الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فائدة

" المضاربة " هي دفع ماله إلى آخر يتجر به . والربح بينهما . كما قال المصنف . وتسمى " قراضا " أيضا . واختلف في اشتقاقها . والصحيح : أنها مشتقة من الضرب في الأرض . وهو السفر فيها للتجارة غالبا . وقيل : من ضرب كل واحد منهما بسهم في الربح . و " القراض " مشتق من القطع على الصحيح . فكأن رب المال اقتطع من ماله قطعة وسلمها إلى العامل ، واقتطع له قطعة من الربح . وقيل : مشتق من المساواة والموازنة . فمن العامل : العمل ، ومن الآخر : المال . فتوازنا . ومبنى " المضاربة " على الأمانة والوكالة . فإذا ظهر ربح صار شريكا فيه . فإن فسدت : صارت إجارة . ويستحق العامل أجرة المثل . فإن خالف العامل صار غاصبا . [ ص: 428 ] قوله ( وإن قال : خذه مضاربة ، والربح كله لك ، أو لي : لم يصح ) . يعني إذا قال إحداهما ، مع قوله " مضاربة " لم يصح . وهذا المذهب . جزم به في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والمغني ، والشرح ، وشرح ابن منجى ، وغيرهم . قال القاضي ، وابن عقيل ، وأبو الخطاب ، وغيرهم : هي مضاربة فاسدة يستحق فيها أجرة المثل . وكذا قال في المغني ، لكنه قال : لا يستحق شيئا في الصورة الثانية ، لأنه دخل على أن لا شيء له ورضي به . وقاله ابن عقيل في موضع آخر من المساقاة . وقال في المغني ، في موضع آخر : إنه إبضاع صحيح . فراعى الحكم دون اللفظ . وعلى هذا : يكون في الصورة الأولى قرضا . ذكره في القاعدة الثامنة والثلاثين . قوله ( وإن قال : ولي ثلث الربح ) . يعني : ولم يذكر نصيب العامل . ( فهل يصح ؟ على وجهين ) . وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والتلخيص ، والبلغة ، والرعايتين ، والحاوي الصغير .

أحدهما : يصح . والباقي بعد الثلث للعامل . وهو الصحيح من المذهب . صححه المصنف ، والشارح ، وابن الجوزي في المذهب ، والناظم ، وصاحب الفروع ، والفائق ، والتصحيح ، وغيرهم . وجزم به في المحرر ، والوجيز . واختاره القاضي في المجرد ، وابن عقيل . وقالا : اختاره ابن حامد . ذكره في التصحيح الكبير . [ ص: 429 ] والثاني : لا يصح . فتكون المضاربة فاسدة . فعلى المذهب : لو أتى معه بربع عشر الباقي ونحوه : صح . على الصحيح من المذهب . قال في الفروع : في الأصح . وقيل : لا يصح . ويكون الربح لرب المال . وللعامل أجرة مثله . نص عليه .

فائدتان

إحداهما : لو قال " لك الثلث ولي النصف " صح . وكان السدس الباقي لرب المال . قاله في الرعاية الكبرى ، وغيرها .

الثانية : حكم المساقاة والمزارعة : حكم المضاربة فيما تقدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية