[ ص: 476 ] قال ( وإذا انقضت مدة المزارعة والزرع لم يدرك  كان على المزارع أجر مثل نصيبه من الأرض إلى أن يستحصد والنفقة على الزرع عليهما على مقدار حقوقهما ) معناه حتى يستحصد ، لأن في تبقية الزرع بأجر المثل تعديل النظر من الجانبين فيصار إليه ، وإنما كان العمل عليهما لأن العقد قد انتهى بانتهاء المدة وهذا عمل في المال المشترك ، وهذا بخلاف ما إذا مات رب الأرض والزرع بقل حيث يكون العمل فيه على العامل ، لأن هناك أبقينا العقد في مدته والعقد يستدعي العمل على العامل ، أما هاهنا العقد قد انتهى فلم يكن هذا إبقاء ذلك العقد فلم يختص العامل بوجوب العمل عليه ( فإن أنفق أحدهما بغير إذن صاحبه وأمر القاضي  فهو متطوع ) لأنه لا ولاية له عليه ( ولو أراد رب الأرض أن يأخذ الزرع بقلا  لم يكن له ذلك ) لأن فيه إضرارا بالمزارع ، ( ولو )   ( أراد المزارع ) أن يأخذه بقلا  قيل لصاحب الأرض اقلع الزرع فيكون بينكما أو أعطه قيمة نصيبه أو أنفق أنت على الزرع وارجع بما تنفقه في حصته ، لأن المزارع لما امتنع من العمل لا يجبر عليه ، لأن إبقاء العقد بعد وجود المنهي نظر له وقد ترك النظر لنفسه . 
ورب الأرض مخير بين هذه الخيارات  [ ص: 477 ] لأن بكل ذلك يستدفع الضرر ( ولو مات المزارع بعد نبات الزرع فقالت ورثته نحن نعمل إلى أن يستحصد الزرع وأبى رب الأرض  فلهم ذلك ) لأنه لا ضرر على رب الأرض ( ولا أجر لهم بما عملوا ) لأنا أبقينا العقد نظرا لهم ، فإن أرادوا قلع الزرع لم يجبروا على العمل لما بينا ، والمالك على الخيارات الثلاث لما بينا . قال ( وكذلك أجرة الحصاد والرفاع والدياس والتذرية  عليهما بالحصص . فإن شرطاه في المزارعة على العامل فسدت ) وهذا الحكم ليس بمختص بما ذكر من الصورة وهو انقضاء المدة والزرع لم يدرك بل هو عام في جميع المزارعات . ووجه ذلك أن العقد يتناهى بتناهي الزرع لحصول المقصود فيبقى مال مشترك بينهما ولا عقد فيجب مؤنته عليهما . وإذا شرط في العقد ذلك ولا يقتضيه وفيه منفعة لأحدهما يفسد العقد كشرط الحمل أو الضمن على العامل . 
وعن  أبي يوسف  أنه يجوز إذا شرط ذلك على العامل للتعامل اعتبارا بالاستصناع وهو اختيار مشايخ بلخ     . قال شمس الأئمة السرخسي    : هذا هو الأصح في ديارنا . فالحاصل أن ما كان من عمل قبل الإدراك كالسقي والحفظ فهو على العامل ، وما كان منه بعد الإدراك قبل القسمة فهو عليهما في ظاهر الرواية كالحصاد والدياس وأشباههما على ما بيناه ، وما كان  [ ص: 478 ] بعد القسمة فهو عليهما . والمعاملة على قياس هذا ما كان قبل إدراك الثمر من السقي والتلقيح والحفظ فهو على العامل ، وما كان بعد الإدراك كالجداد والحفظ فهو عليهما ; ولو شرط الجداد على العامل  لا يجوز بالاتفاق لأنه لا عرف فيه . 
وما كان بعد القسمة فهو عليهما لأنه مال مشترك ولا عقد ، ولو شرط الحصاد في الزرع على رب الأرض  لا يجوز بالإجماع لعدم العرف فيه ، ولو أرادا فصل القصيل أو جد التمر بسرا أو التقاط الرطب  فذلك عليهما لأنهما أنهيا العقد لما عزما على الفصل والجداد بسرا فصار كما بعد الإدراك ، والله أعلم . 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					