الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ 3296 ] أخبرنا أبو بكر بن فورك ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا يونس بن حبيب ، حدثنا أبو داود ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن أبي عثمان ، قال : كنا مع أبي هريرة في سفر ، فحضر الطعام فبعثنا إلى أبي هريرة ، وهو يصلي فجاء الرسول فذكر أنه صائم ، فوضع الطعام ليؤكل ، فجاء أبو هريرة وقد كادوا يفرغون منه ، فتناوله ، فجعل يأكل ، فنظروا إلى الرجل الذي أرسلوه إلى أبي هريرة ، [ ص: 196 ] فقال : ما تنظرون إلي ؟ قد والله أخبرني أنه صائم . قال : صدق . ثم قال أبو هريرة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "صوم شهر الصبر وثلاثة أيام من الشهر صوم الدهر " فأنا صائم في تضعيف الله ومفطر في تخفيفه .

قال الإمام أحمد : وروى نحو هذا من أبي ذر .

وروينا في حديث أبي مالك الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "الصبر ضياء " .

وإنما سمي الصيام صبرا ؛ لأن الصبر في كلام العرب الحبس ، والصائم يحبس نفسه عن أشياء جعل الله تعالى قوام بدنه بها ، وسمي الصبر ضياء لأن الشهوات إذا أنفخت به انجلى من القلب الظلام الغاشي إياه باستيلاء الشهوات على النفس ، فأبصر مواقع النفع له من عبادة الله تعالى ، فآثرها وابتدر إليها ، ومواقع الضرر الذي يلحقه من معاصي الله فاعتزلها ، وكف عنها ، وقد سماه في خبر آخر نصف صبر .

التالي السابق


الخدمات العلمية