الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1412 83 - حدثنا سعيد بن أبي مريم قال: حدثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني يونس بن يزيد، عن الزهري، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر، وما سقي بالنضح نصف العشر.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: "فيما سقت السماء" ورجاله قد تكرر ذكرهم، وابن شهاب هو محمد بن مسلم الزهري، يروي عن سالم بن عبد الله، عن أبيه عبد الله بن عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنهم.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه أبو داود في الزكاة أيضا عن هارون بن سعيد الأيلي، عن ابن وهب.

                                                                                                                                                                                  وأخرجه الترمذي فيه عن أحمد بن الحسن الترمذي، عن سعيد بن أبي مريم به.

                                                                                                                                                                                  وأخرجه النسائي وابن ماجه جميعا فيه عن هارون بن سعيد به.

                                                                                                                                                                                  (ذكر معناه): قوله: "فيما سقت السماء" أي: المطر؛ لأنه ينزل منه قال تعالى: وأنزلنا من السماء ماء طهورا وهو من قبيل ذكر المحل وإرادة الحال.

                                                                                                                                                                                  قوله: "أو كان عثريا" بفتح العين المهملة والثاء المثلثة المخففة وكسر الراء وتشديد الياء آخر الحروف، وهو ما يشرب بعروقه من غير سقي، قاله الخطابي.

                                                                                                                                                                                  وقال الداودي: هو ما يسيل إليه ماء المطر وتحمله إليه الأنهار، سمي بذلك؛ لأنه يكسر حوله الأرض ويعثر جريه إلى أصول النخل بتراب هناك يرتفع.

                                                                                                                                                                                  وقال صاحب (المطالع): قيل له ذلك؛ لأنه يصنع له شبه الساقية يجتمع فيه الماء من المطر إلى أصوله، ويسمى ذلك العاثور، وفي (المغيث) لأبي موسى: هو الذي يشرب بعروقه من ماء يجتمع في حفير، وسمي به؛ لأن الماشي يتعثر فيه.

                                                                                                                                                                                  وقال ابن فارس: العثري ما سقي من النخل سيحا، وكذا قاله الجوهري وصاحب (الجامع) و(المنتهى) ولفظ الحديث يرد عليهم؛ لأنه عطف العثري على قوله: "فيما سقت السماء والعيون" والمعطوف غير المعطوف عليه، والصواب ما قاله الخطابي.

                                                                                                                                                                                  وقال الهجري: يجوز فيه تشديد الثاء المثلثة، وحكاه ابن سيده في (المحكم) عن ابن الأعرابي ورده ثعلب، وفي (المثنى والمثلث) لابن عديس: فيه ضم العين وفتحها وإسكان الثاء.

                                                                                                                                                                                  (قلت): هو منسوب إلى العثر بسكون الثاء، لكن الحركة من تغييرات النسب.

                                                                                                                                                                                  قوله: "العشر" مبتدأ وخبره هو قوله: "فيما سقت السماء" تقديره العشر واجب أو يجب فيما سقت السماء.

                                                                                                                                                                                  قوله: "أو كان" الضمير فيه يرجع إلى لفظ "مسقي" مقدر، تقديره: أو كان المسقي عثريا، ودل على ذلك قوله: "فيما سقت" .

                                                                                                                                                                                  قوله: "وفيما سقي بالنضح" تقديره: وفيما سقي بالنضح "نصف العشر" أي: يجب أو واجب، والنضح بفتح النون وسكون الضاد المعجمة وفي آخره حاء مهملة، وهو ما سقي بالسواني.

                                                                                                                                                                                  وقال بعضهم: النضح ما سقي بالدوالي والرشاء، والنواضح الإبل التي يستقى عليها، واحدها ناضح، والأنثى ناضحة.

                                                                                                                                                                                  وقال بعضهم: بالنضح أي: بالسانية وهي رواية مسلم.

                                                                                                                                                                                  (قلت): رواية مسلم عن جابر رضي الله تعالى عنه، ولفظه "أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال: فيما سقت الأنهار والغيم العشر، وفيما سقي بالسانية نصف العشر" وأما حديث ابن عمر فرواه أبو داود ولفظه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فيما سقت السماء والأنهار والعيون أو كان بعلا العشر، وفيما سقي بالسواني والنضح نصف العشر".

                                                                                                                                                                                  قوله: "أو كان بعلا" بفتح الباء الموحدة وسكون العين المهملة وفي آخره لام، وهو ما يشرب من النخل بعروقه من الأرض من غير سقي سماء ولا غيرها، والسواني جمع سانية وهي الناقة التي يستقى عليها.

                                                                                                                                                                                  وقيل: السانية الدلو العظيمة، والأنهار التي تستقى بها، والنضح قد مر تفسيره.

                                                                                                                                                                                  (فإن قلت): قد علمت أن النضح هو السانية فكيف وجه رواية أبي داود بالسواني أو النضح.

                                                                                                                                                                                  (قلت): الظاهر أن هذا شك من الراوي بين السواني والنضح، أراد أن لفظ الحديث: إما فيما سقي بالسواني وإما فيما سقي بالنضح. وأما العشر فقد قال ابن بزيزة في (شرح الأحكام) وهو بضم العين والشين وسكونها.

                                                                                                                                                                                  ومنهم من يقول: العشور بفتح العين وضمها أيضا.

                                                                                                                                                                                  وقال القرطبي: وأكثر الرواة بفتح العين، وهو اسم للقدر المخرج.

                                                                                                                                                                                  وقال الطبري: العشر بضم العين وسكون الشين، ويجمع على عشور. قال: والحكمة في فرض العشر أنه يكتب بعشرة أمثاله، فكأن المخرج للعشر تصدق بكل ماله. فافهم.

                                                                                                                                                                                  [ ص: 73 ] (ذكر ما يستفاد منه) بظاهر الحديث المذكور أخذ أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يقدر فيه مقدارا، فدل على وجوب الزكاة في كل ما يخرج من الأرض قل أو كثر.

                                                                                                                                                                                  (فإن قلت): هذا الحديث مجمل يفسره قوله صلى الله عليه وسلم: "ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة".

                                                                                                                                                                                  (قلت): لا نسلم أنه مجمل؛ فإن المجمل ما لا يعرف المراد بصيغته لا بالتأمل ولا بغيره، وهذا الحديث عام؛ فإن كلمة ما من ألفاظ العموم.

                                                                                                                                                                                  (فإن قلت): سلمنا أنه عام ولكن الحديث المذكور خصصه.

                                                                                                                                                                                  (قلت): إجراء العام على عمومه أولى من التخصيص؛ لأن فيه إخراج بعض ما تناوله العام أن يكون مرادا، ولو صلح هذا الحديث أن يكون مخصصا أو مفسرا لحديث الباب لصلح حديث ماعز أن يكون مخصصا أو مفسرا لحديث أنيس في الإقرار بالزنا، فحينئذ يحمل قوله صلى الله عليه وسلم على أن المراد بالصدقة هي الزكاة، وهي زكاة التجارة بقرينة عطفها على زكاة الإبل والورق؛ إذ الواجب في العروض والنقود واحد وهو الزكاة، وكانوا يتبايعون بالأوساق وقيمة الخمسة أوساق كانت مائتي درهم في ذلك الوقت غالبا، فأدير الحكم على ذلك.

                                                                                                                                                                                  واعلم أن العلماء اختلفوا في هذا الباب على تسعة أقوال:

                                                                                                                                                                                  الأول: قول أبي حنيفة، وقد ذكرناه، واحتج بظاهر الحديث كما ذكرنا وبعموم قوله تعالى: ومما أخرجنا لكم من الأرض وقوله تعالى: وآتوا حقه يوم حصاده واستثنى أبو حنيفة من ذلك الحطب والقصب والحشيش والتبن والسعف، وهذا لا خلاف فيه لأحد.

                                                                                                                                                                                  وذكر في (المبسوط): الطرفاء عوض الحطب. والسعف ورق جريد النخل الذي تصنع منه المراوح ونحوها، والمراد بالقصب الفارسي، وهو يدخل بالأبنية، وتتخذ منه الأقلام.

                                                                                                                                                                                  قيل: هذا إذا كان القصب نابتا في الأرض، وأما إذا اتخذ الأرض مقصبة فإنه يجب فيه العشر، ذكره الإسبيجابي والمرغيناني وغيرهما، ويجب في قصب السكر والذريرة وقوائم الخلاف بتخفيف اللام.

                                                                                                                                                                                  وقال ابن المنذر: لا نعلم أحدا قاله غير نعمان.

                                                                                                                                                                                  وقال السروجي: لقد كذب في ذلك، فإنه لا يخفى عنه من قاله غيره، وإنما عصبيته تحمله على ارتكاب مثله.

                                                                                                                                                                                  (قلت): قول أبي حنيفة مذهب إبراهيم النخعي ومجاهد وحماد وزفر وعمر بن عبد العزيز، ذكره أبو عمر، وهو مروي عن ابن عباس، وهو قول داود وأصحابه فيما لا يوسق، وحكاه يحيى بن آدم بسند جيد عن عطاء: "ما أخرجته الأرض فيه العشر أو نصف العشر" وقاله أيضا حفص بن غياث، عن أشعث، عن الحكم.

                                                                                                                                                                                  وعن أبي بردة: في الرطبة صدقة.

                                                                                                                                                                                  وقال بعضهم: في دستجة من بقل، وعن الزهري: ما كان سوى القمح والشعير والنخل والعنب والسلت والزيتون، فإني أرى أن تخرج صدقته من أثمانه. رواه ابن المبارك، عن يونس، عن الزهري.

                                                                                                                                                                                  وقال ابن بطال: وقول أبي حنيفة خلاف السنة والعلماء، قال: وقد تناقض فيها؛ لأنه استعمل المجمل والمفسر في قوله صلى الله عليه وسلم: "في الرقة ربع العشر" مع قوله: "ليس فيما دون خمس أواق صدقة" ولم يستعمله في حديث الباب مع ما بعده، وكان يلزمه القول به. انتهى.

                                                                                                                                                                                  (قلت): قوله: "خلاف السنة" باطل؛ لأنه احتج فيما ذهب إليه بحديث الباب كما ذكرنا، والذي ذهب إليه ابن بطال خلاف القرآن; لأن عموم قوله تعالى: وآتوا حقه يوم حصاده يتناول القليل والكثير، كما ذكرناه.

                                                                                                                                                                                  وقوله: "وخلاف العلماء" أيضا باطل؛ لأن قول أبي حنيفة هو قول من ذكرناهم الآن، فكيف يقول بترك الأدب: "خلاف العلماء"؟!

                                                                                                                                                                                  وقوله: "وقد تناقض" غير صحيح؛ لأن من نقل ذلك من أصحابه لم يقل أحد منهم: "إنه استعمل المجمل والمفسر" وأصحابه أدرى بما قاله وبما ذهب إليه، ولما نقل صاحب (التوضيح) ما قاله ابن بطال أظهر النشاط بذلك، وقال: وفي حديث جابر لا زكاة في شيء من الحرث حتى يبلغ خمسة أوسق، فإذا بلغها ففيه الزكاة ذكرها ابن التين ، وقال: هي زيادة من ثقة فقبلت، وفي مسلم من حديث جابر "وليس فيما دون خمسة أوساق من التمر صدقة" وفي رواية من حديث أبي سعيد "ليس فيما دون خمسة أوساق من تمر ولا حب صدقة" وفي رواية "ليس في حب ولا تمر صدقة حتى يبلغ خمسة أوساق". انتهى.

                                                                                                                                                                                  (قلت): قد ذكرنا أن المراد من الصدقة في هذه الأحاديث زكاة التجارة، وكذلك المراد من قوله: "لا زكاة في شيء" أي: لا زكاة في التجارة ونحن نقول به حينئذ.

                                                                                                                                                                                  وقال ابن التين: روى أبان بن أبي عياش، عن أنس مرفوعا: " فيما سقت السماء العشر في قليله وكثيره " قال: ورواه أبو مطيع البلخي وهو مجهول عند أهل النقل، والمروي عن أبي حنيفة عن أبان عن رجل عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ضعيف عن رجل مجهول.

                                                                                                                                                                                  وقال النووي: لا خلاف بين المسلمين أنه لا زكاة فيما دون خمسة أوسق إلا ما قال أبو حنيفة وبعض السلف: "إنه تجب الزكاة في قليل الحب وكثيره" وهذا مذهب باطل منابذ لصريح [ ص: 74 ] الأحاديث الصحيحة.

                                                                                                                                                                                  (قلت): ليت شعري! كيف تلفظ بهذا الكلام مع شهرته بالزهد والورع؟! وعجبي كل العجب يقول هذا مع اطلاعه على مستنداته من الكتاب والسنة، ولا ينفرد حطه على أبي حنيفة وحده بل على كل من كان مذهبه مثل مذهبه.

                                                                                                                                                                                  القول الثاني: يجب فيما له ثمرة باقية إذا بلغ خمسة أوسق، وهو قول أبي يوسف ومحمد، ولا يجب في الخضراوات ولا في البطيخ والخيار والقثاء، ونص محمد على أنه لا عشر في السفرجل ولا في التين والتفاح والكمثرى والخوخ والمشمش والإجاص وفي الينابيع، ويجب في كل ثمرة تبقى سنة كالجوز واللوز والبندق والفستق، وفي (المبسوط): وأوجبا في الجوز واللوز وفي الفستق على قول أبي يوسف، وعلى قول محمد لا يجب، وفي المرغيناني عن محمد: أنه لا عشر في التين والبندق والتوت والموز والخرنوب، وعنه: يجب في التين، قال الكرخي: هو الصحيح عنه، ولا في الإهليلجة وسائر الأدوية والسدر والأشنان، ويجب فيما يجيء منه ما يبقى سنة كالعنب والرطب.

                                                                                                                                                                                  وعن محمد: إن كان العنب لا يجيء منه الزبيب لرقته لا يجب فيه العشر، ولا يجب في السعتر والصنوبر والحلبة.

                                                                                                                                                                                  وعن أبي يوسف أنه أوجب في الحناء.

                                                                                                                                                                                  وقال محمد: لا يجب فيه كالرياحين.

                                                                                                                                                                                  وعن محمد روايتان في الثوم والبصل، ولا عشر في التفاح والخوخ الذي يشق وييبس، ولا شيء في بذر البطيخ والقثاء والخيار والرطبة، وكل بذر لا يصلح إلا للزراعة، ذكره القدوري، ويجب في بذر القنب دون عيدانه، ويجب في الكمون والكراويا والخردل؛ لأن ذلك من جملة الحبوب.

                                                                                                                                                                                  وفي (المحيط): ولا عشر فيما هو تابع للأرض كالنخل والأشجار، وأصله أن كل شيء يدخل في بيع الأرض تبعا فهو كالجزء منها فلا شيء فيه، وما لا يدخل إلا بالشرط يجب فيه كالثمر والحبوب.

                                                                                                                                                                                  القول الثالث: يجب فيما يدخر ويقتات كالحنطة والشعير والدخن والذرة والأرز والعدس والحمص والباقلاء والجلبان والماش واللوبيا ونحوها، وهو قول الشافعي.

                                                                                                                                                                                  وفي (شرح الترمذي) أطلق القول في وجوب الزكاة في كل شيء يجري فيه الوساق والصاع، ولا شك أنه أراد مما يزرع ويستنبت وإلا فلا يجري فيه الوسق والصاع، ولا زكاة فيه، وإنما اختلف العلماء في أشياء مما يستنبت، فمذهب الشافعي كما اتفق عليه الأصحاب أن يكون قوتا في حال الاختيار، وأن يكون من جنس ما ينبته الآدميون، وشرط العراقيون أن يدخر وييبس، قال الرافعي: لا حاجة إليهما؛ لأنهما ملازمان لكل مقتات مستنبت، وهو الحنطة والشعير والسلت والذرة والدخن والأرز والجاورش بالجيم وفتح الواو، وفسره بأنه حب صغار من جنس الذرة، وكذلك القطنية بكسر القاف وجمعها القطاني، وهي العدس والحمص والماش والباقلاء وهو الفول واللوبيا والهرطمان وهو الجلبان، ويقال له: الخلر بضم الخاء المعجمة وتشديد اللام وفتحها وآخره راء؛ لأنها تصلح للاقتيات، وتدخر للأكل.

                                                                                                                                                                                  واحترز الأصحاب بقولهم: "في حال الاختيار" عن حب الحنظل، وعن القت، وبه مثله الشافعي وفسره المزني وغيره بحب الغاسول، وهو الأشنان، وسائر بذور البراري، قالوا: ولا تجب الزكاة في الثفاء وهو حب الرشاد، ولا في الترمس والسمسم والكمون والكراويا والكزبرة وبذر القطونا وبذر الكتان وبذر الفجل وما أشبه ذلك من البذورات، ولا شيء في هذه عندنا بلا خلاف، وإن جرى فيه الكيل بالصاع ونحوه، إلا ما حكاه العراقيون: أن في الترمس قولا قديما في وجوب الزكاة فيه، وإلا ما حكاه الرافعي عن ابن كج من حكاية قول قديم في بذر الفجل، ولا زكاة عند الشافعي في التين والتفاح والسفرجل والرمان والخوخ والجوز واللوز والموز وسائر الثمار سوى الرطب والعنب، ولا في الزيتون في الجديد.

                                                                                                                                                                                  وفي الورس في الجديد وواجبها في القديم من غير شرط النصاب في قليله وكثيره، ولا تجب في الترمس في الجديد.

                                                                                                                                                                                  القول الرابع: قول مالك، مثل قول الشافعي، وزاد عليه وجوب العشر في الترمس والسمسم والزيتون، وأوجب المالكية في غير رواية ابن القاسم في بذر الكتان وبذر السلجم؛ لعموم نفعهما بمصر والعراق، مع أنه لا يؤكل بذرهما.

                                                                                                                                                                                  القول الخامس: قول أحمد: يجب فيما له البقاء واليبس والكيل من الحبوب والثمار، سواء كان قوتا كالحنطة والشعير والسلت وهو نوع من الشعير - وفي المغرب: شعير لا قشر له يكون بالغور والحجاز - والأرز والدهن والعلس -وهو نوع من الحنطة يزعم أهله أنه إذا أخرج من قشره لا يبقى بقاء غيره من الحنطة - ويكون منه حبتان وثلاث في كمام واحد، وهو طعام أهل صنعاء، وفي المغرب: هو بفتحتين حبة سوداء إذا أجدب الناس خلطوها وأكلوها.

                                                                                                                                                                                  وقال ابن القاسم المالكي: ليس هو من نوع الحنطة. وتجب في الأرز والذرة، وفي القطنيات كالعدس والباقلاء والحمص والماش، وفي الأبازير كالكزبرة والكمون، وفي البذور كبذر [ ص: 75 ] الكتان والقثاء والخيار ونحوها، وفي البقول كالرشاد والفجل، وفي القرطم والترمس والسمسم، وتجب عنده في التمر والزبيب واللوز والبندق والفستق دون الجوز والتين والمشمش والتفاح والكمثرى والخوخ، والإجاص دون القثاء والخيار والباذنجان والقت والجزر، ولا تجب في ورق السدر والخطمي والأشنان والآس، ولا في ثمر ذلك، ولا في الأزهار كالزعفران والعصفر ولا في القطن.

                                                                                                                                                                                  القول السادس: تجب في الحبوب والبقول والثمار وهو قول حماد بن أبي سليمان شيخ أبي حنيفة.

                                                                                                                                                                                  القول السابع: ليس في شيء من الزرع زكاة إلا في التمر والزبيب والحنطة والشعير، حكاه العبدري عن الثوري، وابن أبي ليلى، وحكاه ابن العزى عن الأوزاعي وزاد الزيتون.

                                                                                                                                                                                  القول الثامن: يؤخذ من الخضراوات إذا بلغت مائتي درهم وهو قول الحسن والزهري.

                                                                                                                                                                                  القول التاسع: أن ما يوسق يجب في خمسة أوسق منه، وما لا يوسق يجب في قليله وكثيره، وهو قول داود الظاهري وأصحابه.



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية