الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          [ ص: 152 ] 1231 - (س) : الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي ، أبو محمد المدني ، أمه أم ولد قدم بغداد .

                                                                          روى عن : أبيه زيد بن الحسن ، وعبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، وابن عمه عبد الله بن حسن بن حسن ، وعكرمة مولى ابن عباس (س) ، والمطلب بن عبد الله بن حنطب ، ومعاوية بن عبد الله بن جعفر .

                                                                          روى عنه : ابنه إسماعيل بن الحسن بن زيد ، وزياد بن خيثمة ، وزيد بن الحباب ، وأبو أويس عبد الله بن عبد الله المدني ، وعبد الله بن كثير بن جعفر بن أبي كثير ، وعبد الرحمن بن أبي الزناد ، ومالك بن أنس ، ومحمد بن إسحاق بن يسار ، ومحمد بن عبد الله بن علاثة ، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب (س) ، ووكيع بن الجراح .

                                                                          وكان من سادات بني هاشم ، وسرواتهم وأجوادهم .

                                                                          [ ص: 153 ] ذكره أبو حاتم بن حبان في " الثقات " .

                                                                          وقال الحافظ أبو بكر الخطيب - فيما أخبرنا ابن المجاور ، عن الكندي ، عن القزاز عنه - : ولاه أبو جعفر المنصور المدينة خمس سنين ثم غضب عليه فعزله ، واستصفى كل شيء له وحبسه ببغداد فلم يزل محبوسا حتى مات المنصور وولي المهدي ، فأخرجه من محبسه ، ورد عليه كل شيء ذهب له ولم يزل معه .

                                                                          وبه : أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، قال : أخبرنا الحسن بن محمد بن يحيى العلوي ، قال : حدثنا جدي ، قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن الحسن ، قال : حدثني عمي عبيد الله بن حسن ، وعبد الله بن العباس ، قالا : كان أول ما عرف به شرف الحسن بن زيد أن أباه توفي وهو غلام حدث وترك دينا أربعة آلاف دينار ، فحلف الحسن بن زيد أن لا يظل رأسه سقف بيت إلا سقف مسجد أو سقف (بيت) رجل يكلمه في حاجة حتى يقضي دين أبيه ، فلم يظل رأسه سقف بيت حتى قضى دين أبيه !

                                                                          وقال عبد الجبار بن سعيد بن سليمان المساحقي ، عن أبيه ، سألني الحسن بن زيد وأنا على شرطته عن شيء ، فأخبرته بغير ما أراد ، فقال : لقد هممت أن أفارقك مفارقة لا رجعة بعدها ! فقلت : إذا أكون كما قال الشاعر : [ ص: 154 ]

                                                                          وفارقت حتى ما أحن إلى الهوى وإن بان جيران علي كرام     فقد جعلت نفسي على النأي تنطوي
                                                                          وعيني على فقد الصديق تنام

                                                                          وقال الزبير بن بكار - فيما أخبرنا أبو الحسن ابن البخاري ، قال : أخبرنا أبو حفص بن طبرزد ، قال : أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون ، قال : أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن المسلمة ، قال : أخبرنا أبو طاهر المخلص ، قال : أخبرنا أحمد بن سليمان الطوسي عنه - ، فولد زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب : الحسن بن زيد ولاه أمير المؤمنين المنصور المدينة ، وكان فاضلا شريفا .

                                                                          وبه : حدثني نوفل بن ميمون ، قال : حدثني أبو مالك محمد بن مالك بن علي بن هرمة ، عن عمه إبراهيم بن علي بن هرمة أنه قال يمدح الحسن بن زيد بن الحسن ويعرض بعبد الله بن حسن بن حسن وبابنيه محمد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن - :


                                                                          إني امرؤ من رعى غيبي رعيت له     غيب الذمام ومن أنكرت أنكرني
                                                                          أما بنو هاشم حولي فقد ردعوا     نبلي الصياب وما جمعت في قرني
                                                                          فما بيثرب منهم من أعاتبه     إلا عوائد أرجوهن من حسن
                                                                          [ ص: 155 ] وذاك من يأته يعمد إلى رجل     من كل صالحة أو صالح قمن
                                                                          لا يسلم الحمد للسوام إن شحطوا     بل يأخذ الحمد بالغالي من الثمن
                                                                          ما زال ينمي وزال الله يرفعه     طولا على بغضه الأعداء والإحن
                                                                          أمات في جوف ذي الشحناء ظنته     وكان داء لذي الشحناء والظنن
                                                                          إذا بنو هاشم آلت بأقدحها     إلى المفيض وغالت دولة الغبن
                                                                          حازت يدا حسن قدحين من كرم     لم يعملا بشبا المبراة والسفن
                                                                          لا يستريح إلى إثم ولا كذب     عند السؤال ولا يجتن بالجبن
                                                                          ما قال أفعل أمضاه لوجهته     وما أبى لج ما يأبى فلم يكن
                                                                          [ ص: 156 ] ما أطلعت بأسها كيما تهددني     حصاء تطرح من تغشى على شزن
                                                                          إلا تذكرت ابن زيد وهو ذو صلة     عند السنين وعواد على الزمن
                                                                          فاسلم ولا زال من عاداك محتملا     غيظا ولا زال معفورا على الذقن
                                                                          لن يعتب الله أنفا فيك أرغمه     حتى تزول رواسي الصخر من حضن
                                                                          إذا خلوت به ناجيت ذا طهر     يأوي إلى عقل صافي العقل مؤتمن
                                                                          طلق اليدين إذا أضيافه طرقوا     يشكون من مرة شكوى ومن وسن
                                                                          باتوا يعدون نجم الليل بينهم     في مستحير النواحي زاهق السمن
                                                                          [ ص: 157 ] ثم اغتدوا وهم دسم شواربهم     ولم يبيتوا على ضيح من اللبن
                                                                          قد جعل الناس خبتا نحو منزله     شقا كقرن أثيث النبت مدهن
                                                                          فهم إلى نائل منهم ومنفعة     يعطونها ثكنا تهوي إلى ثكن
                                                                          أوصاك زيدا بأعلى الأمر منزلة     فما أخذت قبيح الأمر بالحسن
                                                                          خلات صدق وأخلاق خصصت بها     فلم يضعن ولم يخلطن بالدرن
                                                                          يلقى الأيامن من لاقاك سانحة     وجه طليق وعود غير ذي أبن
                                                                          وأنت من هاشم حقا إذا نسبوا     في المنكب اللين لاقى المنكب الخشن
                                                                          بنوك خير بنيها إن حفلت بهم     وأنت خيرهم في اليسر واللزن
                                                                          [ ص: 158 ] والله آتاك فضلا من عطيته     على هن وهن فيما مضى وهن

                                                                          قال : فقال له إبراهيم بن عبد الله بن حسن ، وجاءهم بعد ذلك : لا نعم الله بك عينا ، يا فاسق ، ألست الذي يقول لحسن بن زيد :


                                                                          الله أعطاك فضلا من عطيته     على هن وهن فيما مضى وهن

                                                                          تريد أبي وأخي وإياي ؟ فقال ابن هرمة : لا والله ما أردتكم بذلك ، قال : فمن أردت ؟ قال : قارون وفرعون وهامان . قال : وقال ابن هرمة يعتذر إليه ، من ذلك :


                                                                          يا ذا المنوه يدعوني ليسمعني     مواعظا من جميل رأيه الحسن
                                                                          أقبل علي بوجه منك أعرفه     فقد فهمت وشد السمع للأذن

                                                                          وذكر الشعر إلى آخره .

                                                                          وبه : حدثنا الزبير ، قال : حدثني محمد بن يحيى ، عن أيوب بن عمر ، عن ابن زبنج راوية ابن هرمة ، قال : الذي قال [ ص: 159 ] لابن هرمة في قوله للحسن بن زيد واعتذر إليه ابن هرمة بهذا الشعر : محمد بن عبد الله بن حسن .

                                                                          قال الزبير : وهو أشبه عندي ، قال : وقال ابن زبنج : والله لئن علم بهذا حسن بن زيد ليقتلنك .

                                                                          وبه : حدثنا الزبير ، قال : وقال رجل للحسن بن زيد :


                                                                          إذا أمسى ابن زيد لي صديقا     فحسبي من مودته نصيبي
                                                                          رأيتك بالفعال أقل منا     وأصبر عند نازلة الخطوب

                                                                          قال : وله يقول إبراهيم بن علي بن هرمة :


                                                                          أفي حسن أخوف بالدواهي     وتحمل في مودته الذحول
                                                                          فلست بزائل أصفيه ودي     ولست بنازع عما أقول
                                                                          ولو حملت علي هضاب رضوى     وسلمى فوق عاتقها البتيل
                                                                          قعدت إذا فلم أسطع قياما     وغالتني إذا في الناس غول
                                                                          [ ص: 160 ] أأن سنيت ذا حسب ومجد     له في كل مكرمة سبيل
                                                                          هتكتم حرمتي وحسدتموه     على غر بأكرعها حجول
                                                                          كما حسدت بنو سعد أخاها     بغيضا والنفوس له غليل
                                                                          على قول الحطيئة غير أني     لساني عن إذائكم كليل

                                                                          قال : وقال أيضا يمدحه :


                                                                          قد سرني خبر الحجاج إذ صدروا     عن ابن زيد جميل صادف الرشدا
                                                                          قالوا حججنا ووافينا منى معه     وكان كالبحر يكسو الساحل الزبدا
                                                                          أقام للناس معروفا ومأدبة     آثار صدارها يهدين من وردا
                                                                          له جفان من الشيزى موضعة     رواكد قد كساها اللحم والقحدا
                                                                          وساقيين على حوضين من عسل     كأنما قيلا من مزنة بردا [ ص: 161 ] ذاك الذي لم يلم في المدح مادحه
                                                                          ألا ينال الذي فيه وإن جهدا     والله أنفك أحبوه وأمنحه
                                                                          مدحي وأرغم فيه أنف من حسدا     ما لم تسر شعفات الصخر من حضن
                                                                          وما أري أهل سلع في الضحى أحدا     مراغم لذوي الحاجات منزله
                                                                          حصن إذا استشكدوه نائلا شكدا     تخضر عيدانه للنازلين به
                                                                          كالغيث تغشى على أمحاله البلدا     خلفت زيدا فلا نكس ولا برم
                                                                          والشبل يخلف في غاباته الأسدا     هذا وعوراء من قول امرئ خطأ
                                                                          داويتها بمقال يبرئ الرمدا     ولو أردت معابا عبت نبعته
                                                                          ولو أراد معابا فيك ما وجدا     وبهمة ذات أهوال دعوك لها
                                                                          فرجتها بمقال يتبع السددا

                                                                          [ ص: 162 ] قال أبو بكر الخطيب : ذكر محمد بن خلف وكيع : أن الحسن بن زيد مات ببغداد ، ودفن في مقابر الخيزران ، وذلك خطأ ، إنما مات بالحاجر وهو يريد الحج ، وكان في صحبة المهدي ودفن هناك .

                                                                          وقال خليفة بن خياط : أمه أم ولد ، مات سنة ثمان وستين ومائة .

                                                                          وقال محمد بن سعد ، وأبو حاتم بن حبان : أمه أم ولد ، مات بالحاجر وهو يريد مكة من العراق في السنة التي حج فيها المهدي ، سنة ثمان وستين ومائة .

                                                                          وقال أبو حسان الزيادي : سنة ثمان وستين ومائة فيها مات الحسن بن زيد بن الحسن بالحاجر على خمسة أميال من المدينة ، وهو ابن خمس وثمانين ، وصلى عليه علي ابن المهدي .

                                                                          روى له النسائي حديثا واحدا .

                                                                          [ ص: 163 ] أخبرنا به أبو إسحاق ابن الدرجي ، قال : أنبأنا أبو جعفر الصيدلاني في جماعة ، قالوا : أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله ، قالت : أخبرنا أبو بكر بن ريذة ، قال : أخبرنا أبو القاسم الطبراني ، قال : حدثنا القاسم بن زكريا المطرز ، وعبيد العجل ، قالا : حدثنا أحمد بن عيسى المصري ، قال : حدثنا ابن وهب عن ابن أبي ذئب ، عن الحسن بن زيد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم .

                                                                          رواه عن يونس بن عبد الأعلى ، عن عبد الله بن وهب ، فوقع لنا بدلا عاليا .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية