الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ولا يجوز أن يشرع إلى طريق نافذ جناحا ولا ساباطا ) . وكذا لا يجوز أن يخرج دكة . وهذا المذهب مطلقا . نص عليه في رواية أبي طالب ، وابن منصور ، ومهنا ، وغيرهم . انتهى . وعليه جماهير الأصحاب . وقطع به كثير منهم . وهو من مفردات المذهب . وحكي عن الإمام أحمد رحمه الله جوازه بلا ضرر . ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله في شرح العمدة . واختاره هو وصاحب الفائق . فعلى المذهب فيهما وفي الميزاب الآتي حكمه يضمن ما تلف بهم . ويأتي ذلك في كلام المصنف في آخر باب الغصب . وفي سقوط نصف الضمان ، بناء على أصله : وجهان . وأطلقهما في الفروع ، والرعاية في باب الغصب . قلت : الصواب ضمان الجميع . ثم وجدت المصنف والشارح في كتاب الغصب قالا لمن قال من أصحاب الشافعي : إنه يضمن بالنصف لأنه إخراج يضمن به البعض . فضمن به الكل ، لأنه المعهود في الضمان . وقال الحارثي : وقال الأصحاب : وبأن النصف عدوان . فأوجب كل الضمان . فظاهر ما قالوا : أنه يضمن الجميع . [ ص: 255 ]

فائدتان إحداهما : لا يجوز إخراج الميزاب إلى الطريق النافذ ، ولا إلى درب غير نافذ إلا بإذن أهله ، على الصحيح من المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . قال في القواعد الفقهية : هو كإشراع الأجنحة عند الأصحاب . وهو كما قال وهو من المفردات . وفي المغني ، والشرح احتمال بالجواز ، مع انتفاء الضرر . وحكي رواية عن الإمام أحمد ذكره الشيخ تقي الدين رحمه الله في شرح العمدة . كما تقدم . قلت : وعليه العمل في كل عصر ومصر . قال في القواعد الفقهية : اختاره طائفة من المتأخرين . قال الشيخ تقي الدين رحمه الله : إخراج الميازيب إلى الدرب : هو السنة . واختاره . وقدمه في النظم . فعلى هذا : لا ضمان .

تنبيه : محل عدم الجواز والضمان في الجناح والساباط والميازيب : إذا لم يأذن فيه الإمام أو نائبه . فأما إن أذن أحدهما فيه : جاز ذلك إن لم يكن فيه ضرر ، عند جماهير الأصحاب . قال في الفروع : وجوز ذلك الأكثر بإذن الإمام . وقاله في القواعد عن القاضي ، والأكثر . وجزم به في التلخيص ، والمحرر ، والنظم وغيرهم . قال الحارثي : وجزم به القاضي في المجرد ، والتعليق الكبير ، وابن عقيل في الفصول . وقيل : لا يجوز ، ولو أذن فيه . قدمه في المغني ، والشرح ، والرعايتين ، والفائق ، والحاويين . [ ص: 256 ] وقال الحارثي ، في باب الغصب : والمذهب المنصوص : عدم الإباحة مطلقا ، كما تقدم في باب الصلح . انتهى .

وقدمه في القاعدة الثامنة والثمانين . وقال : نص عليه في رواية أبي طالب ، وابن منصور ، ومهنا ، وغيرهم . قاله القاضي في المجرد . قلت : بل هو ظاهر كلام المصنف هنا . وقال المجد في شرحه ، في كتاب الصلاة : إن كان لا يضر بالمارة جاز . وهل يفتقر إلى إذن الإمام ؟ على روايتين .

الثانية : لم يذكر الأصحاب مقدار طول الجدار الذي يشرع عليه الجناح ، والميزاب والساباط ، إذا قلنا بالجواز . لكن حيث انتفى الضرر جاز . وقال في التلخيص ، والترغيب : يكون بحيث يمكن عبور محمل . وقدمه في الرعاية الكبرى . واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله . وقال بعض الأصحاب : يكون بحيث يمكن مرور رمح قائما بيد فارس . قوله ( ولا دكانا ) . لا يجوز أن يشرع دكانا في طريق نافذ ، سواء أذن فيه الإمام أو لا . على الصحيح من المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . قال في المغني ، والشرح ، والحاوي الكبير : لا نعلم فيه خلافا . وقدمه في الفروع . وقيل : حكمه حكم الجناح ونحوه . قال في الفروع : مع أن الأصحاب لم يجوزوا حفر البئر والبناء في ذلك لنفسه وكأنه لما فيه من الدوام . قال : ويتوجه من هذا الوجه : تخريج يعني : في جواز حفر البئر والبناء . وظاهر كلامه في الرعاية الكبرى : جواز إخراج الدكان . وإن منعنا من غيره على المقدم . [ ص: 257 ] فإنه قال : وليس لأحد أن يخرج إلى درب نافذ من ملكه روشنا . ولا كذا ، ولا كذا . وقيل : ولا دكانا . ولعله سهو ، إن لم يكن في النسخة غلط .

تنبيه : ممن ذكر " الدكان " كالمصنف واقتصر عليه : أبو الخطاب في الهداية والمستوعب ، وجمع كثير . وممن ذكر " الدكة " واقتصر عليها ، ولم يذكر " الدكان " جماعة . منهمابن حمدان في الرعاية الصغرى ، وصاحب الحاوي الصغير . وقد فسر ابن منجى " الدكان " في كلام المصنف بالدكة . قال في المطلع : قال أبو السعادات " الدكان " الدكة المبنية للجلوس عليها . وقال في البدر المنير " الدكة " المكان المرتفع يجلس عليه . وهو المصطبة . وجمع ابن حمدان في الرعاية الكبرى بينهما . فقال : وليس لأحد أن يخرج إلى طريق نافذ دكة ، وقيل : ولا دكانا . انتهى .

فغاير بينهما . وقد قال الجوهري " الدكان " الحانوت . انتهى .

فهو غير " الدكة " عنده . وقال في البدر المنير : و " الدكان " يطلق على الحانوت ، وعلى " الدكة " التي يقعد عليها . انتهى .

وقال في القاموس : " الدكة " بالفتح . و " الدكان " بالضم : بناء يسطح أعلاه للمقعد . [ انتهى . ] قوله ( ولا أن يفعل ذلك في درب غير نافذ ، إلا بإذن أهله ) . بلا نزاع . وكذا لا يجوز له أن يفعل ذلك في هواء جاره إلا بإذنه . قوله ( فإن صالح عن ذلك بعوض : جاز ، في أحد الوجهين ) . وهو المذهب . قال في الفروع : ويصح صلحه عن معلومه بعوض في الأصح ، [ ص: 258 ] وصححه في التصحيح ، والفائق ، والرعايتين ، والحاويين . واختاره أبو الخطاب وغيره . وجزم به في المحرر ، والوجيز ، والمنور ، وغيرهم . وقدمه في المغني ، والشرح ، وغيرهما .

الوجه الثاني : لا يجوز . اختاره القاضي . وجزم به في نهاية ابن رزين . ورده المصنف ، والشارح . وأطلقهما في المذهب ، والخلاصة .

التالي السابق


الخدمات العلمية