الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وينبغي للإمام أن يتعاهد الخيل ، فلا يدخل إلا شديدا ولا يدخل حطما ولا قمحا ضعيفا ولا ضرعا ( قال المزني ) - رحمه الله - القحم الكبير والضرع الصغير ولا أعجف رازحا ، وإن أغفل فدخل رجل على واحدة منها فقد قيل لا يسهم له : لأنه لا يغني غناء الخيل التي يسهم لها ، ولا أعلمه أسهم فيما مضى على مثل هذه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال : ينبغي للإمام أن يتعاهد خيل المجاهدين وتجهيزها ولا يدخل فيها حطما وهو الكبير ولا ضرعا وهو الصغير ولا أعجف رازحا وهو الهزيل الذي لا حراك به : لأنها لا تفي عناء الخيل الشديدة وقد تضر من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : عجزها عن النهضة ، وعجز راكبها عن المقاتلة .

                                                                                                                                            والثاني : ضيق الغنيمة بالإسهام لها على ذوي العناء والشدة ، فلو دخل رجل بواحد من هذه الضعيفة العاجزة عن عناء الخيل السليمة نظر ، فإن كان الإمام أو أمير الجيش قد نادى فيهم ألا يدخل أحد من الجيش بواحد منها ، فلا سهم لمن دخل بها : لأن في البغال التي لا سهم لها ما هو عناء منها ، وإن لم يناد فيهم بذلك ، فقد قال الشافعي ها هنا وفي الأم قيل : لا يسهم وقيل يسهم لها فاختلف أصحابنا ، فكان أبو علي بن حيران يخرج ذلك على قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : لا يسهم لها لما ذكرنا من التعليل ؛ فعجزها عن العناء كالبغال والحمير ، والقول الثاني : يسهم لها : لأن اختلاف القوة والضعف لا يوجب اختلافهما في السهم كالمقاتلة ، وقال أبو إسحاق المروزي : ليس ذلك على اختلاف قولين وإنما هو على اختلاف حالين [ ص: 421 ] فقوله يسهم لها إذا أمكن القتال عليها مع ضعفها ، وقوله لا يسهم لها إذا لم يمكن القتال عليها لضعفها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية