الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ 3704 ] أخبرنا أبو نصر عمر بن قتادة ، أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسن السراج ، حدثنا أبو شعيب الحراني ، حدثنا داود بن عمرو ، حدثنا أبو الأحوص سلام بن سليم ، عن سماك بن حرب ، عن خالد بن عرعرة قال : أتيت الرحبة فإذا أنا بنفر جلوس قريب من ثلاثين أو أربعين رجلا ، فقعدت معهم فخرج علينا علي بن أبي طالب رضي الله عنه فما رأيته أنكر أحدا من القوم غيري ، فقال : ألا رجل يسأل فينتفع ، وينفع جلساءه ؟ قال : فقام رجل فقال : ( والذاريات ذروا ) قال : [ ص: 453 ] الريح ، قال فما ( فالحاملات وقرا ) قال : هي السحاب ، قال : فما ( فالجاريات يسرا ) ؟ قال : هي السفن قال : فما ( فالمقسمات أمرا ) ؟ قال : هي الملائكة .

قال : فما (الجوار الكنس) ؟ قال : هي الكواكب .

قال : فما (السقف المرفوع) ؟ قال : السماء .

قال : فما (البيت المعمور) ؟ ، قال : بيت في السماء يقال له الضراح ، وهو بحيال الكعبة من فوقها ، حرمته في السماء كحرمة البيت في الأرض ، يصلي فيه كل يوم سبعون ألفا من الملائكة لا يعودون فيه أبدا .

قال : ثم جلس الرجل . فقال علي : ألا رجل يسأل فينتفع وينفع جلساءه ؟ قال : فقام رجل فقال : ما (العاصفات عصفا) ؟ قال : الريح ، فقال له رجل : ألا تحدثني ماذا البيت ؟ هو أول بيت وضع في الأرض ؟ قال : لا ولكنه أول بيت وضع فيه البركة [ ص: 454 ] ( مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ) وإن شئت أنبأتك كيف بني ؟ إن الله عز وجل أوحى إلى إبراهيم عليه السلام أن ابن لي بيتا في الأرض ، فضاق إبراهيم بذلك ذرعا ، فأرسل الله إليه السكينة ، وهي ريح خجوج حتى انتهت إلى مكة ، وتطوقت موضع البيت ، وأمر إبراهيم أن يبني حيث تستقر السكينة . قال : فبنى إبراهيم حيث استقرت السكينة .

قال : وكان يبني هو وابنه حتى بلغ موضع الحجر الأسود ، فقال إبراهيم لابنه : ابغني حجرا . قال : فذهب الغلام يبني ساقا فقال إبراهيم : ابغني حجرا كما أمرتك ، قال : فذهب الغلام ليلتمس حجرا ، قال : فأتاه وقد ركب الحجر الأسود في مكانه ، فقال له : يا أبت من أتاك بهذا الحجر ؟ قال : أتاني به من لم يتكل على (بنائي و) بنائك ، جاءه به جبريل عليه السلام من السماء .

قال : فبناه ، فمر عليه الدهر ، فانهدم ، فبنته العمالقة ، قال : فمر عليه الدهر فانهدم ، فبنته جرهم ، فمر عليه الدهر فانهدم فبنته قريش ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ رجل شاب ، فلما أرادوا أن يرفعوا الحجر الأسود واختصموا فيه ، فقالوا : يحكم بيننا أول رجل يخرج من هذه السكة ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أول من خرج عليهم ، فقضى بينهم أن يجعلوه في مرط ثم يرفعه جميع القبائل كلهم .

وروينا من وجه آخر عن سماك فقال : في السكينة : لها رأس ، وقال : ثم تطوقت موضع البيت تطوق الحية . وقال في آخره : فرفعوه وأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعه .

[ ص: 455 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية