الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  (وقال ابن عباس رضي الله عنهما: ليس العنبر بركاز هو شيء دسره البحر)

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في كون العنبر مما يستخرج من البحر، والعنبر -بفتح العين المهملة وسكون النون، وفتح الباء الموحدة - ضرب من الطيب، وهو غير العبير -بفتح العين وكسر الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف- فإنه أخلاط تجمع بالزعفران.

                                                                                                                                                                                  وقال الكرماني: الظاهر أن العنبر زبد البحر.

                                                                                                                                                                                  وقيل: هو روث دابة بحرية.

                                                                                                                                                                                  وقيل: إنه شيء ينبت في قعر البحر فيأكله بعض الدواب، فإذا امتلأت منه قذفته رجيعا.

                                                                                                                                                                                  وقال ابن سينا: هو نبع عين في البحر.

                                                                                                                                                                                  وقيل: إنه من كور النخل يخرج في السنبل ببعض الجزاير.

                                                                                                                                                                                  وقال الشافعي في كتاب السلم من الأم: أخبرني عدد ممن أثق بخبره أنه نبات يخلقه الله تعالى في جنبات البحر. وحكى ابن رستم عن محمد بن الحسن أنه ينبت في البحر بمنزلة الحشيش في البر.

                                                                                                                                                                                  وقيل: إنه شجر ينبت في البحر فينكسر فيلقيه الموج إلى الساحل.

                                                                                                                                                                                  وقال ابن سينا: وما يحكى من أنه روث دابة أو قيؤها أو من زبد البحر - بعيد.

                                                                                                                                                                                  قوله: "بركاز" الركاز -بكسر الراء وتخفيف الكاف وفي آخره زاي - وهو يقال للمعدن والكنز جميعا، والمعدن خاص لما يكون في باطن الأرض خلقة، والكنز خاص لما يكون مدفونا، والركاز يصلح لهما كما قلنا، وفي (مجمع الغرائب) الركاز المعادن.

                                                                                                                                                                                  وقيل: هو كنوز الجاهلية. وفي (النهاية) لابن الأثير: كنوز الأرض الجاهلية المدفونة في الأرض، وهي المطالب في العرف عند أهل الحجاز، وهو المعادن عند أهل العراق، والقولان تحتملهما اللغة.

                                                                                                                                                                                  وقال النووي: الركاز بمعنى المركوز كالكتاب بمعنى المكتوب.

                                                                                                                                                                                  (قلت): من ركز في الأرض إذا أثبت أصله، والكنز يركز في الأرض كما يركز الرمح.

                                                                                                                                                                                  قوله: "دسره" أي: دفعه ورمى به إلى الساحل.

                                                                                                                                                                                  ثم هذا التعليق رواه البيهقي من طريق يعقوب بن سفيان: حدثنا الحميدي وابن قعنب وسعيد قالوا: حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن أذينة قال: سمعت ابن عباس قال: ليس العنبر بركاز.

                                                                                                                                                                                  وفي (المصنف) حدثنا وكيع، عن سفيان بن سعيد، عن عمرو بن دينار، عن أذينة ، عن ابن عباس : ليس في العنبر زكاة إنما هو شيء دسره البحر وأذينة -مصغر أذن- تابعي ثقة.

                                                                                                                                                                                  (فإن قلت): روى ابن أبي شيبة عن وكيع، عن الثوري، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس: سئل في العنبر فقال: إن كان فيه شيء ففيه الخمس.

                                                                                                                                                                                  (قلت): قال البيهقي: علق القول فيه في هذه الرواية وقطع بأن لا زكاة فيه في الرواية الأولى، والقطع أولى.

                                                                                                                                                                                  وقال ابن التين: قول ابن عباس قول أكثر العلماء.

                                                                                                                                                                                  (فإن قلت): روي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه أنه أخذ الخمس من العنبر.

                                                                                                                                                                                  (قلت): هو محمول على الجيش يدخلون أرض الحرب فيصيبون العنبر في ساحلها. وفيه الخمس؛ لأنه غنيمة.



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية