الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                    إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة

                                                                                                                                                                    البوصيري - شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري

                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                    [ 297 ] وقال أبو يعلى الموصلي: ثنا الحسن بن عمر بن شقيق بن أسماء الجرمي، ثنا جعفر بن سليمان الضبعي عن أبي عمران الجوني، ثنا جندب قال: أتيت المدينة ابتغاء العلم، وإذا الناس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم حلق حلق يتحدثون، قال: فجعلت أمضي إلى الحلق حتى أتيت حلقة فيها رجل شاحب عليه ثوبين كأنما قدم من سفر، فسمعته يقول: هلك أصحاب العقد ورب الكعبة ولا آسى عليهم، قالها ثلاث مرات، قال: فجلست إليه فتحدث مما قضي له، ثم قام، فلما قام سألت عنه، قلت: من هذا؟ قالوا: هذا أبي بن كعب سيد المسلمين، فتبعته حتى أتى منزله، فإذا هو رث المنزل ورث الكسوة يشبه بعضه بعضا، فسلمت عليه، فرد علي السلام، ثم سألني ممن أنت؟ قلت: من أهل العراق، قال: أكثر شيء سؤالا. قال: فلما قال ذلك غضبت فجثوت على ركبتي واستقبلت القبلة ورفعت يدي، فقلت: اللهم إنا نشكوهم إليك، إنا ننفق نفقاتنا، وننصب أبداننا، ونرحل مطايانا ابتغاء العلم، فإذا لقيناهم تجهمونا، [ ص: 215 ] وقالوا لنا فبكى أبي، وجعل يترضاني وقال: ويحك لم أذهب هناك، ثم قال: إني أعاهدك لئن أبقيتني إلى يوم الجمعة لأتكلمن بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أخاف فيه لومة لائم، ثم أراه قام، فلما قال ذلك انصرفت عنه، وجعلت أنتظر الجمعة لأسمع كلامه، قال: فلما كان يوم الخميس خرجت لبعض حاجاتي، فإذا السكك غاصة بالناس، لا آخذ في سكة إلا يلقاني الناس، قلت: ما شأن الناس؟ قالوا: نحسبك غريبا. قلت: أجل، قالوا: مات سيد المسلمين أبي بن كعب، قال: فلقيت أبا موسى بالعراق، فحدثته بالحديث، فقال: والهفاه ألا كان بقي حتى يبلغنا مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم " . هذا إسناد رجاله ثقات.

                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية