الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - قالوا : العقل يمنع ما لا يؤمن فيه الخطأ ، ورد بأن منعه هنا ليس إحالة ، ولو سلم ، فإذا ظن الصواب ، لا يمنع .

            قالوا : قد علم الأمر بمخالفة الظن ، كالشاهد الواحد والعبيد ورضيعة في عشر أجنبيات .

            قلنا : بل قد علم خلافه كخبر الواحد وظاهر الكتاب [ ص: 143 ] والشهادات وغيرها ، وإنما منع لمانع خاص .

            التالي السابق


            ش - المانعون من جواز التعبد عقلا احتجوا بوجهين :

            الأول : أن القياس لا يؤمن وقوع الخطأ فيه لكونه مظنونا ، وكل ما لا يؤمن وقوع الخطأ فيه ، يمنعه العقل لكون الخطأ محظورا ، فلا يجوز العقل التعبد بما يكون محذورا .

            أجاب بأن منع العقل في مثل ما لا يؤمن وقوع الخطأ فيه ، ليس منع إحالة ، بل منع احتياط .

            ولو سلم أن منع العقل ما لا يؤمن وقوع الخطأ فيه منع إحالة ، لكن إذا ظن الصواب ، لا يمنع العقل ; لأن ظن الصواب يؤمن وقوع الخطأ فيه .

            وفيه نظر ، فإن ظن الصواب يحتمل الخطأ عند العقل ، وإن لم يحتمله في نفس الأمر ، فيمنعه العقل ; لأنه عند العقل مما لا يؤمن فيه الخطأ .

            الثاني : أن الشارع قد أمر بمخالفة الظن ; لأنه منع من الحكم بشاهد واحد وبشهادة العبد ، وإن أفادت الظن ، ومنع من نكاح الأجنبيات إذا اشتبهن برضيعة ، وإن ظن بواحدة أنها أجنبية .

            [ ص: 144 ] والتعبد بالقياس هو الأمر بمتابعة الظن . والعقل لا يجوز أن يأمر الشارع بموافقة الظن مع أمره بمخالفته .

            أجاب بأن لا نسلم أنه أمر بمخالفة الظن ، بل علم أنه أمر بمتابعة الظن ، كالأمر بمتابعة خبر الواحد ، وظاهر الكتاب والشهادات وغيرها من المظنونات .

            وإنما منع الشارع في الصور التي ذكرتم العمل بالظن لمانع خاص ، لا لعدم جواز العمل بالظن ، جمعا بين الدليلين .




            الخدمات العلمية