[ ص: 221 ] باب الكلب يلغ في الإناء أو غيره سألت عن الشافعي قال : يهراق الماء واللبن والمرق ولا ينتفعون به ويغسل الإناء سبع مرات وما مس ذلك الماء واللبن من ثوب وجب غسله لأنه نجس فقلت وما الحجة في ذلك ؟ فقال : أخبرنا الكلب يلغ في الإناء في الماء لا يكون فيه قلتان أو اللبن أو المرق عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { أبي هريرة } . إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات
( قال ) : فكان بينا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان الكلب يشرب الماء في الإناء فينجس الإناء حتى يجب غسله سبعا أنه إنما ينجس بمماسة الماء إياه فكان الماء أولى بالنجاسة من الإناء الذي إنما نجس بمماسته ، وكان الماء الذي هو طهور إذا نجس فاللبن والمرق الذي ليس بطهور أولى أن ينجس بما نجس الماء فقلت الشافعي : فإنا نزعم أن الكلب إذا شرب في الإناء فيه اللبن بالبادية شرب اللبن وغسل الإناء سبعا لأن الكلاب لم تزل بالبادية فقال للشافعي : هذا الكلام المحال أيعدو الكلب أن يكون ينجس ما يشرب منه الشافعي أو لا ينجسه فلا يغسل الإناء منه ولا يكون ولا يحل شرب النجس ولا أكله بالبادية فرض من النجاسة إلا وبالقرية مثله ، وهذا خلاف السنة والقياس والمعقول والعلة الضعيفة وأرى قولكم : لم تزل الكلاب بالبادية حجة عليكم فإذا سن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغسل الإناء من شرب الكلب سبعا والكلاب في البادية في زمانه وقبله وبعده إلى اليوم فهل زعمتم عن النبي صلى الله عليه وسلم أن ذلك على أهل القرية دون أهل البادية أو أهل البادية دون أهل القرية ؟ أو زعم لكم ذلك أحد من أئمة المسلمين أو فرق الله بين ما ينجس بالبادية والقرية ؟ أورأيت أهل البادية هل زعموا لكم أنهم يلقون ألبانهم للكلاب ما تكون الكلاب مع أهل البادية إلا ليلا لأنها تسرح مع مواشيهم ولهم أشح على ألبانهم وأشد لها إبقاء من أن يخلوا بينها وبين الكلاب ، وهل قال لكم أحد من أهل البادية ليس يتنجس بالكلب وهم أشد تحفظا من غيرهم أو مثلهم أو لو قاله لكم منهم قائل أيؤخذ الفقه من أهل البادية وإن اعتللتم بأن الكلاب مع أهل البادية ؟ أفرأيتم إن اعتل عليكم مثلكم من أهل الغباوة بأن يقول : الفأر والوزغان واللحكاء والدواب لأهل القرية ألزم من الكلاب لأهل البادية ، وأهل القرية أقل امتناعا من الفأر ودواب البيوت من أهل البادية من الكلاب فإذا لم تنجسه هل الحجة عليه إلا أن يقال الذي ينجس في الحال التي ينجس فيها ينجس ما وقع فيه كان كثيرا بقرية أو بادية أو قليلا فكذلك الكلاب ماتت فأرة أو دابة في ماء رجل قليل أو زيته أو لبنه أو مرقه بالبادية والفأر والدواب بالقرية أولى أن لا تنجس إن كان فيما ذكرتم حجة وما علمت أحدا روى عنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا التابعين أنه قال فيه إلا بمثل قولنا إلا أن من أهل زماننا من قال : يغسل الإناء من الكلب مرة واحدة وكلهم قال ينجس جميع ما يشرب منه الكلب من ماء ولبن ومرق وغيره ( قال ) رحمه الله تعالى إن ممن تكلم في العلم من يختال فيه فيشبه والذي رأيتكم تختالونه لا شبهة فيه ولا مؤنة على من سمعه في أنه خطأ إنما يكفي سامع قولكم أن يسمعه فيعلم أنه خطأ لا ينكشف يتكلف ولا بقياس يأتي به فإن ذهبتم إلى النبي صلى الله عليه وسلم أمر إذا الشافعي أن تطرح وما حولها فدل ذلك على نجاستها فقد أخبر أن النجاسة تكون من الفأرة وهي في البيوت ، وإنما قال في الفأرة قولا عاما وفي الكلب قولا عاما فإن ذهبتم إلى أن الفأرة تنجس على أهل القرية ولا تنجس على أهل البادية فقد سويتم بين قوليكم وزدتم في الخطأ وإن قلتم إن ما لم يسم من [ ص: 222 ] الدواب غير الفأرة والكلب لا ينجس فاجعل الوزغ لا ينجس ; لأنه لم يذكر فإما أن تقولوا الوزغ ينجس ولا خير فيه قياسا وتزعمون أن الكلب ينجس مرة ولا ينجس أخرى فلا يجوز هذا القول . . ماتت الفأرة في السمن الجامد