الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ 3557 ] أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، حدثنا أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري الأديب الهروي بها إملاء ، أخبرنا أبو علي الحسين بن إدريس الأنصاري ، حدثنا أبو عبيد الله ابن أخي ابن وهب ، حدثني محمد بن الفرج الصدفي ، حدثنا عمرو بن هاشم البيروتي ، عن ابن أبي كريمة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : كانت ليلة النصف من شعبان ليلتي ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي ، فلما كان في جوف الليل فقدته ، فأخذني ما [ ص: 365 ] يأخذ النساء من الغيرة ، فتلففت بمرطي ، أما والله ما كان خز ولا قز ولا حرير ولا ديباج ولا قطن ولا كتان . قيل لها : مم كان يا أم المؤمنين ؟ قالت : كان سداه شعر ولحمته من أدبار الإبل . قالت : فطلبته في حجر نسائه فلم أجده ، فانصرفت إلى حجرتي ، فإذا أنا به كالثوب الساقط ، وهو يقول في سجوده : "سجد لك خيالي ، وسوادي ، وآمن بك فؤادي . فهذه يدي ، وما جنيت بها على نفسي ، يا عظيم يرجى لكل عظيم! يا عظيم اغفر الذنب العظيم . سجد وجهي للذي خلقه ، وشق سمعه وبصره " .

ثم رفع رأسه ، ثم عاد ساجدا فقال : "أعوذ برضاك من سخطك ، وأعوذ بعفوك من عقابك ، وأعوذ بك منك (لا أحصي ثناء عليك) أنت كما أثنيت على نفسك ، أقول كما قال أخي داود : أعفر وجهي في التراب لسيدي ، وحق له أن يسجد " ثم رفع رأسه . فقال : "اللهم ارزقني قلبا تقيا من الشر نقيا لا جافيا ولا شقيا " ثم انصرف فدخل معي في الخميلة ولي نفس عال . فقال : "ما هذا النفس يا حميراء ؟ " فأخبرته ، فطفق يمسح بيديه على ركبتي وهو يقول : "ويح هاتين الركبتين ما لقيتا! هذه الليلة ليلة النصف من شعبان ، ينزل الله تعالى فيها إلى السماء الدنيا فيغفر لعباده إلا المشرك والمشاحن " .


التالي السابق


الخدمات العلمية