الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        35062 - وقال مالك في العبد يكون بين الرجلين فيدبر أحدهما حصته : أنهما يتقاومانه ، فإن اشتراه الذي دبره ، كان مدبرا كله ، وإن لم يشتره ، انتقض تدبيره إلا أن يشاء الذي بقي له فيه الرق أن يعطيه شريكه الذي دبره بقيمته ، فإن أعطاه إياه بقيمته لزمه ذلك وكان مدبرا كله .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        35063 - قال أبو عمر : أما اختلاف الفقهاء في هذه المسألة ، فإن الشافعي لا بأس عنده أن يدبر الرجل حصته من عبد بينه وبين غيره ، كما له أن يوصي بذلك ، والمدبر عنده والعبد غير المدبر سواء ، ويبقى نصيب الذي دبر مدبرا ، ونصيب الذي [ ص: 391 ] لم يدبر على حاله ، فإن مات الذي دبر نصفه ، ولم يقوم النصف الثاني ; لأن المال قد صار إلى الورثة .

                                                                                                                        35064 - وقد ألزم الشافعي مالكا في هذه المسألة بيع المدبر ، وزعم أنه قد نقض فيها قوله : ( ( لا يباع المدبر بإجازته المقاومة فيه ; لأنه إذا وقع في ملك الذي لم يدبر انتقض التدبير ، وصار بيعا لما كان دبر منه .

                                                                                                                        35065 - وأما أبو حنيفة فيقول : إذا دبر أحد الشريكين في عبد حصته فإن لشريكه في ذلك خمس خيارات إن شاء أمسك بحصته ، وإن شاء استسعى العبد في قيمة الحصة التي له فيها ، وإن شاء قومها على شريكه ، كان موسرا ، أو معسرا .

                                                                                                                        35066 - وقال في الموسر : إن شاء ضمنه ، وإن شاء استسعى العبد ، وإن كان معسرا سعى العبد ولم يرجع على العتق .

                                                                                                                        35067 - وقال أبو يوسف ، ومحمد ، في مدبر بين رجلين ، يعتقه أحدهما : إذا كان المعتق موسرا ، فشريكه بالخيار ، إن شاء أعتق ، وإن شاء ضمن نصف قيمته مدبرا ، وإن شاء استسعى ، والولاء بينهما نصفان .

                                                                                                                        35068 - وقال مالك : يقوم على الذي أعتق قيمة عبد ، وينفسخ التدبير .

                                                                                                                        35069 - وقال الليث : لا يضمن المعتق ، ونصيب الآخر على ملكه ، يخدم المدبر للشريك يوما ، ولنفسه يوما ، وإن مات العبد ورثه الذي له فيه الرق .

                                                                                                                        [ ص: 392 ] 35070 - وقال الليث في عبد بين رجلين ، دبره أحدهما قال : يقوم عليه ، ويدفع إلى صاحبه نصف قيمته ، ويكون مدبرا كله ، فإن لم يكن له مال سعى في نصف قيمته حتى يؤديها إلى صاحبه ، فإذا أداها رجع إلى الذي دبر نصفه ، فكان مدبرا كله ، فإن مات العبد في حال سعايته ، وترك مالا دفع إلى الذي دبر نصفه فكان الذي لم يدبر ما بقي عليه من نصف قيمته ثم كان ما بقي للذي دبره .

                                                                                                                        35071 - واختلفوا في العبد بين الرجلين ، دبر أحدهما نصيبه ، وأعتق الآخر .

                                                                                                                        35072 - فقال مالك : يقوم على الذي أعتقه ، وهو أحب إلي .

                                                                                                                        35073 - وقال الشافعي : إن كان الذي أعتق موسرا ، فالعبد حر كله ، وعليه نصف قيمته للذي دبره ، وله ولاؤه ، وإن كان معسرا فنصيبه منه حر ، ونصيب شريكه مدبر .

                                                                                                                        35074 - وقال ابن أبي ليلى : إن كان المعتق معسرا سعى العبد في نصف قيمته الذي دبر ، ويرجع بذلك على المعتق ، يتبعه به دينا ، والولاء كله له وإن كان موسرا ضمن نصف القيمة ، وبطل التدبير ، وأعتق كله على المعتق .

                                                                                                                        [ ص: 293 ] 35075 - وقال أبو حنيفة : إن شاء الذي دبر ضمن نصف القيمة ، وإن شاء استسعى العبد ، وإن شاء أعتق .

                                                                                                                        35076 - هذا إذا كان المعتق موسرا ، وإن كان معسرا ، استسعى العبد إن شاء في نصف قيمته ، وإن شاء أعتق .

                                                                                                                        35077 - وقال أبو يوسف ، ومحمد : إذا دبر ، ثم أعتق شريكه كان عتقه باطلا ، وضمن الذي دبر نصف قيمته ، موسرا كان أو معسرا ، كان مدبرا كله .




                                                                                                                        الخدمات العلمية