ويعتبر أيضا اجتناب المحرم  ، بأن لا يأتي كبيرة ، قيل : ولا يدمن ، وقيل : ولا يتكرر منه صغيرة ، وقيل : ثلاثا . 
وفي الترغيب : بأن لا يكثر منها ولا يصر على واحدة منها ( م 1 ) وفي الخبر الذي رواه الترمذي    { لا صغيرة مع إصرار ولا كبيرة مع استغفار   } . 
 وعنه    : ترد بكذبة ، وهو ظاهر المغني ، واختاره شيخنا  ، قال  ابن عقيل    : اختاره بعضهم ، وقاس عليه بقية الصغائر ، وهو بعيد ، لأن الكذب معصية فيما تحصل به الشهادة ، وهو الخبر ، أخذ  القاضي   وأبو الخطاب  منها أنه كبيرة كشهادته بالزور ، أو كذب على النبي صلى الله عليه وسلم . 
ذكره  القاضي  وغيره . 
ويعرف الكذاب بخلف المواعيد ، نقله عبد الله    . 
 [ ص: 563 ] ويجب الكذب  إن تخلص به مسلم من القتل . 
قال ابن الجوزي    : أو كان المقصود واجبا . 
ويباح لإصلاح وحرب وزوجة ، للخبر . 
وقال ابن الجوزي    : وكل مقصود محمود لا يتوصل إليه إلا به ، وهو التورية ، في ظاهر نقل  حنبل  وظاهر نقل ابن منصور  والأصحاب مطلقا ( م 2 ) . 
ومن جاءه طعام فقال لا آكله ثم أكل ، فكذب ، لا ينبغي أن يفعل ، نقله المروزي    . 
ومن كتب لغيره كتابا فأملى عليه كذبا لم يكتبه ، نقله  الأثرم    . 
قال ابن حامد    : وقد يقع الفسق بكل ما فيه ارتكاب لنهي وإن خلا عن حد أو وعيد ، وأنه مذهب  مالك  ، وأن  الشافعي  لم يفسقه بشرب مسكر للخلاف ولا بكذبة أو تدليس في بيع وغش في تجارة . 
وظاهر الكافي : العدل من رجح خيره ولم يأت كبيرة ، لأن الصغائر تقع مكفرة أولا فأولا فلا تجتمع . 
قال  ابن عقيل    : لولا الإجماع لقلنا به وظاهر العدة  للقاضي    : ولو أتى كبيرة ، قال شيخنا    : خرج به في قياس الشبه ، واحتج  [ ص: 564 ] في الكافي والعدة بقوله تعالى { فمن ثقلت موازينه    } الآية . 
وعنه فيمن أكل الربا : إن أكثر لم يصل خلفه ، قال  القاضي   وابن عقيل    : فاعتبر الكثرة ، وفي المغني : إن أخذ صدقة محرمة وتكرر ردت . 
وعنه فيمن ورث ما أخذه موروثه من الطريق : هذا أهون ، ليس هو أخرجه ، وأعجب إلي أن يرده . 
وعنه أيضا : لا يكون عدلا حتى يرد ما أخذ . 
وهي ما فيه حد أو وعيد ، نص عليه . 
وعند شيخنا    : أو غضب أو لعنة أو نفي الإيمان قال : ولا يجوز أن يقع نفي الإيمان لأمر مستحب ، بل لكمال واجب . 
قال : وليس لأحد أن يحكم كلام  أحمد  إلا على معنى يبين من كلامه ما يدل على أنه مراده ، لا على ما يحتمله اللفظ في كلامه كل أحد . 
قال : ومن هذا الباب { من غشنا فليس منا   } و { ومن حمل علينا السلاح فليس منا   } وعن  أنس  مرفوعا : { لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم فقلت : يا جبريل  من هؤلاء ؟ قال : الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم   } حديث صحيح رواه  أحمد  وأبو داود  ، وفي كتاب ابن حامد    : إن نفي الإيمان مخرج إلى الفسق ، قال : ومراده " فليس منا " أي ما أمرنا به ، أو ليس من أخلاقنا ، أو ليس من سنتنا : وذكر أيضا ما معناه : مراده أن ما ورد فيه لفظ الكفر أو الشرك للتغليظ ، وأنه كبيرة ، وعنه الوقف ، فلا نقول بكفر ناقل عن الملة ولا غيره ، قال : وفي معنى ذلك أخبار بلفظ آخر كقول { ليس منا من حلف بالأمانة   } وسأله علي بن سعيد  عن قوله { من غشنا  [ ص: 565 ] فليس منا   } قال : للتأكيد والتشديد ، ولا أكفر أحدا إلا بترك الصلاة . 
قال شيخنا    : من شهد على إقرار كذب مع علمه بالحال أو تكرر نظره إلى الأجنبيات والقعود له بلا حاجة شرعية قدح في عدالته  ، قال : ولا يستريب أحد فيمن صلى محدثا أو لغير القبلة أو بعد الوقت أو بلا قراءة أنه كبيرة . 
وفي الفصول والغنية والمستوعب : الغيبة والنميمة من الصغائر . 
وفي معتمد  القاضي    : معنى الكبيرة أن عقابها أعظم والصغيرة أقل ولا يعلمان إلا بتوقيف . 
وقال ابن حامد    : إن تكررت الصغائر من نوع أو أنواع فظاهر المذهب : تجتمع وتكون كبيرة . 
ومن أصحابنا من قال لا تجتمع ، وهو يشبه مقالة المعتزلة  ، إذ قولهم لا يجتمع ما ليس بكبير فيكون كبيرا ، كما لم يجتمع ما ليس بكفر فيكون كفرا ، وعنه : العدل من لم تظهر منه ريبة . 
     	
		  [ ص: 562 ] 
				
						
						
