[ وجوز  ابن عقيل  قتل مسلم جاسوس لكفار    ( و  م    ) وزاد ابن الجوزي    : إن خيف دوامه ، وتوقف فيه  أحمد  ، وعند  القاضي    : يعنف ذو الهيئة ، وغيره يعزر ] : وقال (  ش    ) إن كان من ذوي الهيئات كحاطب أحببت أن يتجافى عنه وإن لم يكن منهم كان للإمام أن يعزره : وقال أصحاب الرأي : يعاقب ويسجن وقصة حاطب في الصحيحين وقال  عمر    {   : قد كفر . وقال للنبي صلى الله عليه وسلم : دعني أضرب عنق هذا المنافق   } . 
قال ابن الجوزي  في كشف المشكل : تقرب إلى القوم ليحفظوه في أهله بأن أطلعهم على بعض أسرار رسول الله صلى الله عليه وسلم في كيدهم وقصد قتالهم ، وعلم أن ذلك لا يضر رسول الله صلى الله عليه وسلم لنصرة الله إياه ، وهذا الذي فعله أمر يحتمل التأويل ولذلك { استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه حسن الظن وقال : إنه قد صدقكم   } ، وقد دل الحديث على أن حكم المتأول في استباحة المحظور خلاف حكم المتعمد لاستحلاله من غير تأويل ، ودل على أن من أتى محظورا وادعى في ذلك ما يحتمل التأويل كان القول قوله في ذلك وإن كان غالب الظن بخلافه ، وقال عن قول  عمر    : وهذا لأنه رأى صورة النفاق ، ولما احتمل قول  عمر  وكان لتأويله مساغ لم ينكر عليه الرسول صلى الله عليه وسلم . 
وقال  [ ص: 114 ] بعض أصحابنا المتأخرين في كتابه الهدي : فيه إن من نسب مسلما إلى نفاق أو كفر متأولا وغضبا لله ورسوله لا لهواه وحظه  لا يكفر ، بل لا يأثم ، بل يثاب على نيته ، بخلاف أهل الأهواء والبدع فإنهم يكفرون ويبدعون من خالفهم وهم أولى بذلك . 
وكذا قال  الخطابي  إن من كفر مسلما أو نفقه متأولا وهو من أهل الاجتهاد يلزمه عقوبة . 
قال في كشف المشكل : وقد دل الحديث على أن الجاسوس المسلم لا يقتل ، فيقال مطلقا أو مع التأويل ، فهو لا يدل مطلقا ، ولهذا لم يقع تعزير ، هذا إن صح ما ذكره من التأويل وإن لم يصح لم يدل أيضا ، لأن  عمر  لما طلب قتله لم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، أو يقال : لم يذكر أنه لم يوجد المقتضي لقتله ، بل ذكر المانع وهو شهود بدر  ، فدل على وجود المقتضي وأنه لولا المعارض لعمل به ، وهو أيضا يدل على تحريم ما وقع . 
وفي كتاب الهدي أنه كبيرة يمحى بالحسنة الكبيرة ، ولهذا قال في شرح  مسلم  وغيره : فيه أن الجاسوس وغيره من أصحاب الذنوب الكبائر لا يكفرون بذلك وهذا الجنس كبيرة قطعا ، لأنه يتضمن إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو كبيرة بلا شك لقوله تعالى { إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة    } وقوله صلى الله عليه وسلم { لعل الله اطلع على أهل بدر  فقالوا : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم   } . 
 [ ص: 115 ] قال العلماء : معناه الغفران لهم في الآخرة وإلا فلو توجه على أحد منهم حد أو غيره أقيم عليه في الدنيا ، ونقل  القاضي عياض  الإجماع على إقامة الحد وأقامه  عمر  على بعضهم { وضرب النبي صلى الله عليه وسلم مسطحا الحد وكان بدريا   } . 
وقال في كشف المشكل في هذا ليس على الاستقبال ، وإنما هو للماضي وتقديره أي عمل كان لكم فقد غفر ، ويدل على هذا شيئان : أحدهما أنه لو كان للمستقبل كان جوابه فسأغفر ، والثاني أنه كان يكون إطلاقا في الذنوب ، ولا وجه لذلك ، ويوضح هذا أن القوم خافوا العقوبة فيما بعد فقال  عمر    : يا  حذيفة  هل أنا منهم ؟ وكذا اختيار  الخطابي  أنه للماضي . 
				
						
						
