الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 279 ] وإن غلط بنقص وصدق ، أو أثبت : رد ، أو دفع ما تبين وربحه ، فإن فاتت خير مشتريه بين الصحيح ، وربحه وقيمته يوم بيعه ، ما لم تنقص عن الغلط وربحه ، وإن كذب : لزم المشتري ، إن حطه ، وربحه بخلاف الغش [ ص: 280 ] وإن فاتت ففي الغش أقل الثمن والقيمة ، وفي الكذب خير بين الصحيح وربحه ، أو قيمتها ، ما لم تزد على الكذب وربحه ، ومدلس المرابحة : كغيرها .

التالي السابق


( وإن غلط ) بائع المرابحة على نفسه فأخبر ( بنقص ) عن ثمن السلعة ( وصدق ) بضم الصاد وكسر الدال مشددة أي صدقه المشتري منه في غلطه ( أو ) لم يصدق و ( أثبت ) البائع غلطه ببينة أو ظهر بكتابة على السلعة وحلف معها ( رد ) المشتري السلعة وأخذ ثمنه ( أو دفع ) المشتري للبائع ( ما تبين ) أنه ثمنها ( وربحه ) إذا كان المبيع قائما ( وإن فات ) المبيع عند المشتري بزيادة أو نقص لا بحوالة سوق ( خير ) بضم الخاء المعجمة وكسر الياء مشددة ( مشتريه ) أي المبيع بالمرابحة ( بين ) دفع الثمن ( الصحيح وربحه ) للبائع ( و ) دفع ( قيمته ) أي المبيع المقوم ، ومثل المثلي وتعتبر قيمته ( يوم بيعه ) لصحة العقد وفي الموطإ يوم قبضه ، وعليه درج ابن الحاجب ( ما لم تنقص ) قيمته ( عن الغلط وربحه ) فإن نقصت عنه لزمته بالغلط وربحه طفي أي وما لم تزد على الصحيح وربحه كما في المدونة فعليه أن يبينه ، لكن تبع عبارة ابن الحاجب البناني لا يحتاج لهذه الزيادة لأنه حيث خير المشتري فمعلوم أنه لا يختار إلا الأقل ( وإن كذب ) البائع في إخباره بالثمن بزيادة بأن قال : خمسين وهو أربعون ( لزم ) البيع ( المشتري إن حطه ) أي أسقط البائع الكذب أي القدر الذي زاده وهو عشرة في المثال ( وربحه ) .

فإن لم يحطه فلا يلزمه ويخير بين التمسك والرد ( بخلاف ) حكم ( الغش ) [ ص: 280 ] ككتابته على المبيع أكثر من ثمنه وبيعه بالمرابحة على ثمنه وبيعه ما ورثه موهما أنه اشتراه وكتمه طول إقامته عنده ، فلا يلزم المشتري ، ويخير بين التمسك والرد مع القيام والغش إيهام وجود مفقود مقصود وجوده أو فقد موجود مقصود فقده لا تنقص قيمته لهما ، أي فقد مقصود الوجود ولا وجود مقصود الفقد ، والاحتراز بقوله لا تنقص قيمته إلخ عن العيب وذلك أنهم فرقوا في باب المرابحة بين الغش والعيب ، بأن ما يكره ولا تنقص القيمة له يسمى غشا ، كطول إقامة السلعة وكونها غير بلدية أو من التركة وما تنقص القيمة له يسمى عيبا كالعيوب المتقدمة والمراد بكون القيمة لا تنقص للغش عدم نقصها باعتبار ذات المبيع فقط ، بقطع النظر عن ذلك بخلاف العيب ، فإن ذات المبيع ناقصة غالبا قاله طفي ( وإن فاتت ) السلعة بنماء أو نقص أو حوالة سوق ( ففي الغش ) يلزم المشتري ( أقل ) أمرين ( الثمن ) الذي بيعت به ( والقيمة ) يوم قبضها ولا يضرب ربح على الأقل ( وفي الكذب خير ) بضم الخاء المعجمة وكسر التحتية مشددة البائع ( بين ) أخذ ( الصحيح وربحه أو قيمتها ) أي السلعة ( ما لم تزد ) قيمتها ( على الكذب وربحه ) فإن زادت عليه وربحه فيلزم المشتري الكذب وربحه فقط لرضا البائع به .

وجعل ضمير خير للبائع هو الذي في ابن الحاجب والشرح و " ح " ويدل عليه قوله ما لم تزد على الكذب وربحه ، إذ لو كان الخيار للمشتري لم يكن لهذا التقييد معنى إذ له دفعها ولو زادت على الكذب وربحه لأنه يدفعها باختياره ولأنه لا يختار إلا الأقل ( ومدلس ) بيع ( المرابحة ) أي المدلس فيها ( ك ) المدلس في بيع ( غيرها ) أي المرابحة من بيع المساومة والمزايدة والاستئمان في أن المشتري مخير بين الرد ولا شيء عليه والتمسك ، ولا شيء له إلا أن يدخل عنده عيب طفي لو قال : وعيب المرابحة [ ص: 281 ] كغيرها لكان أشمل ، لكن تبع عبارة ابن رشد إلا أن ابن رشد أتى في آخر كلامه بما يدل على العموم ، فجاء كلامه حسنا انظره في " ق " ابن يونس تفترق المرابحة من غيرها في هلاك السلعة في الكذب بزيادة في الثمن يريد أو الغش قبل قبض المشتري فضمانها من البائع كما قال فيها لشبه المرابحة البيع الفاسد ، والله سبحانه وتعالى أعلم .




الخدمات العلمية