الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ 3783 ] أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أخبرنا أبو عمرو بن مطر ، أخبرنا محمد بن يحيى بن [ ص: 505 ] الحسين العمي ، حدثنا ابن عائشة ، حدثنا حماد بن سلمة ، حدثنا أبو عاصم الغنوي ، عن أبي الطفيل ، قال : قلت لابن عباس يزعم قومك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف بين الصفا والمروة على بعير ، وأن ذلك سنة . قال صدقوا وكذبوا ، قال قلت ما صدقوا وكذبوا ؟ قال صدقوا طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة على بعير ، وكذبوا ليس بسنة ، كان الناس لا يدفعون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يصدون ، فطاف على بعير ليسمعوا كلامه وليروا مكانه ، ولا تناله الأيدي . قلت ويزعم قومك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رمل بالبيت ، وذاك سنة . قال صدقوا وكذبوا . قلت ما صدقوا وكذبوا ؟ قال قد صدقوا قد رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت ، وكذبوا ليس بسنة ، إن قريشا قالت زمن الحديبية دعوا محمدا وأصحابه حتى يموتوا موت النغف - قال ابن عائشة : ديدان تكون في مناخر الشاة - فلما صالحوه على أن يجيئوا من العام المقبل فيقيموا بمكة ثلاثة أيام ، قال فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشركون من قبل قعيقعان ، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ارملوا بالبيت ثلاثا وليس بسنة " .

قلت ويزعم قومك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سعى بين الصفا والمروة وأن ذلك سنة . قال : صدقوا ، إن إبراهيم عليه السلام لما ابتلي بصبر المناسك عرض له شيطان عند المسعى فسابقه إبراهيم فسبقه إبراهيم ، ثم ذهب به جبريل إلى الجمرة فعرض له شيطان فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ، ثم عرض له شيطان عند الجمرة الوسطى فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ، ثم تله للجبين وعلى إسماعيل قميص أبيض فقال : يا أبة : إنه ليس لي ثوب تكفنني فيه فعالجه ليخلعه ، فنودي من خلفه : ( أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين ) [ ص: 506 ]

قال : فالتفت إبراهيم فإذا هو بكبش أقرن أعين أبيض فذبحه ، قال ابن عباس : فلقد رأيتنا نتبع ذلك الضرب من الكباش فلما ذهب به جبريل إلى الجمرة القصوى فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ثم ذهب به جبريل إلى منى . فقال هذا مناخ الناس ثم أتى به جمعا فقال : هذا المشعر الحرام ، ثم ذهب به إلى عرفة ، قال فقال ابن عباس هل تدري لم سميت العرفة عرفة ؟ قلت : ولم ؟ قال : إن جبريل عليه السلام قال لإبراهيم : هل عرفت . قال : نعم . قال ابن عباس فمن ثم سميت عرفة ثم قال فهل تدري كيف كانت التلبية ؟ قلت وكيف كانت ، قال : لأن إبراهيم لما أمر أن يؤذن في الناس (بالحج) فخفضت له الجبال برؤوسها ورفعت له القرى فأذن في الناس بالحج .


قال الشيخ أحمد : قول ابن عباس في الرمل وليس بسنة يشبه أن يكون أراد ليس بسنة يفسد الحج بتركه أو يجب على من تركه شيء والله أعلم .

وقد روينا عن عمر بن الخطاب ما يدل على أنه بقي هيئته في الطواف مع زوال سببه وفي رمل النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بعد زوال السبب دلالة على بقائه مشروعا .

وروينا عن سالم بن أبي الجعد ، عن ابن عباس رفعه قال : لما أتى إبراهيم خليل الرحمن المناسك عرض له الشيطان عند الجمرة فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض ، ثم عرض له عند الجمرة الثانية فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض ، ثم عرض له في الجمرة الثالثة فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض ، قال ابن عباس : الشيطان ترجمون وملة أبيكم تتبعون .

[ 3784 ] أخبرناه أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا محمد بن صالح بن هانئ ، حدثنا محمد بن [ ص: 507 ] أحمد بن أنس ، حدثنا حفص بن عبد الله ، حدثني إبراهيم بن طهمان ، حدثنا الحسن بن عبيد الله ، عن سالم بن أبي الجعد . . . فذكره .

التالي السابق


الخدمات العلمية