الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( ومن غصب ثوبا فصبغه أحمر أو سويقا فلته بسمن فصاحبه بالخيار ، إن شاء ضمنه قيمة ثوب أبيض ومثل السويق وسلمه للغاصب ، وإن شاء أخذهما وغرم ما زاد الصبغ والسمن فيهما ) وقال الشافعي في الثوب : لصاحبه أن يمسكه ويأمر الغاصب بقلع الصبغ بالقدر الممكن اعتبارا بفصل الساحة [ ص: 344 ] بنى فيها ; لأن التمييز ممكن ، بخلاف السمن في السويق ; لأن التمييز متعذر . ولنا ما بينا أن فيه رعاية الجانبين والخيرة لصاحب الثوب لكونه صاحب الأصل ، بخلاف الساحة بنى فيها ; لأن النقض له بعد النقض ; أما الصبغ فيتلاشى ، وبخلاف ما إذا انصبغ بهبوب الريح ; لأنه لا جناية من صاحب الصبغ ليضمن الثوب فيتملك صاحب الأصل الصبغ . قال أبو عصمة في أصل المسألة : وإن شاء رب الثوب باعه ويضرب بقيمته أبيض وصاحب الصبغ بما زاد الصبغ فيه ; لأن له أن لا يتملك الصبغ بالقيمة ، وعند امتناعه تعين رعاية الجانبين في البيع ويتأتى ، هذا فيما إذا انصبغ الثوب بنفسه ، وقد ظهر بما ذكرنا لوجه في السويق ، غير أن السويق من ذوات الأمثال فيضمن مثله والثوب من ذوات القيم فيضمن قيمته . وقال في الأصل : يضمن قيمة السويق ; لأن السويق يتفاوت بالقلي فلم يبق مثليا . وقيل المراد منه المثل سماه به لقيامه مقامه ، والصفرة كالحمرة . ولو صبغه أسود فهو نقصان عند أبي حنيفة ، وعندهما زيادة . وقيل هذا اختلاف عصر وزمان . وقيل إن كان ثوبا ينقصه السواد فهو نقصان ، وإن كان ثوبا يزيد فيه السواد فهو كالحمرة وقد عرف في غير هذا الموضع . ولو كان ثوبا تنقصه الحمرة بأن كانت قيمته ثلاثين درهما فتراجعت بالصبغ إلى عشرين ، فعن محمد أنه ينظر إلى ثوب تزيد فيه الحمرة ، فإن كانت الزيادة خمسة يأخذ ثوبه وخمسة دراهم ; لأن إحدى الخمستين جبرت بالصبغ .

التالي السابق


الخدمات العلمية