الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                    [ 532 / 1 ] وقال عبد بن حميد: ثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن عمرو بن عبسة أنه كان جالسا مع أصحابه إذ قال رجل: من يحدثنا حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال عمرو: أنا، قال: هي لله أبوك، واحذر، قال: سمعته يقول: من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورا يوم القيامة. قال: هي لله أبوك واحذر. قال: سمعته يقول: من رمى بسهم في سبيل الله كان ذلك عتق رقبة. قال: هي لله أبوك واحذر. قال: سمعته يقول: من أعتق نسمة أعتق الله بكل عضو منها عضوا منه من النار.

                                                                                                                                                                    قال: وسمعته يقول: من أعتق نسمتين أعتق الله بكل عضوين منها عضوا منه من النار. قال: هي لله أبوك واحذر. قال: وحديث لو أني لم أسمعه منه إلا مرة أو مرتين أو ثلاثا أو [ ص: 317 ] أربعا أو خمسا لم أحدثكموه، قال: سمعته يقول: ما من مسلم يتوضأ فيغسل وجهه إلا تساقطت خطايا وجهه من أطراف لحيته، فإذا غسل يديه تساقطت خطايا يديه من أنامله وأظفاره، فإذا مسح برأسه تساقطت خطايا رأسه من (أطراف ) شعره، فإذا غسل رجليه تساقطت خطايا رجليه من باطنهما، فإذا أتى مسجد جماعة فصلى فيه، فقد وقع أجره على الله - عز وجل - فإن قام فصلى ركعتين كانتا كفارة له "
                                                                                                                                                                    .

                                                                                                                                                                    [ 532 / 2 ] قال: وحدثني أحمد بن يونس، حدثني عبد الحميد بن بهرام، ثنا شهر بن حوشب، أخبرني أبو ظبية "أن شرحبيل بن السمط دعا عمرو بن عبسة السلمي فقال: يا ابن عبسة، هل أنت محدثني حديثا سمعته أنت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيه تزيد ولا كذب، ولا تحدثنيه عن آخر سمعه منه غيرك؟ قال: نعم، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: قد حقت محبتي للذين يتحابون من أجلي، وقد حقت محبتي للذين يتباذلون من أجلي، وقد حقت محبتي للذين يتناصرون من أجلي، وقد حقت محبتي للذين يتصدقون من أجلي، وقد حقت محبتي للذين يتزاورون من أجلي " .

                                                                                                                                                                    قال عمرو بن عبسة: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أيما رجل مسلم رمى بسهم في سبيل الله فبلغ مخطئا أو مصيبا، فله من الأجر كرقبة أعتقها من ولد إسماعيل، وأيما رجل شاب شيبة في الإسلام فهي له نور، وأيما رجل مسلم أعتق رجلا مسلما، فكل عضو من المعتق بعضو من المعتق فداء له من النار، وأيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة فكل عضو من المعتقة بعضو من المعتقة فكاكها من النار، وأيما رجل مسلم قدم لله من صلبه ثلاثا لم يبلغوا الحنث - أو امرأة - فهم له سترة من النار، وأيما رجل قام إلى وضوء يريد الصلاة، فأحصى الوضوء إلى أماكنه، سلم من كل ذنب أو خطيئة هي له، فإن قام إلى الصلاة رفعه الله بها درجة، وإن قعد قعد سالما" . فقال شرحبيل بن السمط: أنت سمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ابن عبسة؟ قال: نعم، والذي لا إله إلا هو، لو لم أسمع هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة أو مرتين أو ثلاث أو أربع أو خمس أو ست أو سبع - فانتهى عند سبع - ما حلفت أن أحدثه أحدا من الناس، ولكن والله لا أدري ما عدد ما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ! " . [ ص: 318 ]

                                                                                                                                                                    وسيأتي هذا الحديث بطرقه في كتاب الزينة في باب من شاب شيبة في الإسلام.

                                                                                                                                                                    [ 532 / 3 ] قال: وثنا يزيد بن هارون، أبنا بشر بن نمير، عن القاسم، عن أبي أمامة، عن " عمرو بن عبسة، سأله شرحبيل بن حسنة فقال: يا عمرو، هل من حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيه نسيان ولا تزيد؟ قال: نعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من توضأ فغسل كفيه خرجت خطاياه من أنامله، فإذا تمضمض واستنشق، خرجت خطاياه من مسامعه، فإذا غسل وجهه خرجت خطاياه من وجهه، فإذا غسل يديه خرجت خطاياه من يديه، فإذا مسح برأسه خرجت خطاياه من أطراف شعره، فإذا غسل قدميه خرجت خطاياه من أنامله، فإن قعد على وضوء فله أجره، وإن قام متفرغا لصلاته انصرف كما ولدته أمه من الخطايا. فقال له شرحبيل: يا عمرو، انظر ما تقول! قال: لو لم أسمعه إلا مرة أو مرتين أو ثلاثا لم أكن لأحدثكموه، وقال: من شاب شيبة في الإسلام؛ كانت له نورا يوم القيامة، ومن رمى العدو بسهم فبلغ، أصاب أو أخطأ فعدل رقبة" .

                                                                                                                                                                    قلت: روى مسلم والنسائي في الكبرى وابن ماجه قصة الوضوء باختصار، وأبو داود والترمذي والنسائي قصة الشيب باختصار، وسيأتي في كتاب الزينة مبينا - إن شاء الله تعالى.

                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية