الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 3 ] بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                            كتاب اللقطة

                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " أخبرنا مالك ، عن ربيعة ، عن يزيد مولى المنبعث ، عن زيد بن خالد الجهني - رضي الله عنه - قال : جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن اللقطة فقال : اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة ، فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها وعن عمر - رضي الله عنه - نحو ذلك . قال الشافعي : فبهذا أقول .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال ، وهذا الحديث هو الأصل في اللقطة ، وقد رواه الشافعي في الأم بتمامه وأنه سأله بعد قوله " فشأنك بها " عن ضالة الغنم فقال : لك أو لأخيك أو للذئب ، فقال : فضالة الإبل ؟ قال : ما لك ولها ؟ معها سقاؤها وحذاؤها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها ، أما قوله في ضالة الغنم : هي لك ، يعني إن أخذتها ، أو لأخيك إن أخذها غيرك ، أو للذئب يعني إن لم تؤخذ أكلها الذئب .

                                                                                                                                            فأما قوله في ضالة الإبل : ما لك ولها ؟ أي : لا تأخذها . وقوله : معها سقاؤها ، يعني : أعناقها التي تتوصل بها إلى الماء ، فلا تحتاج إلى تقريب الراعي ومعونته . وقوله : حذاؤها ، يعني خفاف أرجلها التي تقدر بها على السير وطلب المرعى وتمتنع من صغار السباع ، فخالفت الغنم من هذه الوجوه الثلاثة .

                                                                                                                                            وروى مطرف بن عبد الله عن أبيه أن رجلا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، إنا نصيب هوامي الإبل ، فقال : ضالة المؤمن حرق النار وهوامي الإبل : هي المهملة التي لا راعي لها .

                                                                                                                                            وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : لا يأوي الضالة إلا ضال ، وروى الشافعي عن يحيى بن سعيد عن الثوري ، عن سلمة بن كهيل ، عن سويد بن غفلة ، أنه سأل أبي بن كعب - رضي الله عنه - عن سوط وجده ، فقال : إني وجدت صرة في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها مائة دينار ، فذكرتها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لي : عرفها حولا ، فإن وجدت من يعرفها فادفعها إليه ، وإلا فاستمتع بها .

                                                                                                                                            [ ص: 4 ] وروى الشافعي عن عبد العزيز ، عن شريك ، عن عطاء بن يسار ، عن علي بن أبي طالب - عليه السلام - أنه وجد دينارا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكره له ، فأمره أن يعرفه فلم يعرف ، فأمره بأكله ، ثم جاء صاحبه فأمره أن يغرمه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية