الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - والمقاصد ضربان :

            ضروري في أصله ، وهي أعلى المراتب ، كالخمسة التي روعيت في كل ملة : حفظ الدين ، والنفس ، والعقل ، والنسل ، والمال . كقتل الكفار ، والقصاص ، وحد المسكر ، وحد الزنا ، وحد السارق والمحارب .

            ومكمل للضروري ، كحد قليل المسكر .

            وغير ضروري ، حاجي ، كالبيع والإجارة والقراض [ ص: 118 ] والمساقاة ، وبعضها آكد من بعض .

            وقد يكون ضروريا ، كالإجارة على تربية الطفل وشراء المطعوم والملبوس له ولغيره .

            ومكمل له ، كرعاية الكفاءة ، ومهر المثل في الصغيرة ، فإنه أفضى إلى دوام النكاح .

            وغير حاجي ، ولكنه تحسيني ، كسلب العبد أهلية الشهادة لنقصه عن المناصب الشريفة جريا على ما ألف من محاسن العادات .

            التالي السابق


            ش - اعلم أن المقاصد من شرع الأحكام ضربان : ضروري ، وغير ضروري .

            والضروري إما أن يكون ضروريا في أصله ، أو مكملا لما هو ضروري في أصله .

            والمقاصد الضرورية في أصلها هي أعلى المراتب ، كالخمسة التي روعيت في كل ملة ، وهي حفظ الدين ، والعقل ، والنفس ، والنسل ، والمال .

            أما الدين فهو محفوظ بقتل الكفار ، وقد نبه الله - تعالى - عليه [ ص: 119 ] بقوله : قاتلوا الذين لا يؤمنون .

            وأما النفس فهي محفوظة بشرع القصاص ، وقد نبه الله - تعالى - عليه بقوله : ولكم في القصاص حياة .

            وأما العقل ، فهو محفوظ بشرع حد الشرب ، وقد نبه الله - تعالى - بقوله : إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر .

            وأما النسل ، فهو محفوظ بشرع حد الزنا ; لأن المزاحمة على الأبضاع يفضي إلى اختلاط الأنساب المفضي إلى انقطاع التعهد من الأولاد .

            وأما حفظ المال ، فهو حاصل بشرع حد السارق وعقوبة المحارب والغاصب .

            وأما الضروري الذي هو مكمل للضروري في أصله ، كالمبالغة في حفظ العقل ، ويحصل بإيجاب الحد على شارب قليل المسكر .

            وأما غير الضروري ، إما حاجيا أو غير حاجي ، والحاجي إما في أصله أو مكمل له .

            أما الحاجي في أصله ، فكالبيع والإجارة والقراض والمساقاة [ ص: 120 ] وغيرها من المعاملات ، وبعضها آكد من بعض .

            وقد يكون في رتبة الضروري ، كالإجارة على تربية الطفل ، وشرى المطعوم والملبوس للطفل ولغيره ، فإنها في رتبة الضروري ، لأن الهلاك قد يحصل بانتفائها .

            وأما ما هو مكمل للحاجي ، كرعاية الكفاءة ، ومهر المثل في تزويج الصغيرة ; لأن ذلك أفضى إلى دوام النكاح الذي هو محل الحاجة ، وأما غير الحاجي لا بد وأن يكون في محل التحسين ، وإلا لم يكن مقصودا ، ويسمى تحسينيا ، كسلب أهلية الشهادة عن العبد لنقصه عن المناصب الشريفة ، جريا على ما هو المألوف والمعهود من محاسن العادات .




            الخدمات العلمية