ومحمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي (ق) ، وابنه محمد بن [ ص: 340 ] أسامة بن زيد (ت ص) ، ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب (س) ، وأبو سعيد المقبري (س) ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف (ت س) ، وأبو عثمان النهدي (ع) ، وأبو هريرة (س) .

                                                                          استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على جيش فيه أبو بكر وعمر ، فلم ينفذ حتى توفي النبي صلى الله عليه وسلم ، فبعثه أبو بكر إلى الشام ، فأغار على أبنى من ناحية البلقاء ، وشهد مع أبيه غزوة مؤتة ، وقدم دمشق ، وسكن المزة مدة ، ثم انتقل إلى المدينة ، فمات بها ، ويقال : مات بوادي القرى سنة أربع وخمسين ، وهو ابن خمس وسبعين ، وقيل غير ذلك في مبلغ سنه وتاريخ وفاته .

                                                                          قال سليمان التيمي ، عن أبي عثمان النهدي ، عن أسامة بن زيد : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذني والحسن فيقول : " اللهم إني أحبهما فأحبهما " .

                                                                          أخبرنا بذلك أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد المقدسي في جماعة ، قالوا : أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد ، قال : أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين ، قال : أخبرنا الحسن بن علي الجوهري ، قال : أخبرنا أبو بكر بن مالك القطيعي ، قال : حدثنا بشر بن موسى ، قال : حدثنا هوذة بن خليفة ، قال : حدثنا سليمان التيمي ، فذكره .

                                                                          أخرجه البخاري والنسائي ، من رواية سليمان التيمي ، [ ص: 341 ] عن أبي عثمان النهدي ، ومن رواية سليمان التيمي ، عن أبي تميمة الهجيمي ، عن أبي عثمان النهدي ، عن أسامة بن زيد ، وقد وقع لنا عاليا جدا ، من رواية سليمان التيمي ، عن أبي عثمان النهدي ، كأن ابن طبرزد شيخ مشايخنا حدث به عن البخاري والنسائي في الرواية الثانية ، وعن أصحابهما في الرواية الأولى ، ولله الحمد والمنة .

                                                                          وقال إبراهيم بن سعد ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة : دخل قائف ورسول الله صلى الله عليه وسلم شاهد ، وأسامة بن زيد وزيد بن حارثة مضطجعان ، فقال : هذه الأقدام بعضها من بعض فسر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأعجبه ، وأخبر به عائشة .

                                                                          قال إبراهيم بن سعد : وكان - يعني زيدا - أبيض أحمر أشقر ، وكان أسامة بن زيد مثل الليل .

                                                                          [ ص: 342 ] وقال مغيرة عن الشعبي ، عن عائشة ، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " من أحب الله ورسوله ، فليحب أسامة بن زيد " رواه زائدة وأبو عوانة ، عن مغيرة .

                                                                          وقال وكيع ، عن سفيان - سمعه من أبي بكر بن أبي الجهم - قال : سمعت فاطمة بنت قيس ، قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أحللت فآذنيني " فآذنته ، فخطبها معاوية بن أبي سفيان ، وأبو الجهم ، وأسامة بن زيد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما معاوية ، فرجل ترب لا مال له ، وأما أبو الجهم ، فرجل ضراب للنساء ، ولكن أسامة " . قال : فقالت بيدها هكذا أسامة ! أسامة ، تقول لم ترده ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : " طاعة الله وطاعة رسوله خير لك " فتزوجته فأغبطته .

                                                                          أخبرنا بذلك الإمام أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر بن قدامة المقدسي في جماعة ، قالوا : أخبرنا حنبل بن عبد الله الرصافي ، قال : أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، قال : أخبرنا أبو علي بن المذهب ، قال : أخبرنا أبو بكر بن مالك ، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا وكيع فذكره .

                                                                          [ ص: 343 ] وقال عبد الله بن دينار عن ابن عمر : لما استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة ، طعن أناس في إمارته ، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر ، وقال : " بلغني أن رجالا يطعنون في إمارة أسامة ، وقد كانوا يطعنون في إمارة أبيه من قبله ، وايم الله إنه لخليق بالإمارة ، وإن كان أبوه لمن أحب الناس إلي ، وإنه لمن أحب الناس إلي من بعده " .

                                                                          أخبرنا بذلك أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد المقدسي ، وأم أحمد زينب بنت مكي الحراني ، قالا : أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد ، قال : أخبرنا الحافظ أبو القاسم عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي ، قال : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد الصريفيني ، قال : أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن حبابة ، قال : حدثنا أبو القاسم البغوي ، قال : حدثنا علي بن الجعد ، قال : أخبرنا عبد العزيز بن عبد الله عن عبد الله بن دينار ، فذكره .

                                                                          وقال وكيع ، عن شريك ، عن العباس بن ذريح ، عن البهي ، عن عائشة : أن أسامة عثر بعتبة الباب فدمي ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يمصه ، ويقول : " لو كان أسامة جارية لحليتها [ ص: 344 ] ولكسوتها حتى أنفقها " .

                                                                          أخبرنا بذلك الرئيس أبو الغنائم المسلم بن محمد بن علان في جماعة ، قالوا : أخبرنا أبو علي حنبل بن عبد الله ، قال : أخبرنا الرئيس أبو القاسم بن الحصين ، قال : أخبرنا أبو علي بن المذهب ، قال : أخبرنا أبو بكر بن مالك القطيعي ، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا وكيع ، فذكره .

                                                                          وقال عبد الله بن جعفر المدني ، عن عبد الله بن دينار : كان عمر بن الخطاب إذا رأى أسامة قال : السلام عليك أيها الأمير . فيقول أسامة : غفر الله لك يا أمير المؤمنين ، تقول لي هذا ؟! قال : وكان يقول له : لا أزال أدعوك ما عشت الأمير ، مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت علي أمير . تابعه أبو معشر المدني عن محمد بن قيس ، وكلاهما مرسل .

                                                                          وقال سفيان بن وكيع بن الجراح : حدثنا محمد بن بكر البرساني ، عن ابن جريج ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه : أن عمر بن الخطاب فرض لأسامة بن زيد في ثلاثة آلاف وخمس مائة ، وفرض لعبد الله بن عمر في ثلاثة آلاف فقال عبد الله بن [ ص: 345 ] عمر لأبيه : لم فضلت أسامة علي ، فوالله ما سبقني إلى مشهد . قال : لأن زيدا كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيك ، وكان أسامة أحب إلى رسول الله منك ، فآثرت حب رسول الله على حبي .

                                                                          أخبرنا بذلك أبو الحسن ابن البخاري ، قال : أخبرنا أبو حفص بن طبرزد ، قال : أخبرنا أبو غالب ابن البناء ، قال : أخبرنا القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراء ، قال : أخبرنا أبو القاسم موسى بن عيسى بن عبد الله السراج ، قال : حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي ، قال : حدثنا سفيان بن وكيع بن الجراح ، فذكره .

                                                                          رواه الترمذي عن سفيان بن وكيع فوقع لنا موافقة له عالية .

                                                                          وقال البخاري في " التاريخ " : حدثنا موسى بن إسماعيل قال : حدثنا حماد - وهو ابن سلمة - عن هشام ، عن أبيه : أن النبي صلى الله عليه وسلم أخر الإفاضة بعض التأخير من أجل أسامة بن زيد ، ذهب يقضي حاجته ، فلما جاء ، جاء غلام أفطس أسود ، فقال أهل اليمن : ما حبسنا بالإفاضة اليوم إلا من أجل هذا . قال عروة : إنما كفرت اليمن بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم من أجل أسامة .

                                                                          [ ص: 346 ] رواه محمد بن سعد ، عن يزيد بن هارون ، عن حماد بن سلمة بمعناه ، وزاد : قال : قلت ليزيد بن هارون : ما يعني بقوله : كفر أهل اليمن من أجل هذا ؟ فقال : ردتهم التي ارتدوا زمن أبي بكر ، إنما كانت لاستخفافهم بأمر النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                          وقال الواقدي : حدثني محمد بن الحسن بن أسامة بن زيد عن أهله : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسامة ابن تسع عشرة سنة ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجه وهو ابن خمس عشرة سنة امرأة من طيئ ، ففارقها ، وزوجه أخرى ، وولد له في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأولم رسول الله صلى الله عليه وسلم على بنائه بأهله . هذا منقطع .

                                                                          وقال الواقدي أيضا : أخبرنا عبد الله بن جعفر الزهري ، قال : [ ص: 347 ] أخبرني إسماعيل بن محمد بن سعد ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنكحوا أسامة بن زيد فإنه عربي صليب " ومات أسامة بن زيد في خلافة معاوية بالمدينة ، وهذا منقطع أيضا .

                                                                          روى له الجماعة .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية