الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ 3749 ] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن موسى العدل من أصل كتابه ، حدثنا محمد بن صالح الكيليني ، حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني ، حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد العمي ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري قال : حججنا مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فلما دخل الطواف استقبل الحجر فقال : إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك ما قبلتك ، ثم قبله ، فقال له علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - بلى ، يا أمير المؤمنين! إنه يضر وينفع . قال : بم ؟ قال بكتاب الله - عز وجل - قال : وأين ذلك من كتاب الله ؟ قال : قال الله عز وجل : ( وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى ) . [ ص: 481 ]

خلق الله آدم ، ومسح على ظهره ، فقررهم بأنه الرب ، وأنهم العبيد ، وأخذ عهودهم ومواثيقهم ، وكتب ذلك في رق ، وكان لهذا الحجر عينان ولسان ، فقال له : افتح فاك قال : ففتح فاه ، فألقمه ذلك الرق . فقال : اشهد لمن وافاك بالموافاة يوم القيامة ، وإني أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "يؤتى يوم القيامة بالحجر الأسود ، وله لسان ذلق ، يشهد لمن يستلمه بالتوحيد " فهو يا أمير المؤمنين يضر وينفع .

فقال عمر : أعوذ بالله أن أعيش في قوم لست فيهم يا أبا الحسن .


قال الشيخ أحمد : أبو هارون العبدي غير قوي . فإن صح فأمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه - كان قد عبد الحجر ، فحين أهوى إلى الركن كأنه هاب ما كان عليه في الجاهلية ، فتبرأ من كل شيء سوى الله تعالى ، وأخبره بأنه حجر لا يضر ولا ينفع .

يريد ما كان على هيئته حجرا ، وإنه إنما يقبله متابعة للسنة . وقول أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - إنه يضر وينفع ، يريد به إذا خلق الله تعالى فيه حياة ، وأذن له في الشهادة . وذلك أنه يعلم بخبر الرسول صلى الله عليه وسلم وكان عنده في ذلك خبر فأخبر به ، فقبله عمر رضي الله عنهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية