[ ص: 504 ] كتاب الأضحية [ ص: 505 - 506 ] قال ( الأضحية واجبة على كل حر مسلم مقيم موسر في يوم الأضحى عن نفسه وعن ولده الصغار ) أما الوجوب فقول أبي حنيفة ومحمد وزفر والحسن وإحدى الروايتين عن أبي يوسف رحمهم الله . وعنه أنها سنة ، ذكره في الجوامع وهو قول الشافعي . وذكر الطحاوي أن على قول أبي حنيفة واجبة ، وعلى قول أبي يوسف ومحمد سنة مؤكدة ، وهكذا ذكر بعض المشايخ الاختلاف . وجه السنة قوله عليه الصلاة والسلام { من أراد [ ص: 507 ] أن يضحي منكم فلا يأخذ من شعره وأظفاره شيئا } والتعليق بالإرادة ينافي الوجوب ، ولأنها لو كانت واجبة [ ص: 508 ] على المقيم لوجبت على المسافر لأنهما لا يختلفان في الوظائف المالية كالزكاة وصار كالعتيرة .
ووجه الوجوب قوله عليه الصلاة والسلام { من وجد سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا } ومثل هذا الوعيد لا يلحق بترك غير الواجب ، ولأنها قربة يضاف إليها وقتها . يقال يوم الأضحى ، وذلك يؤذن بالوجوب لأن الإضافة للاختصاص وهو بالوجود ، والوجوب هو المفضي إلى الوجود ظاهرا بالنظر إلى الجنس ، غير أن الأداء يختص بأسباب يشق على المسافر استحضارها ويفوت بمضي الوقت فلا تجب عليه بمنزلة الجمعة ، والمراد بالإرادة فيما روي والله أعلم [ ص: 509 ] ما هو ضد السهو لا التخيير . والعتيرة منسوخة ، وهي شاة تقام في رجب على ما قيل ، وإنما اختص الوجوب بالحرية لأنها وظيفة مالية لا تتأدى إلا بالملك ، والمالك هو الحر ; وبالإسلام لكونها قربة ، وبالإقامة لما بينا ، واليسار لما روينا من اشتراط السعة ; ومقداره ما يجب به صدقة الفطر وقد مر في الصوم ، [ ص: 510 ] وبالوقت وهو يوم الأضحى لأنها مختصة به ، وسنبين مقداره إن شاء الله تعالى . وتجب عن نفسه لأنه أصل في الوجوب عليه على ما بيناه ، وعن ولده الصغير لأنه في معنى نفسه فيلحق به كما في صدقة الفطر . وهذه رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله .
وروي عنه أنه لا تجب عن ولده وهو ظاهر الرواية ، بخلاف صدقة الفطر لأن السبب هناك رأس يمونه ويلي عليه وهما موجودان في الصغير وهذه قربة محضة . والأصل في القرب أن لا تجب على الغير بسبب الغير ولهذا لا تجب عن عبده وإن كان يجب عنه صدقة فطره ، وإن كان للصغير مال يضحي عنه أبوه أو وصيه من ماله عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله . وقال محمد وزفر وللشافعي رحمه الله رحمهم الله : يضحي من مال نفسه لا من مال الصغير ، فالخلاف في هذا كالخلاف في صدقة الفطر . وقيل لا تجوز التضحية من مال الصغير ، في قولهم جميعا ، لأن هذه القربة تتأدى بالإراقة والصدقة بعدها تطوع ، ولا يجوز ذلك من مال الصغير ، ولا يمكنه أن يأكل كله . والأصح أن يضحي من ماله ويأكل منه ما أمكنه ويبتاع بما بقي ما ينتفع بعينه
.
[ ص: 504 ]


