الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1548 216 - حدثني الحسن بن عمر البصري قال: حدثنا يزيد بن زريع، عن حبيب، عن عطاء، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها: أن ناسا طافوا بالبيت بعد صلاة الصبح، ثم قعدوا إلى المذكر، حتى إذا طلعت الشمس قاموا يصلون، فقالت عائشة رضي الله عنها: قعدوا حتى إذا كانت الساعة التي تكره فيها الصلاة قاموا يصلون.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة لا تتأتى إلا من حيث التقدير الذي قدرناه في الترجمة.

                                                                                                                                                                                  وقال بعضهم: وجه تعلق أحاديث هذا الباب بالترجمة إما من جهة أن الطواف صلاة فحكمهما واحد، أو من جهة أن الطواف مستلزم للصلاة التي تشرع بعده.

                                                                                                                                                                                  قلت: هذا أخذه من كلام الكرماني، ومع هذا ليس بوجه سديد، ولا نسلم أن الطواف صلاة، والذي ورد في الحديث "إن الطواف بالبيت صلاة" مجاز ليس بحقيقة، ولا نسلم أن حكمهما واحد، فإن الطهارة شرط في الصلاة دون الطواف، ودعوى الاستلزام ممنوعة كما لا يخفى.

                                                                                                                                                                                  (ذكر رجاله): وهم ستة:

                                                                                                                                                                                  الأول: الحسن بن عمر بن شقيق البصري، قدم بلخ فأقام بها نحو خمسين سنة، ثم خرج منها إلى البصرة في سنة ثلاثين ومائتين، ومات بها بعد ذلك.

                                                                                                                                                                                  الثاني: يزيد -من الزيادة- ابن زريع -مصغر زرع- وقد مر غير مرة.

                                                                                                                                                                                  الثالث: حبيب -بفتح الحاء المهملة ابن أبي قريبة المعلم، نص عليه هكذا المزي في الأطراف، مات سنة اثنتين وأربعين ومائة.

                                                                                                                                                                                  الرابع: عطاء بن أبي رباح.

                                                                                                                                                                                  الخامس: عروة بن الزبير.

                                                                                                                                                                                  السادس: عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها.

                                                                                                                                                                                  (ذكر لطائف إسناده):

                                                                                                                                                                                  فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين.

                                                                                                                                                                                  وفيه العنعنة في أربعة مواضع.

                                                                                                                                                                                  وفيه أن شيخه من أفراده وهو وحبيب ويزيد بصريون وعطاء مكي وعروة مدني.

                                                                                                                                                                                  وفيه ثلاثة مذكورون من غير نسبة.

                                                                                                                                                                                  وهذا الحديث من أفراده.

                                                                                                                                                                                  (ذكر معناه):

                                                                                                                                                                                  قوله: "المذكر" بتشديد الكاف المكسورة، اسم فاعل من التذكير، وهو الوعظ.

                                                                                                                                                                                  قوله: "حتى طلعت الشمس" يعني إلى أن طلعت الشمس، يعني كان قعودهم منتهيا إلى طلوع الشمس.

                                                                                                                                                                                  قوله: "حتى إذا كانت الساعة" أي عند الطلوع، وسأل الكرماني هاهنا سؤالا على قاعدة مذهبه وهو أن المكروه منها - يعني في هذه الساعة - صلاة لا سبب لها، وهذه الصلاة لها سبب، وهو الطواف؟ ثم أجاب بقوله: هم كانوا يتحرون ذلك الوقت ويؤخرونها إليه قصدا، فلذلك ذمته - يعني عائشة رضي الله تعالى عنها - والتحري له وإن كان لصلاة لها سبب مكروه. انتهى.

                                                                                                                                                                                  قلت: هذا الذي ذكره إنما يمشي إذا كانت عائشة ترى أن الطواف سبب لا يكره مع وجوده الصلاة في الأوقات المنهية، وليس كذلك؛ لأن النهي عندها على العموم، والدليل عليه ما رواه ابن أبي شيبة بإسناد حسن، عن محمد بن فضيل، عن عبد الملك، عن عطاء " عن عائشة رضي [ ص: 273 ] الله تعالى عنها أنها قالت: إذا أردت الطواف بالبيت بعد صلاة الفجر أو العصر، فطف وأخر الصلاة حتى تغيب الشمس، أو حتى تطلع، فصل لكل أسبوع ركعتين ".



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية