( قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ) ومن
nindex.php?page=treesubj&link=22323استجاز أن يحكم أو يفتي بلا خبر لازم ولا قياس عليه كان محجوجا بأن معنى قوله أفعل ما هويت وإن لم أومر به مخالف معنى الكتاب والسنة فكان محجوجا على لسانه ومعنى ما لم أعلم فيه مخالفا ، فإن قيل ما هو ؟ .
قيل لا أعلم أحدا من أهل العلم رخص لأحد من أهل العقول والآداب في أن يفتي ولا يحكم برأي نفسه إذا لم يكن عالما بالذي تدور عليه أمور القياس من الكتاب والسنة والإجماع والعقل لتفصيل المشتبه فإذا زعموا هذا قيل لهم ولم لم يجز لأهل العقول التي تفوق كثيرا من عقول أهل العلم بالقرآن والسنة والفتيا أن يقولوا فيما قد نزل مما يعلمونه معا أن ليس فيه كتاب ولا سنة ولا إجماع
[ ص: 316 ] وهم أوفر عقولا وأحسن إبانة لما قالوا من عامتكم ؟ ، فإن قلتم لأنهم لا علم لهم بالأصول قيل لكم فما حجتكم في علمكم بالأصول إذا قلتم بلا أصل ولا قياس على أصل ؟ هل خفتم على أهل العقول الجهلة بالأصول أكثر من أنهم لا يعرفون الأصول فلا يحسنون أن يقيسوا بما لا يعرفون وهل أكسبكم علمكم بالأصول القياس عليهم أو أجاز لكم تركها ؟ فإذا جاز لكم تركها جاز لهم القول معكم لأن أكثر ما يخالف عليهم ترك القياس عليها أو الخطأ
، ثم لا أعلمهم إلا أحمد على الصواب إن قالوا على غير مثال منكم لو كان أحد يحمد على أن يقول على غير مثال لأنهم لم يعرفوا مثالا فتركوه وأعذر بالخطأ منكم وهم أخطئوا فيما لا يعلمون ولا أعلمكم إلا أعظم وزرا منهم أتركتم ما تعرفون من القياس على الأصول التي لا تجهلون ، فإن قلتم فنحن تركنا القياس على غير جهالة بالأصل قيل ، فإن كان القياس حقا فأنتم خالفتم الحق عالمين به وفي ذلك من المأثم ما إن جهلتموه لم تستأهلوا أن تقولوا في العلم وإن زعمتم أن واسعا لكم ترك القياس والقول بما سنح في أوهامكم وحضر أذهانكم واستحسنته مسامعكم حججتم بما وصفنا من القرآن
، ثم السنة وما يدل عليه الإجماع من أن
nindex.php?page=treesubj&link=22323ليس لأحد أن يقول إلا بعلم وما لا تختلفون فيه من أن
nindex.php?page=treesubj&link=15100_20249الحاكم لو تداعى عنده رجلان في ثوب أو عبد تبايعاه عيبا لم يكن للحاكم إذا كان مشكلا أن يحكم فيه وكان عليه أن يدعو أهل العلم به فيسألهم عما تداعيا فيه هل هو عيب ، فإن تطالبا قيمة عيب فيه وقد فات سألهم عن قيمته فلو قال أفضلهم دينا وعلما إني جاهل بسوقه اليوم وإن كنت عالما بها قبل اليوم ولكني أقول فيه لم يسعه أن يقبل قوله بجهالته بسوق يومه وقبل قول من يعرف سوق يومه ولو جاء من يعرف سوق يومه فقال إذا قست هذا بغيره مما يباع وقومته على ما مضى وكان عيبه دلني القياس على كذا ولكني أستحسن غيره لم يحل له أن يقبل استحسانه وحرم عليه إلا أن يحكم بما يقال إنه قيمة مثله في يومه .
وكذلك هذا في امرأة أصيبت بصداق فاسد يقال كم صداق مثلها في الجمال والمال والصراحة والشباب واللب والأدب فلو قيل مائة دينار ولكنا نستحسن أن نزيدها درهما أو ننقصها لم يحل له وقال للذي يقول أستحسن أن أزيدها أو أنقصها ليس ذلك لي ولا لك وعلى الزوج صداق مثلها وإذا حكم بمثل هذا في المال الذي نقل رزيته على من أخذ منه ولم يسع فيه الاستحسان وألزم فيه القياس وأهل العلم به ولم يجهل لأهل الجهالة قياسا فيه لأنهم لا يعلمون ما يقيسون عليه فحلال الله وحرامه من الدماء والفروج وعظيم الأمور أولى أن يلزم الحكام والمفتين ( قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ) أفرأيت إذا قال الحاكم والمفتي في النازلة ليس فيها نص خبر ولا قياس وقال أستحسن فلا بد أن يزعم أن جائزا لغيره أن يستحسن خلافه فيقول كل حاكم في بلد ومفت بما يستحسن فيقال في الشيء الواحد بضروب من الحكم والفتيا ، فإن كان هذا جائزا عندهم فقد أهملوا أنفسهم فحكموا حيث شاءوا وإن كان ضيقا فلا يجوز أن يدخلوا فيه وإن قال الذي يرى منهم ترك القياس بل على الناس اتباع ما قلت قيل له من أمر بطاعتك حتى يكون على الناس اتباعك ؟ أو رأيت إن ادعى عليك غيرك هذا أتطيعه أم تقول لا أطيع إلا من أمرت بطاعته ؟ فكذلك لا طاعة لك على أحد وإنما الطاعة لمن أمر الله أو رسوله بطاعته والحق فيما أمر الله ورسوله باتباعه ودل الله ورسوله عليه نصا أو استنباطا بدلائل أورأيت إذ أمر الله بالتوجه قبل البيت وهو مغيب عن المتوجه هل جعل له أن يتوجه إلا بالاجتهاد بطلب الدلائل عليه ؟ أورأيت إذا أمر بشهادة العدل فدل على أن لا يقبل غيرها هل يعرف العدل من غيره إلا بطلب الدلائل على عدله ؟ أورأيت إذا أمر بالحكم بالمثل في الصيد هل أمر أن يحكم إلا بأن يحكم بنظره ؟ فكل هذا اجتهاد وقياس أورأيت إذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاجتهاد في الحكم
[ ص: 317 ] هل يكون مجتهدا على غير طلب عين وطلب العين لا يكون إلا باتباع الدلائل عليها وذلك القياس لأن محالا أن يقال اجتهد في طلب شيء من لم يطلبه باحتياله والاستدلال عليه لا يكون طالبا لشيء من سنح على وهمه أو خطر بباله منه .
( قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ) وإنه ليلزم من ترك القياس أكثر مما ذكرت وفي بعضه ما قام عليه الحجة وأسأل الله تعالى لي ولجميع خلقه التوفيق وليس للحاكم أن يقبل ولا للوالي أن يدع أحدا
nindex.php?page=treesubj&link=22323ولا ينبغي للمفتي أن يفتي أحدا إلا متى يجمع أن يكون عالما علم الكتاب وعلم ناسخه ومنسوخه خاصه وعامه وأدبه وعالما بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقاويل أهل العلم قديما وحديثا وعالما بلسان
العرب عاقلا يميز بين المشتبه ويعقل القياس .
فإن عدم واحدا من هذه الخصال لم يحل له أن يقول قياسا ، وكذلك لو كان عالما بالأصول غير عاقل للقياس الذي هو الفرع لم يجز أن
nindex.php?page=treesubj&link=21709يقال لرجل قس وهو لا يعقل القياس وإن كان عاقلا للقياس وهو مضيع لعلم الأصول أو شيء منها لم يجز أن يقال له قس على ما لا تعلم كما لا يجوز أن يقال قس لأعمى وصفت له اجعل كذا عن يمينك ، وكذا عن يسارك فإذا بلغت كذا فانتقل متيامنا وهو لا يبصر ما قيل له يجعله يمينا ويسارا أو يقال سر بلادا ولم يسرها قط ولم يأتها قط وليس له فيها علم يعرفه ولا يثبت له فيها قصد سمت يضبطه لأنه يسير فيها عن غير مثال قويم وكما لا يجوز لعالم بسوق سلعة منذ زمان ثم خفيت عنه سنة أن يقال له قوم عبدا من صفته كذا لأن السوق تختلف ولا لرجل أبصر بعض صنف من التجارات وجهل غير صنفه والغير الذي جهل لا دلالة عليه ببعض علم الذي علم قوم كذا كما لا يقال لبناء انظر قيمة الخياطة ولا لخياط انظر قيمة البناء ، فإن قال قائل فقد حكم وأفتى من لم يجمع ما وصفت قيل فقد رأيت أحكامهم وفتياهم فرأيت كثيرا منها متضادا متباينا ورأيت كل واحد من الفريقين يخطئ صاحبه في حكمه وفتياه والله تعالى المستعان ، فإن قال قائل أرأيت
nindex.php?page=treesubj&link=22241_21694ما اجتهد فيه المجتهدون كيف الحق فيه عند الله ؟ قيل لا يجوز فيه عندنا والله تعالى أعلم أن يكون الحق فيه عند الله كله إلا واحدا لأن علم الله عز وجل وأحكامه واحد لاستواء السرائر والعلانية عنده وأن علمه بكل واحد جل ثناؤه سواء ، فإن قيل من له أن يجتهد فيقيس على كتاب أو سنة هل يختلفون ويسعهم الاختلاف ؟ .
أو يقال لهم إن اختلفوا : مصيبون كلهم أو مخطئون أو لبعضهم مخطئ وبعضهم مصيب ؟ قيل لا يجوز على واحد منهم إن اختلفوا إن كان ممن له الاجتهاد وذهب مذهبا محتملا أن يقال له أخطأ مطلقا ولكن يقال لكل واحد منهم قد أطاع فيما كلف وأصاب فيه ولم يكلف علم الغيب الذي لم يطلع عليه أحد ، فإن قال قائل فمثل لي من هذا شيئا قيل لا مثال أدل عليه من الغيب عن
المسجد الحرام واستقباله فإذا اجتهد رجلان بالطريقين عالمان بالنجوم والرياح والشمس والقمر فرأى أحدهما القبلة متيامنا منه ورأى أحدهما القبلة منحرفة عن حيث رأى صاحبه كان على كل واحد منهما أن يصلي حيث يرى ولا يتبع صاحبه إذا أداه اجتهاده إلى غير ما أدى صاحبه اجتهاده إليه ولم يكلف واحد منهما صواب عين
البيت لأنه لا يراه وقد أدى ما كلف من التوجه إليه بالدلائل عليه ، فإن قيل فيلزم أحدهما اسم الخطأ قيل أما فيما كلف فلا وأما خطأ عين
البيت فنعم لأن
البيت لا يكون في جهتين ، فإن قيل فيكون مطيعا بالخطأ قيل هذا مثل جاهد يكون مطيعا بالصواب لما كلف من الاجتهاد وغير آثم بالخطأ إذ لم يكلف صواب المغيب العين عنه فإذا لم يكلف صوابه لم يكن عليه خطأ ما لم يجعل عليه صواب عينه ، فإن قيل أفتجد سنة تدل على ما وصفت ؟ قيل نعم .
أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16379عبد العزيز بن محمد عن
يزيد بن عبد الله بن الهاد عن
محمد بن إبراهيم عن
nindex.php?page=showalam&ids=15527بسر بن سعيد عن
أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن
nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9883إذا حكم الحاكم [ ص: 318 ] فاجتهد فأصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر } قال
يزيد بن الهاد فحدثت بهذا الحديث
أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم فقال هكذا حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=233أبو سلمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، فإن قال قائل فما معنى هذا ؟ قيل ما وصفت من أنه إذا اجتهد فجمع الصواب بالاجتهاد وصواب العين التي اجتهد كان له حسنتان وإذا أصاب الاجتهاد وأخطأ العين التي أمر يجتهد في طلبها كانت له حسنة ولا يثاب من يؤدي في أن يخطئ العين ويحسن من يؤدي أن يكف عنه وهذا يدل على ما وصفت من أنه لم يكلف صواب العين في حال ، فإن قيل ذم الله على الاختلاف قيل الاختلاف وجهان فما أقام الله تعالى به الحجة على خلقه حتى يكونوا على بينة منه ليس عليهم إلا اتباعه ولا لهم مفارقته ، فإن اختلفوا فيه فذلك الذي ذم الله عليه
nindex.php?page=treesubj&link=21695والذي لا يحل الاختلاف فيه ، فإن قال فأين ذلك ؟ قيل قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=4وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة } فمن
nindex.php?page=treesubj&link=21695خالف نص كتاب لا يحتمل التأويل أو سنة قائمة فلا يحل له الخلاف ولا أحسبه يحل له خلاف جماعة الناس وإن لم يكن في قولهم كتاب أو سنة ومن خالف في أمر له فيه الاجتهاد فذهب إلى معنى يحتمل ما ذهب إليه ويكون عليه دلائل لم يكن في من خلاف لغيره وذلك أنه لا يخالف حينئذ كتابا نصا ولا سنة قائمة ولا جماعة ولا قياسا بأنه إنما نظر في القياس فأداه إلى غير ما أدى صاحبه إليه القياس كما أداه في التوجه
للبيت بدلالة النجوم إلى غير ما أدى إليه صاحبه ، فإن قال ويكون هذا في الحكم ؟ قيل نعم ، فإن قيل فمثل هذا إذا كان في الحكم دلالة على موضع الصواب قيل قد عرفناها في بعضه وذلك أن تنزل نازلة تحتمل أن تقاس فيوجد لها في الأصلين شبه فيذهب ذاهب إلى أصل والآخر إلى أصل غيره فيختلفان ، فإن قيل فهل يوجد السبيل إلى أن يقيم أحدهما على صاحبه حجة في بعض ما اختلفا فيه ؟ قيل نعم إن شاء الله تعالى بأن تنظر النازلة ، فإن كانت تشبه أحد الأصلين في معنى والآخر في اثنين صرفت إلى الذي أشبهته في الاثنين دون الذي أشبهته في واحد وهكذا إذا كان شبيها بأحد الأصلين أكثر
( قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=22323اسْتَجَازَ أَنْ يَحْكُمَ أَوْ يُفْتِيَ بِلَا خَبَرٍ لَازِمٍ وَلَا قِيَاسٍ عَلَيْهِ كَانَ مَحْجُوجًا بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ أَفْعَلُ مَا هَوِيت وَإِنْ لَمْ أُومَرْ بِهِ مُخَالِفٌ مَعْنَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَكَانَ مَحْجُوجًا عَلَى لِسَانِهِ وَمَعْنَى مَا لَمْ أَعْلَمْ فِيهِ مُخَالِفًا ، فَإِنْ قِيلَ مَا هُوَ ؟ .
