الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        33423 - قال مالك في الذي يوصي في ثلثه ، فيقول : لفلان كذا وكذا ، ولفلان كذا وكذا ، يسمي مالا من ماله ، فيقول ورثته : قد زاد على ثلثه ، فإن الورثة يخيرون بين أن يعطوا أهل الوصايا وصاياهم ، ويأخذوا جميع مال الميت ، وبين أن يقسموا لأهل الوصايا ثلث مال الميت ، فيسلموا إليهم ثلثه ، فتكون حقوقهم فيه إن أرادوا بالغا ما بلغ .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        33424 - قال أبو عمر : هذه مسألة معروفة لمالك ، وأصحابها يدعونها [ ص: 48 ] مسألة خلع الثلث .

                                                                                                                        33425 - وخالفهم فيها أبو حنيفة ، والشافعي ، وأبو ثور ، وأحمد ، وداود ، وأصحابهم ، وأنكروها على مالك - رحمه الله .

                                                                                                                        33426 - وقد أجمعوا أن الوصية تصح بموت الموصي ، وقبول الموصى له إياها بعد موت الموصي .

                                                                                                                        33427 - وإذا صح ملك الموصى له للشيء الموصى به ، فكيف تجوز فيه المعاوضة بثلث لا يبلغ إلا معرفته ، ولا يوقف على حقيقته .

                                                                                                                        33428 - وقد أجمعوا أنه لا تجوز البياعات والمعاوضات في المجهولات .

                                                                                                                        33429 - وأجمعوا أنه لا يحل ملك مالك إلا عن طيب نفسه ، فكيف يؤخذ من الموصى له ما قد ملكه بموت الموصي ، وقبوله له بغير طيب نفس منه .

                                                                                                                        33430 - ومن حجة مالك أن الثلث موضع للوصايا ، فإذا امتنع الورثة أن يخرجوا ما أوصى به الميت ، وزعموا أنه تعدى فيه بأكثر من الثلث خيروا بين أن يسلموا للموصى له ما أوصى به الميت لهم ، أو يسلموا إليه ثلث الميت ، كما لو جنى العبد جناية قيمتها مائة درهم ، والعبد قيمته ألف كان سيده مخيرا بين أن يؤدي أرش الجناية ، فلا يكون للمجني عليه إلى العبد سبيل ، وبين أن يسلم العبد إليه ، وإن كان يساوي أضعاف قيمة الجناية .

                                                                                                                        [ ص: 49 ] 33431 - قال أبو عمر : الذي أقول به أن الورثة إذا ادعوا أن الشيء الموصى به أكثر من الثلث كلفوا بيان ذلك ، فإذا ظهر ذلك ، وكان كما ذكروا أكثر من الثلث يأخذ من الموصي له ثلث مال الميت ، وكان شريكا للورثة بذلك فيه ، وإن كان الثلث فأقل أجبروا على الخروج عنه إلى الموصى له ، وبالله التوفيق لا شريك له .




                                                                                                                        الخدمات العلمية