الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          1214 - (ق) : الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، القرشي الهاشمي ، المدني ، أخو عبد الله بن الحسن بن الحسن ، وإبراهيم بن الحسن بن الحسن ، أمهم فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب .

                                                                          روى عن : أبيه حسن بن حسن ، وأمه فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب (ق) .

                                                                          روى عنه : عبيد بن الوسيم الجمال (ق) ، وعمر بن شبيب المسلي ، وفضيل بن مرزوق .

                                                                          قال الحافظ أبو بكر الخطيب - فيما أخبرنا ابن المجاور ، [ ص: 85 ] عن الكندي ، عن القزاز ، عنه - : قدم الأنبار على السفاح أمير المؤمنين مع أخيه عبد الله بن الحسن وجماعة من الطالبيين ، فأكرمهم السفاح وأجازهم ، ورجعوا إلى المدينة ، فلما ولي المنصور حبس الحسن بن الحسن ، وأخاه عبد الله ، لأجل محمد وإبراهيم ابني عبد الله ، فلم يزالا في حبسه حتى ماتا .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، قال : حدثنا الحسن بن محمد بن يحيى العلوي ، قال : حدثنا جدي ، قال : حدثنا غسان الليثي ، عن أبيه ، قال : كان أبو العباس قد خص عبد الله بن الحسن بن الحسن حتى كان يتفضل بين يديه في قميص بلا سراويل ، فقال له يوما : ما رأى أمير المؤمنين على هذه الحال غيرك ، ولا أعدك إلا والدا ، ثم سأله عن ابنيه ، فقال له : ما خلفهما عني ، فلم يفدا علي مع من وفد علي من أهلهما ؟ ثم أعاد عليه المسألة عنهما مرة أخرى ، فشكا ذلك عبد الله بن الحسن إلى أخيه الحسن بن الحسن ، فقال له : إن أعاد عليك المسألة عنهما ، فقل له : علمهما عند عمهما ، فقال له عبد الله : وهل أنت محتمل ذلك لي ؟ قال : نعم ، قال : فأعاد أبو العباس على عبد الله المسألة عنهما ، فقال له : علمهما يا أمير المؤمنين عند عمهما ، فبعث أبو العباس إلى الحسن فسأله عنهما ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أكلمك على هيبة الخلافة ، أو كما يكلم الرجل ابن عمه ؟ فقال له أبو العباس : بل كما يكلم الرجل ابن عمه ، فقال له الحسن : أنشدك [ ص: 86 ] الله يا أمير المؤمنين ، إن الله قدر لمحمد وإبراهيم أن يليا من هذا الأمر شيئا ، فجهدت وجهد أهل الأرض معك أن تردوا ما قدر لهما ، أيردونه ؟ قال : لا . قال : فما تنغيصك على هذا الشيخ النعمة التي أنعمت بها عليه ؟ فقال أبو العباس : لا أذكرهما بعد اليوم ، فما ذكرهما حتى فرق الموت بينهما .

                                                                          قال العلوي : قال جدي : وتوفي الحسن بن الحسن سنة خمس وأربعين ومائة ، في ذي القعدة بالهاشمية ، في حبس أبي جعفر ، وهو ابن ثمان وستين سنة .

                                                                          وقال شبابة بن سوار : حدثنا الفضيل بن مرزوق ، قال : سمعت الحسن بن الحسن أخا عبد الله بن الحسن وهو يقول لرجل ممن يغلو فيهم : ويحكم ، أحبونا لله ، فإن أطعنا الله فأحبونا ، وإن عصينا الله فأبغضونا . قال : فقال له الرجل : إنكم ذو قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأهل بيته ، فقال : ويحكم لو كان الله نافعا بقرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بغير عمل بطاعته لنفع بذلك من هو أقرب إليه منا ، أباه وأمه ، والله إني لأخاف أن يضاعف للعاصي منا العذاب ضعفين . والله إني لأرجو أن يؤتى المحسن منا أجره مرتين . قال : ثم قال : لقد أساء بنا آباؤنا وأمهاتنا إن كان ما يقولون من دين الله ثم لم يخبرونا به . ولم يطلعونا عليه ، ولم يرغبونا فيه ، فنحن والله كنا [ ص: 87 ] أقرب منهم قرابة منكم ، وأوجب عليهم حقا ، وأحق بأن يرغبونا فيه منكم ، ولو كان الأمر كما تقولون : إن الله ورسوله اختار عليا لهذا الأمر ، وللقيام على الناس بعده ، إن كان علي لأعظم الناس في ذلك خطيئة وجرما إذ ترك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن يقوم فيه كما أمره ، أو تعذر فيه إلى الناس ، قال : فقال له الرافضي : ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي : " من كنت مولاه فعلي مولاه " ؟ قال : أما والله ، إن لو يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك الإمرة والسلطان والقيام على الناس لأفصح لهم بذلك ، كما أفصح لهم بالصلاة والزكاة وصيام رمضان وحج البيت ، ولقال لهم : أيها الناس إن هذا ولي أمركم من بعدي ، فاسمعوا له وأطيعوا ، فما كان من وراء هذا شيء ، فإن أنصح الناس كان للمسلمين رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                          أخبرنا بذلك أبو العباس أحمد بن أبي الخير سلامة بن إبراهيم بن سلامة ابن الحداد ، وأبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد ابن البخاري ، وأبو إسحاق إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم ابن الدرجي ، وأبو العباس أحمد بن شيبان بن تغلب الشيباني .

                                                                          قال ابن أبي الخير وابن البخاري : أنبأنا القاضي أبو المكارم أحمد بن محمد بن محمد اللبان إذنا .

                                                                          قال ابن أبي الخير : وأنبأنا أيضا أبو سعيد خليل بن أبي الرجاء الراراني إذنا .

                                                                          وقال ابن البخاري أيضا ، وابن الدرجي ، وابن شيبان : أنبأنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن نصر الصيدلاني إذنا . [ ص: 88 ] قالوا : أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد ، قراءة عليه ، قال : أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس ، قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن عاصم الثقفي ، قال : حدثنا شبابة ، فذكره . وهذا من أصح الأسانيد وأعلاها .

                                                                          وروى الزبير بن بكار هذه الحكاية في ترجمة الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب والد الحسن هذا ، رواها عن عمه مصعب بن عبد الله ، قال : كان الفضيل بن مرزوق ، يقول : سمعت الحسن بن الحسن يقول لرجل يغلو فيهم : ويحكم ، أحبونا لله ، فإن أطعنا الله فأحبونا ، وإن عصينا فأبغضونا فلو كان الله نافعا أحدا بقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لغير طاعة الله ، لنفع بذلك أباه وأمه ، قولوا فينا الحق ، فإنه أبلغ فيما تريدون ، ونحن نرضى به منكم .

                                                                          أخبرنا بذلك أبو الحسن ابن البخاري ، قال : أخبرنا أبو حفص بن طبرزد ، قال : أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد الملك بن الحسن بن خيرون ، قال : أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن المسلمة ، قال : أخبرنا أبو طاهر محمد المخلص ، قال : حدثنا أحمد بن سليمان الطوسي ، قال : حدثنا الزبير بن بكار ، قال : حدثني عمي مصعب بن عبد الله ، فذكره .

                                                                          قال الزبير : وولد حسن بن حسن بن حسن بن علي بن أبي [ ص: 89 ] طالب : عبد الله ، وهو أبو جعفر ، وعليا كان امرأ صدق ، مات في حبس أمير المؤمنين المنصور مع أبيه ، وحسنا درج ، وأمهم أم عبد الله بنت عامر بن عبد الله بن بشر بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب ، والعباس بن الحسن ، وطلحة بن الحسن ، انقرضا وأمهما عائشة بنت طلحة بن عمر بن عبيد الله بن معمر التيمي ، وتوفي حسن بن حسن بن حسن بالهاشمية ، سنة خمس وأربعين ومائة ، في حبس أمير المؤمنين أبي جعفر المنصور .

                                                                          روى له ابن ماجه حديثا واحدا ، عن أمه فاطمة بنت الحسين ، عن أبيها الحسين بن علي ، عن فاطمة الكبرى ، فيمن بات وفي يده ريح غمر .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية