الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ 3421 ] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو الحسين عبد الصمد بن علي بن مكرم [ ص: 277 ] البزار ببغداد ، حدثنا يعقوب بن يوسف القزويني ، حدثنا القاسم بن الحكم العرني ، حدثنا هشام بن الوليد ، عن حماد بن سليمان السدوسي ، - شيخ لنا يكنى أبا الحسن - ، عن الضحاك بن مزاحم ، عن عبد الله بن عباس أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إن الجنة لتنجد وتزين من الحول إلى الحول لدخول شهر رمضان ، فإذا كانت أول ليلة من شهر رمضان هبت ريح من تحت العرش يقال لها "المثيرة " تصفق ورق أشجار الجنان ، وحلق المصاريع ، يسمع لذلك طنين لم يسمع السامعون أحسن منه فيثبن الحور العين ، حتى يشرفن على شرف الجنة ، فينادين : هل من خاطب إلى الله فيزوجه ؟ ثم يقلن الحور العين : يا رضوان الجنة ما هذه الليلة ؟ فيجيبهن بالتلبية ، ثم يقول : هذه أول ليلة من شهر رمضان ، فتحت أبواب الجنة على الصائمين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم " قال : ويقول الله - عز وجل : يا رضوان ، افتح أبواب الجنان ؛ ويا مالك أغلق أبواب الجحيم على الصائمين من أمة محمد ؛ ويا جبريل اهبط إلى الأرض فاصفد مردة الشياطين ، وغلهم بالأغلال ، ثم اقذفهم في البحار حتى لا يفسدوا على أمة محمد حبيبي صيامهم ، قال : ويقول عز وجل في كل ليلة من شهر رمضان لمناد ينادي ثلاث مرات : هل من سائل فأعطيه سؤله ؟ هل من تائب فأتوب عليه ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ من يقرض المليء غير المعدم ، والوفي غير الظلوم ؟ قال : ولله عز وجل في كل يوم من شهر رمضان عند الإفطار ألف ألف عتيق من النار ، كلهم قد استوجبوا النار ، فإذا كان آخر يوم من شهر رمضان أعتق الله في ذلك اليوم بقدر ما أعتق من أول الشهر إلى آخره . وإذا كانت ليلة القدر يأمر الله عز وجل جبريل عليه السلام فيهبط في كبكبة من الملائكة إلى الأرض ، ومعهم لواء أخضر ، فيركز اللواء على ظهر الكعبة ، وله مائة جناح ، منها جناحان لا ينشرهما إلا في تلك الليلة ، فينشرهما في تلك الليلة ، فيجاوز المشرق إلى المغرب ، فيبث جبريل عليه السلام الملائكة في هذه الليلة ، فيسلمون على كل قائم وقاعد ومصل وذاكر ، يصافحونهم ويؤمنون على دعائهم حتى يطلع الفجر ، فإذا طلع الفجر ينادي جبريل : معاشر الملائكة ، الرحيل الرحيل! فيقولون : يا جبريل فما صنع الله في حوائج المؤمنين من [ ص: 278 ] أمة محمد صلى الله عليه وسلم ؟ فيقول جبريل : نظر الله إليهم في هذه الليلة فعفا عنهم وغفر لهم إلا أربعة " فقلنا : يا رسول الله! من هم ؟ قال : "رجل مدمن خمر ؛ وعاق لوالديه ؛ وقاطع رحم ؛ ومشاحن " قلنا : يا رسول الله! ما المشاحن ؟ قال : "هو المصارم . فإذا كانت ليلة الفطر سميت تلك الليلة ليلة الجائزة . فإذا كانت غداة الفطر بعث الله الملائكة في كل بلاد فيهبطون إلى الأرض فيقومون على أفواه السكك ، فينادون بصوت يسمع من خلق الله عز وجل إلا الجن والإنس ، فيقولون : يا أمة محمد! اخرجوا إلى رب كريم يعطي الجزيل ، ويعفو عن الذنب العظيم ؛ فإذا برزوا إلى مصلاهم يقول الله عز وجل للملائكة : ما جزاء الأجير إذا عمل عمله ؟ فتقول الملائكة : إلهنا وسيدنا! جزاؤه أن توفيه أجره . قال فيقول : فإني أشهدكم يا ملائكتي أني قد جعلت ثوابهم من صيامهم شهر رمضان وقيامه رضائي ومغفرتي . ويقول : يا عبادي سلوني ؛ فوعزتي وجلالي لا تسألوني اليوم شيئا في جمعكم لآخرتكم إلا أعطيتكم ، ولا لدنياكم إلا نظرت لكم . فوعزتي لأسترن عليكم عثراتكم ما راقبتموني ؛ فوعزتي لا أخزيكم ، ولا أفضحكم بين يدي أصحاب الحدود ، انصرفوا مغفورا لكم قد أرضيتموني ، ورضيت عنكم . فتفرح الملائكة ، ويستبشرون بما يعطي الله عز وجل هذه الأمة إذا أفطروا من شهر رمضان " .

التالي السابق


الخدمات العلمية