الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1493 161 - حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا أبو شهاب، قال: قدمت متمتعا مكة بعمرة، فدخلنا قبل التروية بثلاثة أيام، فقال لي أناس من أهل مكة: تصير الآن حجتك مكية، فدخلت على عطاء أستفتيه، فقال: حدثني جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه حج مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم ساق البدن معه وقد [ ص: 203 ] أهلوا بالحج مفردا فقال لهم: أحلوا من إحرامكم بطواف البيت وبين الصفا والمروة، وقصروا، ثم أقيموا حلالا حتى إذا كان يوم التروية فأهلوا بالحج، واجعلوا التي قدمتم بها متعة، فقالوا: كيف نجعلها متعة وقد سمينا الحج؟ فقال: افعلوا ما أمرتكم فلولا أني سقت الهدي لفعلت مثل الذي أمرتكم، ولكن لا يحل مني حرام حتى يبلغ الهدي محله، ففعلوا.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة، وأبو نعيم بضم النون هو الفضل بن دكين، وأبو شهاب الأكبر الحناط بفتح الحاء المهملة وتشديد النون واسمه موسى بن نافع الهذلي الكوفي.

                                                                                                                                                                                  وأخرجه مسلم في الحج عن محمد بن عبد الله بن نمير عن أبي نعيم به.

                                                                                                                                                                                  (ذكر معناه):

                                                                                                                                                                                  قوله: (متمتعا) حال من الضمير الذي في قدمت.

                                                                                                                                                                                  قوله: (بعمرة) أيضا حال، أي ملتبسا بعمرة.

                                                                                                                                                                                  قوله: (مكية) أي قليلة الثواب لقلة مشقتها.

                                                                                                                                                                                  وقال ابن بطال: معناه أنك تنشئ حجك من مكة كما ينشئ أهل مكة منها، فيفوتك فضل الإحرام من الميقات.

                                                                                                                                                                                  وقوله: (حجتك مكية) هكذا هو رواية الكشميهني، وفي رواية غيره: (حجا مكيا).

                                                                                                                                                                                  قوله: (على عطاء) هو عطاء بن أبي رباح المكي.

                                                                                                                                                                                  قوله: (أستفتيه) من الأحوال المقدرة.

                                                                                                                                                                                  قوله: (يوم ساق البدن) بضم الباء الموحدة وضم الدال وسكونها، جمع بدنة، وذلك في حجة الوداع، وفي رواية مسلم بلفظ (عام ساق الهدي).

                                                                                                                                                                                  قوله: (وقد أهلوا بالحج مفردا) بفتح الراء وبكسرها، قال الكرماني: باعتبار كل واحد.

                                                                                                                                                                                  قلت: لا ضرورة في كونه حالا من الحج وما قاله بالتأويل.

                                                                                                                                                                                  قوله: (فقال لهم) أي قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: "أحلوا من إحرامكم بالطواف" أي اجعلوا حجكم عمرة، وتحللوا منها بالطواف والسعي، أو التقدير: اجعلوا إحرامكم عمرة، ثم أحلوا منه بالطواف.

                                                                                                                                                                                  قوله: (وبين الصفا والمروة) أي وبالسعي بين الصفا والمروة، وهذا معنى فسخ الحج إلى العمرة.

                                                                                                                                                                                  وقال ابن التين: هذا الحديث أبين ما في هذه من فسخ الحج إلى العمرة.

                                                                                                                                                                                  قوله: (وقصروا) أمرهم بالتقصير؛ لأنهم يهلون بعد قليل بالحج، وأخر الحلق؛ لأن بين دخولهم وبين يوم التروية أربعة أيام فقط.

                                                                                                                                                                                  قوله: (حلالا) نصب على الحال بمعنى محلين.

                                                                                                                                                                                  قوله: (واجعلوا التي) أي الحجة المفردة التي أهللتم بها متعة، أي عمرة، وأطلق على العمرة متعة مجازا، والعلاقة بينهما ظاهرة.

                                                                                                                                                                                  قوله: (ولكن لا يحل مني حرام) بكسر حاء يحل، والمعنى: لا يحل مني ما حرم علي، ووقع في رواية مسلم: (لا يحل مني حراما) بالنصب على المفعولية، لكن بضم الياء في لا يحل، وفاعله محذوف، وتقديره: لا يحل طول المكث -ونحو ذلك- مني شيئا حراما حتى يبلغ الهدي محله، وهو منى فينحر فيه.



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية