الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 342 ] وإن أسلمت عرضا فهلك بيدك فهو منه ، إن أهمل ، أو أودع ، أو [ ص: 343 ] على الانتفاع ، ومنك إن لم تقم بينة ووضع للتوثيق ، ونقض السلم وحلف ; وإلا خير الآخر ، وإن أسلمت حيوانا أو عقارا : فالسلم ثابت ، ويتبع الجاني

التالي السابق


( وإن أسلمت عرضا ) يغاب عليه كثوب أي عقدت عليه سلما في مسلم فيه وليس المراد أسلمته بالفعل لقوله ( فهلك ) أي تلف العرض الذي جعلته رأس مال ( بيدك ) يا مسلم ( فهو ) أي العرض أي ضمانه ( منه ) أي المسلم إليه ( إن أهمل ) أي فرط المسلم إليه في قبض العرض منك ( أو أودع ) المسلم إليه العرض عندك ( أو ) تركه عندك [ ص: 343 ] على ) وجه ( الانتفاع ) منك به إما لاستثنائك منفعته أو استئجاره منه أو إعارته لك ( و ) ضمانه ( منك ) يا مسلم ( إن لم تقم ) أي تشهد ( بينة ) بهلاك العرض ( ووضع ) بضم الواو وكسر الضاد المعجمة عندك ( للتوثق ) به في المسلم فيه أو على المسلم إليه بالإشهاد على تسليمه له أو بإتيانه برهن أو حيل بالمسلم فيه ( ونقض ) بضم فكسر أي فسخ ( السلم وحلف ) المسلم على هلاك العرض الموضوع عنده للتوثق به . ولو قال إن حلفت بإن الشرطية وتاء الخطاب لكان أظهر في إفادة المراد ، وهذا حيث لم تشهد بينة بتلفه منك أو من غيرك وإلا فلا ينقض ، وضمنه المسلم إليه إن شهدت بأنه من غيرك وإن شهدت بأنه منك ضمنته ( وإلا ) أي وإن لم تحلف بأن نكلت عن اليمين ( خير ) بضم الخاء المعجمة وكسر التحتية مثقلة ( الآخر ) بفتح الخاء المعجمة أي المسلم إليه في نقض السلم وإبقائه واتباعك بقيمة العرض .

( وإن أسلمت حيوانا أو عقارا ) أي جعلت ما ذكر رأس مال سلم فتلف بتعدي المسلم أو أجنبي ( فالسلم ثابت ) لا ينقض ( ويتبع ) المسلم إليه ( الجاني ) على الحيوان أو العقار بقيمته . الحط في هذا الكلام إجمال ، والكلام المفصل المبين ما قاله ابن بشير ، واعلم قبله أنه قد علم مما سبق أن ضمان العرض في الأوجه الثلاثة الأول من المسلم إليه وكذا إذا قامت بينة في الوجه الرابع وإلا فمن المسلم .

ابن بشير إن هلك بعدما صار في ضمان المسلم إليه فلا شيء في صحة السلم ، وينظر فإن هلك من الله تعالى أو من المسلم إليه فلا رجوع له على أحد ، وإن كان من المسلم رجع عليه بقيمته أو بمثله على حسب تضمين المتلفات ، وكذلك يرجع على الأجنبي إن أتلفه ، وإن كان في ضمان المسلم انفسخ السلم إلا أن يتلفه المسلم إليه قاصدا إلى قبضه وإتلافه فيصح السلم ، وإن جهل ممن هلاكه ففيه قولان أحدهما فسخ السلم وهو المشهور ، والثاني [ ص: 344 ] تخيير المسلم إليه ا هـ . قوله وإن جهل هلاكه إنما يرجع إلى ما في ضمان المسلم إليه لا يتصور فيه الفسخ ، فإن جهل ممن هلاكه فضمانه من المسلم إليه ولا غرم على أحد ، نعم يحلف المسلم إن اتهم به والله أعلم .




الخدمات العلمية