قِيلَ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ رَخَّصَ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعُقُولِ وَالْآدَابِ فِي أَنْ يُفْتِيَ وَلَا يَحْكُمَ بِرَأْيِ نَفْسِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِاَلَّذِي تَدُورُ عَلَيْهِ أُمُورُ الْقِيَاسِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَالْعَقْلِ لِتَفْصِيلِ الْمُشْتَبَهِ فَإِذَا زَعَمُوا هَذَا قِيلَ لَهُمْ وَلِمَ لَمْ يَجُزْ لِأَهْلِ الْعُقُولِ الَّتِي تَفُوقُ كَثِيرًا مِنْ عُقُولِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالْفُتْيَا أَنْ يَقُولُوا فِيمَا قَدْ نَزَلَ مِمَّا يَعْلَمُونَهُ مَعًا أَنْ لَيْسَ فِيهِ كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ وَلَا إجْمَاعٌ
[ ص: 316 ] وَهُمْ أَوْفَرُ عُقُولًا وَأَحْسَنُ إبَانَةً لِمَا قَالُوا مِنْ عَامَّتِكُمْ ؟ ، فَإِنْ قُلْتُمْ لِأَنَّهُمْ لَا عِلْمَ لَهُمْ بِالْأُصُولِ قِيلَ لَكُمْ فَمَا حُجَّتُكُمْ فِي عِلْمِكُمْ بِالْأُصُولِ إذَا قُلْتُمْ بِلَا أَصْلٍ وَلَا قِيَاسٍ عَلَى أَصْلٍ ؟ هَلْ خِفْتُمْ عَلَى أَهْلِ الْعُقُولِ الْجَهَلَةِ بِالْأُصُولِ أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ الْأُصُولَ فَلَا يُحْسِنُونَ أَنْ يَقِيسُوا بِمَا لَا يَعْرِفُونَ وَهَلْ أَكْسَبَكُمْ عِلْمُكُمْ بِالْأُصُولِ الْقِيَاسَ عَلَيْهِمْ أَوْ أَجَازَ لَكُمْ تَرْكَهَا ؟ فَإِذَا جَازَ لَكُمْ تَرْكَهَا جَازَ لَهُمْ الْقَوْلُ مَعَكُمْ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا يُخَالِفُ عَلَيْهِمْ تَرْكُ الْقِيَاسِ عَلَيْهَا أَوْ الْخَطَأِ
، ثُمَّ لَا أَعْلَمُهُمْ إلَّا أَحْمَدَ عَلَى الصَّوَابِ إنْ قَالُوا عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ مِنْكُمْ لَوْ كَانَ أَحَدٌ يُحْمَدُ عَلَى أَنْ يَقُولَ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا مِثَالًا فَتَرَكُوهُ وَأَعْذُرُ بِالْخَطَأِ مِنْكُمْ وَهُمْ أَخْطَئُوا فِيمَا لَا يَعْلَمُونَ وَلَا أَعْلَمُكُمْ إلَّا أَعْظَمَ وِزْرًا مِنْهُمْ أَتَرَكْتُمْ مَا تَعْرِفُونَ مِنْ الْقِيَاسِ عَلَى الْأُصُولِ الَّتِي لَا تَجْهَلُونَ ، فَإِنْ قُلْتُمْ فَنَحْنُ تَرَكْنَا الْقِيَاسَ عَلَى غَيْرِ جَهَالَةٍ بِالْأَصْلِ قِيلَ ، فَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا فَأَنْتُمْ خَالَفْتُمْ الْحَقَّ عَالِمِينَ بِهِ وَفِي ذَلِكَ مِنْ الْمَأْثَمِ مَا إنْ جَهِلْتُمُوهُ لَمْ تَسْتَأْهِلُوا أَنْ تَقُولُوا فِي الْعِلْمِ وَإِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّ وَاسِعًا لَكُمْ تَرْكُ الْقِيَاسِ وَالْقَوْلِ بِمَا سَنَحَ فِي أَوْهَامِكُمْ وَحَضَرَ أَذْهَانَكُمْ وَاسْتَحْسَنَتْهُ مَسَامِعُكُمْ حُجِجْتُمْ بِمَا وَصَفْنَا مِنْ الْقُرْآنِ
، ثُمَّ السُّنَّةِ وَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ مِنْ أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=22323لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ إلَّا بِعِلْمٍ وَمَا لَا تَخْتَلِفُونَ فِيهِ مِنْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=15100_20249الْحَاكِمَ لَوْ تَدَاعَى عِنْدَهُ رَجُلَانِ فِي ثَوْبٍ أَوْ عَبْدٍ تَبَايَعَاهُ عَيْبًا لَمْ يَكُنْ لِلْحَاكِمِ إذَا كَانَ مُشْكِلًا أَنْ يَحْكُمَ فِيهِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَدْعُوَ أَهْلَ الْعِلْمِ بِهِ فَيَسْأَلَهُمْ عَمَّا تَدَاعَيَا فِيهِ هَلْ هُوَ عَيْبٌ ، فَإِنْ تَطَالَبَا قِيمَةَ عَيْبٍ فِيهِ وَقَدْ فَاتَ سَأَلَهُمْ عَنْ قِيمَتِهِ فَلَوْ قَالَ أَفْضَلُهُمْ دِينًا وَعِلْمًا إنِّي جَاهِلٌ بِسُوقِهِ الْيَوْمَ وَإِنْ كُنْت عَالِمًا بِهَا قَبْلَ الْيَوْمِ وَلَكِنِّي أَقُولُ فِيهِ لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَقْبَلَ قَوْلَهُ بِجَهَالَتِهِ بِسُوقِ يَوْمِهِ وَقَبِلَ قَوْلَ مَنْ يَعْرِفُ سُوقَ يَوْمِهِ وَلَوْ جَاءَ مَنْ يَعْرِفُ سُوقَ يَوْمِهِ فَقَالَ إذَا قِسْت هَذَا بِغَيْرِهِ مِمَّا يُبَاعُ وَقَوَّمْته عَلَى مَا مَضَى وَكَانَ عَيْبَهُ دَلَّنِي الْقِيَاسُ عَلَى كَذَا وَلَكِنِّي أَسْتَحْسِنُ غَيْرَهُ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ اسْتِحْسَانَهُ وَحَرُمَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِمَا يُقَالُ إنَّهُ قِيمَةُ مِثْلِهِ فِي يَوْمِهِ .
وَكَذَلِكَ هَذَا فِي امْرَأَةٍ أُصِيبَتْ بِصَدَاقٍ فَاسِدٍ يُقَالُ كَمْ صَدَاقُ مِثْلِهَا فِي الْجَمَالِ وَالْمَالِ وَالصَّرَاحَةِ وَالشَّبَابِ وَاللُّبِّ وَالْأَدَبِ فَلَوْ قِيلَ مِائَةُ دِينَارٍ وَلَكِنَّا نَسْتَحْسِنُ أَنْ نَزِيدَهَا دِرْهَمًا أَوْ نَنْقُصَهَا لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَقَالَ لِلَّذِي يَقُولُ أَسْتَحْسِنُ أَنْ أَزِيدَهَا أَوْ أَنْقُصَهَا لَيْسَ ذَلِكَ لِي وَلَا لَك وَعَلَى الزَّوْجِ صَدَاقُ مِثْلِهَا وَإِذَا حَكَمَ بِمِثْلِ هَذَا فِي الْمَالِ الَّذِي نَقَلَ رَزِيَّتَهُ عَلَى مَنْ أَخَذَ مِنْهُ وَلَمْ يَسَعْ فِيهِ الِاسْتِحْسَانَ وَأَلْزَمَ فِيهِ الْقِيَاسَ وَأَهْلَ الْعِلْمِ بِهِ وَلَمْ يَجْهَلْ لِأَهْلِ الْجَهَالَةِ قِيَاسًا فِيهِ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ مَا يَقِيسُونَ عَلَيْهِ فَحَلَالُ اللَّهِ وَحَرَامُهُ مِنْ الدِّمَاءِ وَالْفُرُوجِ وَعَظِيمِ الْأُمُورِ أَوْلَى أَنْ يَلْزَمَ الْحُكَّامَ وَالْمُفْتِينَ ( قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ ) أَفَرَأَيْت إذَا قَالَ الْحَاكِمُ وَالْمُفْتِي فِي النَّازِلَةِ لَيْسَ فِيهَا نَصُّ خَبَرٍ وَلَا قِيَاسٍ وَقَالَ أَسْتَحْسِنُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَزْعُمَ أَنَّ جَائِزًا لِغَيْرِهِ أَنْ يَسْتَحْسِنَ خِلَافَهُ فَيَقُولُ كُلُّ حَاكِمٍ فِي بَلَدٍ وَمُفْتٍ بِمَا يَسْتَحْسِنُ فَيُقَالُ فِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ بِضُرُوبٍ مِنْ الْحُكْمِ وَالْفُتْيَا ، فَإِنْ كَانَ هَذَا جَائِزًا عِنْدَهُمْ فَقَدْ أَهْمَلُوا أَنْفُسَهُمْ فَحَكَمُوا حَيْثُ شَاءُوا وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَدْخُلُوا فِيهِ وَإِنْ قَالَ الَّذِي يَرَى مِنْهُمْ تَرْكَ الْقِيَاسِ بَلْ عَلَى النَّاسِ اتِّبَاعُ مَا قُلْت قِيلَ لَهُ مَنْ أَمَرَ بِطَاعَتِك حَتَّى يَكُونَ عَلَى النَّاسِ اتِّبَاعُك ؟ أَوْ رَأَيْت إنْ ادَّعَى عَلَيْك غَيْرُك هَذَا أَتُطِيعُهُ أَمْ تَقُولُ لَا أُطِيعُ إلَّا مَنْ أُمِرْت بِطَاعَتِهِ ؟ فَكَذَلِكَ لَا طَاعَةَ لَك عَلَى أَحَدٍ وَإِنَّمَا الطَّاعَةُ لِمَنْ أَمَرَ اللَّهُ أَوْ رَسُولُهُ بِطَاعَتِهِ وَالْحَقُّ فِيمَا أَمَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِاتِّبَاعِهِ وَدَلَّ اللَّهُ وَرَسُولُهُ عَلَيْهِ نَصًّا أَوْ اسْتِنْبَاطًا بِدَلَائِلَ أَوَرَأَيْت إذْ أَمَرَ اللَّهُ بِالتَّوَجُّهِ قِبَلَ الْبَيْتِ وَهُوَ مُغَيَّبٌ عَنْ الْمُتَوَجِّهِ هَلْ جَعَلَ لَهُ أَنْ يَتَوَجَّهَ إلَّا بِالِاجْتِهَادِ بِطَلَبِ الدَّلَائِلِ عَلَيْهِ ؟ أَوَرَأَيْت إذَا أَمَرَ بِشَهَادَةِ الْعَدْلِ فَدَلَّ عَلَى أَنْ لَا يَقْبَلَ غَيْرَهَا هَلْ يَعْرِفُ الْعَدْلَ مِنْ غَيْرِهِ إلَّا بِطَلَبِ الدَّلَائِلِ عَلَى عَدْلِهِ ؟ أَوَرَأَيْت إذَا أَمَرَ بِالْحُكْمِ بِالْمِثْلِ فِي الصَّيْدِ هَلْ أَمَرَ أَنْ يَحْكُمَ إلَّا بِأَنْ يَحْكُمَ بِنَظَرِهِ ؟ فَكُلُّ هَذَا اجْتِهَادٌ وَقِيَاسٌ أَوَرَأَيْت إذَا أَمَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالِاجْتِهَادِ فِي الْحُكْمِ
[ ص: 317 ] هَلْ يَكُونُ مُجْتَهِدًا عَلَى غَيْرِ طَلَبِ عَيْنٍ وَطَلَبُ الْعَيْنِ لَا يَكُونُ إلَّا بِاتِّبَاعِ الدَّلَائِلِ عَلَيْهَا وَذَلِكَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ مُحَالًا أَنْ يُقَالَ اجْتَهِدْ فِي طَلَبِ شَيْءٍ مَنْ لَمْ يَطْلُبْهُ بِاحْتِيَالِهِ وَالِاسْتِدْلَالُ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ طَالِبًا لِشَيْءٍ مَنْ سَنَحَ عَلَى وَهْمِهِ أَوْ خَطَرَ بِبَالِهِ مِنْهُ .
( قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ ) وَإِنَّهُ لَيَلْزَمُ مِنْ تَرْكِ الْقِيَاسِ أَكْثَرُ مِمَّا ذَكَرْت وَفِي بَعْضِهِ مَا قَامَ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ وَأَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى لِي وَلِجَمِيعِ خَلْقِهِ التَّوْفِيقَ وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَقْبَلَ وَلَا لِلْوَالِي أَنْ يَدَعَ أَحَدًا
nindex.php?page=treesubj&link=22323وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ أَحَدًا إلَّا مَتَى يَجْمَعُ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا عِلْمَ الْكِتَابِ وَعِلْمَ نَاسِخِهِ وَمَنْسُوخِهِ خَاصِّهِ وَعَامِّهِ وَأَدَبِهِ وَعَالِمًا بِسُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقَاوِيلِ أَهْلِ الْعِلْمِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا وَعَالِمًا بِلِسَانِ
الْعَرَبِ عَاقِلًا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْمُشْتَبَهِ وَيَعْقِلُ الْقِيَاسَ .
فَإِنْ عَدِمَ وَاحِدًا مِنْ هَذِهِ الْخِصَالِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَقُولَ قِيَاسًا ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ عَالِمًا بِالْأُصُولِ غَيْرَ عَاقِلٍ لِلْقِيَاسِ الَّذِي هُوَ الْفَرْعُ لَمْ يَجُزْ أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=21709يُقَالَ لِرَجُلٍ قِسْ وَهُوَ لَا يَعْقِلُ الْقِيَاسَ وَإِنْ كَانَ عَاقِلًا لِلْقِيَاسِ وَهُوَ مُضَيِّعٌ لِعِلْمِ الْأُصُولِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ لَهُ قِسْ عَلَى مَا لَا تَعْلَمْ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ قِسْ لِأَعْمًى وَصَفْت لَهُ اجْعَلْ كَذَا عَنْ يَمِينِك ، وَكَذَا عَنْ يَسَارِك فَإِذَا بَلَغْت كَذَا فَانْتَقِلْ مُتَيَامِنًا وَهُوَ لَا يُبْصِرُ مَا قِيلَ لَهُ يَجْعَلُهُ يَمِينًا وَيَسَارًا أَوْ يُقَالُ سِرْ بِلَادًا وَلَمْ يَسِرْهَا قَطُّ وَلَمْ يَأْتِهَا قَطُّ وَلَيْسَ لَهُ فِيهَا عِلْمٌ يَعْرِفُهُ وَلَا يَثْبُتُ لَهُ فِيهَا قَصْدُ سَمْتٍ يَضْبِطُهُ لِأَنَّهُ يَسِيرُ فِيهَا عَنْ غَيْرِ مِثَالٍ قَوِيمٍ وَكَمَا لَا يَجُوزُ لِعَالِمٍ بِسُوقِ سِلْعَةٍ مُنْذُ زَمَانٍ ثُمَّ خَفِيَتْ عَنْهُ سَنَةً أَنْ يُقَالَ لَهُ قَوِّمْ عَبْدًا مِنْ صِفَتِهِ كَذَا لِأَنَّ السُّوقَ تَخْتَلِفُ وَلَا لِرَجُلٍ أَبْصَرَ بَعْضَ صِنْفٍ مِنْ التِّجَارَاتِ وَجَهِلَ غَيْرَ صِنْفِهِ وَالْغَيْرُ الَّذِي جَهِلَ لَا دَلَالَةٌ عَلَيْهِ بِبَعْضِ عِلْمِ الَّذِي عَلِمَ قُوِّمَ كَذَا كَمَا لَا يُقَالُ لِبَنَّاءٍ اُنْظُرْ قِيمَةَ الْخِيَاطَةِ وَلَا لِخَيَّاطٍ اُنْظُرْ قِيمَةَ الْبِنَاءِ ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَقَدْ حَكَمَ وَأَفْتَى مَنْ لَمْ يَجْمَعْ مَا وَصَفْت قِيلَ فَقَدْ رَأَيْت أَحْكَامَهُمْ وَفُتْيَاهُمْ فَرَأَيْت كَثِيرًا مِنْهَا مُتَضَادًّا مُتَبَايِنًا وَرَأَيْت كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ يُخَطِّئُ صَاحِبَهُ فِي حُكْمِهِ وَفُتْيَاهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُسْتَعَانُ ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ أَرَأَيْت
nindex.php?page=treesubj&link=22241_21694مَا اجْتَهَدَ فِيهِ الْمُجْتَهِدُونَ كَيْفَ الْحَقُّ فِيهِ عِنْدَ اللَّهِ ؟ قِيلَ لَا يَجُوزُ فِيهِ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ فِيهِ عِنْدَ اللَّهِ كُلُّهُ إلَّا وَاحِدًا لِأَنَّ عِلْمَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَحْكَامَهُ وَاحِدٌ لِاسْتِوَاءِ السَّرَائِرِ وَالْعَلَانِيَةِ عِنْدَهُ وَأَنَّ عِلْمَهُ بِكُلِّ وَاحِدٍ جَلَّ ثَنَاؤُهُ سَوَاءٌ ، فَإِنْ قِيلَ مَنْ لَهُ أَنْ يَجْتَهِدَ فَيَقِيسَ عَلَى كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ هَلْ يَخْتَلِفُونَ وَيَسَعُهُمْ الِاخْتِلَافُ ؟ .
أَوْ يُقَالُ لَهُمْ إنْ اخْتَلَفُوا : مُصِيبُونَ كُلُّهُمْ أَوْ مُخْطِئُونَ أَوْ لِبَعْضِهِمْ مُخْطِئٌ وَبَعْضُهُمْ مُصِيبٌ ؟ قِيلَ لَا يَجُوزُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ إنْ اخْتَلَفُوا إنْ كَانَ مِمَّنْ لَهُ الِاجْتِهَادُ وَذَهَبَ مَذْهَبًا مُحْتَمَلًا أَنْ يُقَال لَهُ أَخْطَأَ مُطْلَقًا وَلَكِنْ يُقَالُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَدْ أَطَاعَ فِيمَا كُلِّفَ وَأَصَابَ فِيهِ وَلَمْ يُكَلَّفْ عِلْمَ الْغَيْبِ الَّذِي لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ أَحَدٌ ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَمَثِّلْ لِي مِنْ هَذَا شَيْئًا قِيلَ لَا مِثَالَ أَدَلُّ عَلَيْهِ مِنْ الْغَيْبِ عَنْ
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاسْتِقْبَالِهِ فَإِذَا اجْتَهَدَ رَجُلَانِ بِالطَّرِيقَيْنِ عَالِمَانِ بِالنُّجُومِ وَالرِّيَاحِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ فَرَأَى أَحَدُهُمَا الْقِبْلَةَ مُتَيَامِنًا مِنْهُ وَرَأَى أَحَدُهُمَا الْقِبْلَةَ مُنْحَرِفَةً عَنْ حَيْثُ رَأَى صَاحِبُهُ كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُصَلِّيَ حَيْثُ يَرَى وَلَا يَتْبَعَ صَاحِبَهُ إذَا أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى غَيْرِ مَا أَدَّى صَاحِبَهُ اجْتِهَادُهُ إلَيْهِ وَلَمْ يُكَلَّفْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَوَابَ عَيْنِ
الْبَيْتِ لِأَنَّهُ لَا يَرَاهُ وَقَدْ أَدَّى مَا كُلِّفَ مِنْ التَّوَجُّهِ إلَيْهِ بِالدَّلَائِلِ عَلَيْهِ ، فَإِنْ قِيلَ فَيَلْزَمُ أَحَدَهُمَا اسْمُ الْخَطَأِ قِيلَ أَمَّا فِيمَا كُلِّفَ فَلَا وَأَمَّا خَطَأُ عَيْنِ
الْبَيْتِ فَنَعَمْ لِأَنَّ
الْبَيْتَ لَا يَكُونُ فِي جِهَتَيْنِ ، فَإِنْ قِيلَ فَيَكُونُ مُطِيعًا بِالْخَطَأِ قِيلَ هَذَا مِثْلُ جَاهِدٍ يَكُونُ مُطِيعًا بِالصَّوَابِ لِمَا كُلِّفَ مِنْ الِاجْتِهَادِ وَغَيْرَ آثِمٍ بِالْخَطَأِ إذْ لَمْ يُكَلَّفْ صَوَابَ الْمَغِيبِ الْعَيِّنِ عَنْهُ فَإِذَا لَمْ يُكَلَّفْ صَوَابَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ خَطَأٌ مَا لَمْ يَجْعَلْ عَلَيْهِ صَوَابَ عَيْنِهِ ، فَإِنْ قِيلَ أَفَتَجِدُ سُنَّةً تَدُلُّ عَلَى مَا وَصَفْت ؟ قِيلَ نَعَمْ .
أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16379عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ
يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15527بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ
أَبِي قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=59عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9883إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ [ ص: 318 ] فَاجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ } قَالَ
يَزِيدُ بْنُ الْهَادِ فَحَدَّثْت بِهَذَا الْحَدِيثِ
أَبَا بَكْرِ بْنَ مُحَمَّدٍ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَقَالَ هَكَذَا حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=233أَبُو سَلَمَةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَمَا مَعْنَى هَذَا ؟ قِيلَ مَا وَصَفْت مِنْ أَنَّهُ إذَا اجْتَهَدَ فَجَمَعَ الصَّوَابَ بِالِاجْتِهَادِ وَصَوَابَ الْعَيْنِ الَّتِي اجْتَهَدَ كَانَ لَهُ حَسَنَتَانِ وَإِذَا أَصَابَ الِاجْتِهَادَ وَأَخْطَأَ الْعَيْنَ الَّتِي أَمَرَ يَجْتَهِدُ فِي طَلَبِهَا كَانَتْ لَهُ حَسَنَةٌ وَلَا يُثَابُ مَنْ يُؤَدِّي فِي أَنْ يُخْطِئَ الْعَيْنَ وَيُحْسِنُ مَنْ يُؤَدِّي أَنْ يَكُفَّ عَنْهُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَا وَصَفْت مِنْ أَنَّهُ لَمْ يُكَلَّفْ صَوَابَ الْعَيْنِ فِي حَالٍ ، فَإِنْ قِيلَ ذَمَّ اللَّهُ عَلَى الِاخْتِلَافِ قِيلَ الِاخْتِلَافُ وَجْهَانِ فَمَا أَقَامَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ الْحُجَّةَ عَلَى خَلْقِهِ حَتَّى يَكُونُوا عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ لَيْسَ عَلَيْهِمْ إلَّا اتِّبَاعُهُ وَلَا لَهُمْ مُفَارَقَتُهُ ، فَإِنْ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَذَلِكَ الَّذِي ذَمَّ اللَّهُ عَلَيْهِ
nindex.php?page=treesubj&link=21695وَاَلَّذِي لَا يَحِلُّ الِاخْتِلَافُ فِيهِ ، فَإِنْ قَالَ فَأَيْنَ ذَلِكَ ؟ قِيلَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=4وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَةُ } فَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=21695خَالَفَ نَصَّ كِتَابٍ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ أَوْ سُنَّةً قَائِمَةً فَلَا يَحِلُّ لَهُ الْخِلَافُ وَلَا أَحْسَبُهُ يَحِلُّ لَهُ خِلَافَ جَمَاعَةِ النَّاسِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قَوْلِهِمْ كِتَابٌ أَوْ سُنَّةٌ وَمَنْ خَالَفَ فِي أَمْرٍ لَهُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ فَذَهَبَ إلَى مَعْنًى يَحْتَمِلُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ وَيَكُونُ عَلَيْهِ دَلَائِلُ لَمْ يَكُنْ فِي مِنْ خِلَافٍ لِغَيْرِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُخَالِفُ حِينَئِذٍ كِتَابًا نَصَّا وَلَا سُنَّةً قَائِمَةً وَلَا جَمَاعَةً وَلَا قِيَاسًا بِأَنَّهُ إنَّمَا نَظَرَ فِي الْقِيَاسِ فَأَدَّاهُ إلَى غَيْرِ مَا أَدَّى صَاحِبَهُ إلَيْهِ الْقِيَاسُ كَمَا أَدَّاهُ فِي التَّوَجُّهِ
لِلْبَيْتِ بِدَلَالَةِ النُّجُومِ إلَى غَيْرِ مَا أَدَّى إلَيْهِ صَاحِبَهُ ، فَإِنْ قَالَ وَيَكُونُ هَذَا فِي الْحُكْمِ ؟ قِيلَ نَعَمْ ، فَإِنْ قِيلَ فَمِثْلُ هَذَا إذَا كَانَ فِي الْحُكْمِ دَلَالَةٌ عَلَى مَوْضِعِ الصَّوَابِ قِيلَ قَدْ عَرَفْنَاهَا فِي بَعْضِهِ وَذَلِكَ أَنْ تَنْزِلَ نَازِلَةٌ تَحْتَمِلُ أَنْ تُقَاسَ فَيُوجَدَ لَهَا فِي الْأَصْلَيْنِ شَبَهٌ فَيَذْهَبُ ذَاهِبٌ إلَى أَصْلٍ وَالْآخَرُ إلَى أَصْلٍ غَيْرِهِ فَيَخْتَلِفَانِ ، فَإِنْ قِيلَ فَهَلْ يُوجَدُ السَّبِيلُ إلَى أَنْ يُقِيمَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ حُجَّةً فِي بَعْضِ مَا اخْتَلَفَا فِيهِ ؟ قِيلَ نَعَمْ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنْ تُنْظَرَ النَّازِلَةُ ، فَإِنْ كَانَتْ تُشْبِهُ أَحَدَ الْأَصْلَيْنِ فِي مَعْنًى وَالْآخَرَ فِي اثْنَيْنِ صُرِفَتْ إلَى الَّذِي أَشْبَهَتْهُ فِي الِاثْنَيْنِ دُونَ الَّذِي أَشْبَهَتْهُ فِي وَاحِدٍ وَهَكَذَا إذَا كَانَ شَبِيهًا بِأَحَدِ الْأَصْلَيْنِ أَكْثَرَ