[ ص: 152 ] باب قتال أهل البغي
وهم الخارجون على الإمام بتأويل سائغ ، ولهم شوكة ، لا جمع يسير ، خلافا لأبي بكر ، وإن فات شرط فقطاع طريق .
وفي الترغيب : لا تتم الشوكة إلا وفيهم واحد مطاع ، وأنه يعتبر كونهم في طرف ولايته .
وفي عيون المسائل : تدعو إلى نفسها أو إلى إمام غيره وإلا فقطاع طريق ، ويلزمه مراسلتهم وإزالة شبهتهم فإن فاءوا وإلا لزم القادر قتالهم ، وعند شيخنا : الأفضل تركه حتى يبدءوه ( و م ) وهو ظاهر اختيار الشيخ .
وقالا في الخوارج : له قتلهم ابتداء وتتمة الجريح ، وهو خلاف ظاهر رواية عبدوس بن مالك .
وفي المغني في الخوارج ظاهر قول المتأخرين من أصحابنا أنهم بغاة ، لهم حكمهم وأنه قول جمهور العلماء ، كذا قال ، وليس بمرادهم ، لذكرهم كفرهم أو فسقهم ، بخلاف البغاة ، ولهذا قال شيخنا : يفرق جمهور العلماء بين الخوارج والبغاة المتأولين ، وهو المعروف عن الصحابة ، وعليه عامة أهل الحديث والفقهاء والمتكلمين ونصوص أكثر الأئمة وأتباعهم من أصحاب ( م ش ) وأحمد وغيرهم ، واختيار شيخنا يخرج على وجه من صوب غير معين أو وقف ، لا أن عليا هو المصيب وهي أقوال في مذهبنا وأن أكثر الصحابة وغيرهم رأى ترك قتالهما ، وأنه لا يجب مع واحدة ، وقال في تفضيل مذهب أهل المدينة على الكوفة : أكثر المصنفين لقتال أهل البغي يرى القتال من ناحية علي .
ومنهم من يرى الإمساك ، وهو المشهور من قول أهل المدينة وأهل الحديث مع [ ص: 153 ] رؤيتهم لقتال من خرج عن الشريعة كالحرورية ونحوهم ، وأنه يجب ، والأخبار في أمر الفتنة توافق هذا ، فاتبعوا النص الصحيح والقياس المستقيم ، ولهذا كان المصنفون لعقائد أهل السنة والجماعة يذكرون فيه ترك القتال في الفتنة ، والإمساك عما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم وقال في رده على الرافضي : السلف والأئمة يقول أكثرهم ( هـ م ) وأحمد وغيرهم : لم يوجد شرط قتال الطائفة الباغية ، فإن الله لم يأمر به ابتداء بل بالصلح ، ثم إن بغت إحداهما قوتلت .
وهؤلاء قوتلوا قبل أن يبدءوا بقتال ، ولهذا كان هذا القتال عند أحمد وغيره كمالك قتال فتنة ، وأبو حنيفة يقول : لا يجوز قتال البغاة حتى يبدءوا بقتال ، إلى أن قال شيخنا : ولكن علي كان أقرب إلى الحق من معاوية وإن بعض أصحابنا صوب كلا منهما بناء على أن كل مجتهد مصيب ، ذكره ابن حامد .
وفي كتاب ابن حامد كقول شيخنا : فقال : الأكابر من الصحابة والكافة كانوا متباعدين عن ذلك ، قال أحمد : حدثنا إسماعيل ، حدثنا أيوب ، حدثنا محمد بن سيرين قال : هاجت الفتنة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف ، فما حضر فيها مائة .
وفي غير كتاب ابن حامد بل لم يبلغوا ثلاثين ، وحدثنا إسماعيل ، حدثنا منصور قال الشعبي لم يشهد الجمل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم غير علي وعمار وطلحة والزبير فإن جاءوا بخامس فأنا كذاب .
ومراده من البدريين ، وقال ابن هبيرة في حديث أبي بكرة في ترك القتال في الفتنة .
أي في قتل عثمان ، فأما ما جرى بعده فلم يكن لأحد من المسلمين التخلف عن علي .
ولما تخلف عنه سعد وابن عمر [ ص: 154 ] وأسامة ومحمد بن مسلمة من الصحابة ومسروق والأحنف من التابعين فإنهم ندموا ، فقد روى ابن عبد البر في كتاب الاستيعاب في أسماء الصحابة أن عبد الله بن عمر كان يقول عند الموت : إني أخرج من الدنيا وليس في قلبي حسرة إلا تخلفي عن علي ، أو كلاما هذا معناه ( رواه عنه ) من طرق ، وكذا روي عن مسروق وغيره أنهم من تخلفهم [ قالوا ] ذلك ، كذلك قال .
وفي شرح مسلم : يجب قتال الخوارج والبغاة ( ع ) ثم قال : قال القاضي : أجمع العلماء أن الخوارج وشبههم من أهل البدع والبغي متى خرجوا على الإمام وخالفوا رأي الجماعة وجب قتالهم بعد الإنذار والإعذار قال تعالى { فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله } فإن استنظروه مدة ولم يخف مكيدة أنظرهم ، وإلا فلا ، ولو أعطوه مالا أو رهنا .
وقيل للقاضي : يجوز قتال البغاة إذا لم يكن هناك إمام ؟ فقال : نعم ، لأن الإمام إنما أبيح له قتالهم لمنع البغي والظلم ، وهذا موجود بدون إمام .
ويحرم قتالهم بمن يقتل مدبرهم ، ككفار ، وبما يعم إتلافه ، كمنجنيق ونار ، إلا لضرورة ، كفعلهم إن لم يفعله ، وكذا بسلاحهم وكراعهم ، وعنه : وغيرها ومراهق وعبد ، كخيل قاله في الترغيب .
ويحرم قتل [ ص: 155 ] مدبرهم وجريحهم ، وفي القود وجهان ( م 1 ) جزم في الترغيب بأن المدبر من انكسرت شوكته لا المتحرف إلى موضع .
وفي المغني يحرم قتل من ترك القتال ، ويحرم أخذ مالهم وذريتهم ويخلى أسيرهم بعد الحرب .
وفي الترغيب : لا ، مع بقاء شوكتهم ، فإن بطلت ويتوقع اجتماعهم في الحال فوجهان ( م 2 ) ، وقيل : يجوز حبسه ليخلى أسيرنا ، وقيل : يخلى صبي وامرأة ونحوهما في الحال .
ويكره له قصد رحمة الباغي بالقتل ، وعند القاضي : لا كإقامة حد ، ويتوجه احتمال : يحرم .
[ ص: 155 ]


