الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          1215 - (س) : الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب [ ص: 90 ] القرشي الهاشمي ، أبو محمد المدني ، والد الذي قبله ، وهو أخو إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله لأمه ، وأمهما خولة بنت منظور بن زبان بن سيار الفزاري .

                                                                          روى عن : أبيه الحسن بن علي بن أبي طالب ، وابن عمه عبد الله بن جعفر بن أبي طالب (س) ، وبنت عمه فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب ، وكانت زوجته .

                                                                          روى عنه : ابنه إبراهيم بن الحسن بن الحسن ، وإسحاق بن يسار المدني ، والد محمد بن إسحاق ، وابنه الحسن بن الحسن بن الحسن ، وابن عمه الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب ، وحميد بن أبي زينب ، وحنان بن سدير بن حكيم بن صهيب الكوفي الصيرفي ، وسعيد بن أبي سعيد مولى المهري ، وسهيل بن أبي سهيل ، ويقال : سهيل بن أبي صالح ، وابنه عبد الله بن الحسن بن الحسن ، وأبو بكر عبد الله بن حفص بن عمر بن سعد بن أبي وقاص (س) ، والوليد بن كثير المدني .

                                                                          ذكره محمد بن سعد في الطبقة الثالثة من أهل المدينة .

                                                                          وقال الزبير بن بكار : فولد الحسن بن علي بن أبي طالب : [ ص: 91 ] الحسن بن الحسن ، وأمه خولة بنت منظور بن زبان بن سيار بن عمرو بن جابر بن عقيل بن هلال بن سمي بن مازن بن فزارة ، بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان ، وأمها مليكة بنت خارجة بن سنان بن أبي حارثة بن نشبة بن غيظ بن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان ، وأمها تماضر بنت قيس بن زهير بن جذيمة بن رواحة بن ربيعة بن مازن بن الحارث بن قطيعة بن عبس بن بغيض . وإخوته لأمه : إبراهيم ، وداود ، والقاسم ، بنو محمد بن طلحة بن عبيد الله ، وكان الحسن بن علي ، خلف على خولة بنت منظور ، حين قتل محمد بن طلحة .

                                                                          قال الزبير : حدثني محمد بن الضحاك بن عثمان الحزامي ، عن أبيه ، قال : زوجه إياها عبد الله بن الزبير ، وكانت عنده أختها لأبيها ، وأمها تماضر بنت منظور بن زبان ، وهي أم بنيه : خبيب ، وحمزة ، وعباد ، وثابت ، بني عبد الله بن الزبير ، فبلغ ذلك منظور بن زبان ، فقال : مثلي يقتات عليه ببيته ، فقدم المدينة فركز راية سوداء في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يبق قيسي في المدينة إلا دخل تحتها ، فقيل لمنظور : أين نذهب بك ؟ تزوجها الحسن بن علي ، وزوجها عبد الله بن الزبير ، وملكه الحسن أمرها ، فأمض ذلك التزويج ، وفي ذلك يقول حفين العبسي : [ ص: 92 ]

                                                                          إن الندى من بني ذبيان قد علموا والجود في آل منظور بن سيار     الماطرين بأيديهم ندى ديما
                                                                          وكل غيث من الوسمي مدرار     تزور جارتهم وهنا هديتهم
                                                                          وما فتاهم لها وهنا بزوار     ترضى قريش بهم صهرا لأنفسهم
                                                                          وهم رضى لبني أخت وأصهار

                                                                          .

                                                                          قال : وكان الحسن بن الحسن وصي أبيه ، وولي صدقة علي بن أبي طالب في عصره ، قال : وكان حجاج بن يوسف قال له يوما ، وهو يسايره في موكبه بالمدينة ، وحجاج يومئذ أمير المدينة : أدخل عمك عمر بن علي معك في صدقة علي ، فإنه عمك ، وبقية أهلك ، قال : لا أغير شرط علي ، ولا أدخل فيها من لم يدخل .

                                                                          قال : إذا ، أدخله معك ، فنكص عنه الحسن بن علي حين غفل الحجاج ، ثم كان وجهه إلى عبد الملك حتى قدم عليه ، فوقف ببابه يطلب الإذن ، فمر به يحيى بن الحكم ، فلما رآه يحيى عدل إليه فسلم عليه ، وسأله عن مقدمه وخبره وتحفى به ، ثم قال له : إني سأتبعك عند أمير المؤمنين - يعني عبد الملك - فدخل الحسن على عبد الملك ، فرحب وأحسن مساءلته ، وكان الحسن بن الحسن قد أسرع إليه الشيب ، فقال له عبد الملك : لقد أسرع إليك الشيب - ويحيى بن الحكم في المجلس - فقال له يحيى : وما يمنعه ، شيبته أماني أهل العراق ، كل عام يقدم عليه منهم ركب يمنونه الخلافة ، فأقبل عليه الحسن ، فقال : بئس والله الرفد رفدت ، وليس كما قلت ، ولكنا أهل بيت يسرع إلينا الشيب ، وعبد الملك يسمع ، فأقبل عليه عبد الملك ، فقال له : هلم ما قدمت له ، فأخبره بقول [ ص: 93 ] الحجاج ، فقال : ليس ذلك له ، اكتبوا إليه كتابا لا يجاوزه . ووصله وكتب له ، فلما خرج من عنده ، لقيه يحيى بن الحكم ، فعاتبه الحسن بن الحسن على سوء محضره ، وقال : ما هذا الذي وعدتني ، فقال له يحيى : أيها عنك ، والله لا يزال يهابك ، ولولا هيبته إياك ما قضى لك حاجة ، وما ألوتك رفدا .

                                                                          وقال زائدة ، عن عبد الملك بن عمير : حدثني أبو مصعب أن عبد الملك بن مروان كتب إلى عامله بالمدينة هشام بن إسماعيل : إنه بلغني أن الحسن بن الحسن يكاتب أهل العراق ، فإذا جاءك كتابي هذا فابعث إليه فليؤت به ، قال : فجيء به إليه ، وشغله شيء ، قال : فقام إليه علي بن حسين ، فقال : يا ابن عم ، قل كلمات الفرج : " لا إله إلا الله الحليم الكريم ، لا إله إلا الله العلي العظيم ، سبحان رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ، الحمد لله رب العالمين " قال : فجلا للآخر وجهه ، فنظر إليه ، فقال : أرى وجها قد قشب بكذبة ، خلوا سبيله ، ولنراجع فيه أمير المؤمنين . قاله الحسن بن علي بن عفان ، عن حسين بن علي الجعفي ، عن زائدة .

                                                                          وقال محمد بن الحسين البرجلاني ، عن محمد بن سعيد ابن الأصبهاني ، عن شريك ، عن عبد الملك بن عمير : كتب الوليد بن عبد الملك إلى عثمان بن حيان المري : انظر الحسن بن الحسن فاجلده مائة ضربة ، وقفه للناس يوما ، ولا أراني إلا قاتله ، قال : [ ص: 94 ] فبعث إليه ، فجيء به ، والخصوم بين يديه ، قال : فقام إليه علي بن حسين ، فقال : يا أخي تكلم بكلمات الفرج ، يفرج الله عنك : " لا إله إلا الله الحليم الكريم ، سبحان الله رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ، الحمد لله رب العالمين " . قال : فقالها ، قال : فانفرجت فرجة من الخصوم فرآه ، فقال : أرى وجه رجل قد قرفت عليه كذبة ، خلوا سبيله ، أنا كاتب إلى أمير المؤمنين بعذره ، فإن الشاهد يرى ما لا يرى الغائب . والرواية الأولى أشبه بالصواب ، والله أعلم .

                                                                          وقال بشر بن موسى ، عن عبد الله بن صالح العجلي : حدثنا فضيل - يعني ابن مرزوق - عن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، قال : سمعته يقول لرجل من الرافضة : والله لئن أمكننا الله منكم لنقطعن أيديكم وأرجلكم ، ثم لا نقبل منكم توبة ، فقال له رجل : لم لا تقبل منه توبة ؟ قال : نحن أعلم بهؤلاء منكم ، إن هؤلاء إن شاؤوا صدقوكم وإن شاؤوا كذبوكم ، وزعموا أن ذلك يستقيم لهم في التقية ، ويلك إن التقية إنما هي باب رخصة للمسلم ، إذا اضطر إليها ، وخاف من ذي سلطان ، أعطاه غير ما في نفسه ، يدرأ عن ذمة الله عز وجل ، وليس بباب فضل ، إنما الفضل في القيام بأمر الله ، وقول الحق ، وايم الله ما بلغ من أمر التقية ، أن يجعل بها لعبد من عباد الله ، أن يضل عباد الله .

                                                                          هكذا قال ، والأشبه أن هذا القول عن الحسن بن الحسن بن الحسن ، فإن الفضيل بن مرزوق قد روى عنه شبيها بذلك ، كما تقدم في ترجمته ، والله أعلم .

                                                                          [ ص: 95 ] وقال الزبير بن بكار ، عن عمه مصعب بن عبد الله : توفي الحسن بن الحسن فأوصى إلى إبراهيم بن محمد بن طلحة ، وهو أخوه لأمه .

                                                                          وقال البخاري في الجنائز من " الجامع " : ولما مات الحسن بن الحسن بن علي ضربت امرأته القبة على قبره سنة ثم رفعت ، فسمعوا صائحا يقول : ألا هل وجدوا ما فقدوا ؟ فأجابه آخر : بل يئسوا فانقبلوا .

                                                                          روى له النسائي حديثا واحدا عن عبد الله بن جعفر ، عن علي في كلمات الفرج ، وفي إسناده اختلاف .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية