الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                    15 - باب خير الدين أيسره

                                                                                                                                                                    [ 82 / 1 ] قال أبو داود الطيالسي: ثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن رجاء، عن محجن قال: "أخذ محجن بيدي، حتى انتهينا إلى مسجد البصرة فإذا بريدة الأسلمي قاعد على باب من أبواب المسجد، وفي المسجد رجل يقال له: سكبة يطيل الصلاة، وكان في بريدة مزاحة، قال بريدة: يا محجن، ألا تصلي كما يصلي سكبة. فلم يرد عليه محجن شيئا. وقال محجن: أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صعدنا أحدا فأشرف على المدينة فقال: ويل لأمها من قرية يدعها أهلها أعمر ما كانت حتى يجيء الدجال، فيجد على كل باب منها ملكا مصلتا ولا يدخلها" .

                                                                                                                                                                    [ 82 / 2 ] وبه إلى محجن قال: "أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي حتى انتهينا إلى سدة المسجد، فإذا رجل يركع ويسجد ويركع ويسجد فقال لي: من هذا؟ فقلت: هذا فلان، وجعلت أطريه وأقول هذا، هذا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسمعه فتهلكه. [ ص: 112 ]

                                                                                                                                                                    ثم انطلق بي حتى بلغ باب حجرة، ثم أرسل يده من يدي، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير دينكم أيسره - قالها ثلاثا"
                                                                                                                                                                    .

                                                                                                                                                                    [ 82 / 3 ] قال: وثنا عيينة بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن بريدة قال: "خرجت أمشي فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فظننت أنه يريد حاجة، فعارضته حتى رآني، فأرسل إلي، فأتيته فأخذ بيدي فانطلقنا نمشي جميعا، فإذا رجل بين أيدينا يصلي يكثر الركوع والسجود، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تراه يرائي؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم. فأرسل يدي فقال: عليكم هديا قاصدا، فإنه من يشاد هذا الدين يغلبه " .

                                                                                                                                                                    [ 82 / 4 ] رواه مسدد: ثنا يزيد بن زريع، ثنا يونس، عن زياد بن مخراق، عن رجل من أسلم قال: "كان منا ثلاثة نفر صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم: بريدة، ومحجن، وسكبة، فقال محجن لبريدة: ألا تصلي كما يصلي سكبة؟ قال: لا، لقد رأيتني أقبلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحد نتماشى يدي في يده، فرأى رجلا يصلي فقال: أتراه رجلا، أتراه صادقا، فذهبت أثني عليه، قال: فلما دنونا نزع يده من يدي وقال: ويحك، اسكت لا تسمعه فتهلكه، إن خير دينكم أيسره " .

                                                                                                                                                                    [ 82 / 5 ] ورواه أبو بكر بن أبي شيبة: ثنا شبابة بن سوار، ثنا شعبة، عن جعفر ابن إياس عن عبد الله بن شقيق، عن رجاء بن أبي رجاء قال: "دخل بريدة المسجد، ومحجن على باب المسجد، فقال بريدة - وكان فيه مزاح، يا محجن، ألا تصلي كما يصلي سكبة؟ فقال محجن: إن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيدي فصعد أحدا فأشرف على المدينة فقال: ويل أمها مدينة يدعها أهلها وهي أخير ما كانت - أو أعمر - يأتيها الدجال فيجد على كل باب من أبوابها ملكا مصلتا بجناحيه فلا يدخلها. ثم نزل النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيدي فدخل المسجد، فإذا رجل يصلي فقال لي: من هذا؟ فأثنيت عليه خيرا، فقال: اسكت، لا تسمعه فتهلكه. ثم أتى على باب حجرة امرأة من نسائه فنفض يده من يدي ثم قال: إن خير دينكم أيسره، إن خير دينكم أيسره - مرتين " . [ ص: 113 ]

                                                                                                                                                                    [ 82 / 6 ] قال: ثنا يزيد بن هارون وأبو داود الطيالسي، عن عيينة بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن بريدة الأسلمي قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فأتى على رجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتراه مرائيا؟ ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليكم هديا قاصدا، فإنه من يشاد هذا الدين يغلبه "

                                                                                                                                                                    [ 82 / 7 ] ورواه أحمد بن منيع : ثنا إسماعيل ابن علية، عن عيينة بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن بريدة الأسلمي قال: خرجت ذات يوم فإذا أنا بالنبي صلى الله عليه وسلم يمشي بين يدي فأدركته فمشيت معه فأخذ بيدي فانطلقنا فإذا نحن بأيدينا رجل يكثر الركوع والسجود، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تراه يرائي؟ قلت: الله ورسوله أعلم. فترك يده من يدي، وقال بيده، فجمعهما ثم جعل يصوبهما ويقول: عليكم هديا قاصدا، فإنه من يشاد هذا الدين يغلبه "

                                                                                                                                                                    [ 82 / 8 ] ورواه أبو يعلى الموصلي: ثنا زهير، ثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن عيينة بن عبد الرحمن ... فذكر حديث ابن منيع بتمامه.

                                                                                                                                                                    هذا حديث صحيح، وفيه ثلاثة من الصحابة: بريدة هو ابن الحصيب الأسلمي شهد فتح خيبر، وهو آخر من مات من الصحابة بخراسان، وأسلم قبل بدر ولم يشهدها وشهد الفتح.

                                                                                                                                                                    ومحجن هو ابن الأدرع الأسلمي نزل البصرة واختط مسجدها.

                                                                                                                                                                    وسكبة بفتحات وموحدة.

                                                                                                                                                                    ورجاء بن أبي رجاء الباهلي البصري وثقه العجلي وابن حبان.

                                                                                                                                                                    وأبو بشر هو جعفر بن إياس أحد رجال الصحيح.

                                                                                                                                                                    وأبو عوانة هو الوضاح بن عبد الله اليشكري الحافظ.

                                                                                                                                                                    وعبد الرحمن بن جوشن، وثقه أبو زرعة وابن سعد والعجلي. وذكره ابن حبان في الثقات.

                                                                                                                                                                    وابنه عيينة وثقه ابن معين وابن سعد وأبو حاتم والنسائي، وذكره ابن حبان في الثقات.

                                                                                                                                                                    وزياد بن مخراق المزني وثقه ابن معين والنسائي، وذكره ابن حبان في الثقات، وباقي رجال الإسناد رجال الصحيح. [ ص: 114 ]

                                                                                                                                                                    [ 82 / 9 ] ورواه القضاعي في كتابه مسند الشهاب من طريق عيينة بن عبد الرحمن بن جوشن، حدثني أبي، عن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يشاد هذا الدين يغلبه " .

                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية