فصل : فأما ولاء الموالاة وصورته : في رجل لا يعرف له نسب ولا ولاء فيوالي رجلا يعاقده ويحالفه ويناصره ، فهذا عند الشافعي وجمهور الفقهاء لا يتوارثان به .
[ ص: 120 ] وقال إبراهيم النخعي : يتوارثان بهذه الموالاة ، وليس لواحد منهما نقضها . وقال أبو حنيفة : يتوارثان بها ولكل واحد منهما نقضها ما لم يعقل عنه صاحبه ، فإن عقل له لم يكن له نقضها . فاستدل على استحقاق التوارث بها بقوله تعالى : والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم [ النساء : 33 ] وبرواية تميم الداري أن رجلا والى رجلا فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنت أحق الناس بمحياه ومماته .
والدليل على فساد ما ذهبا إليه قوله - صلى الله عليه وسلم - : إنما الولاء لمن أعتق فأثبته للمعتق ونفاه عن غير المعتق .
وروى جبير بن مطعم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : لا حلف في الإسلام ، وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة ، ولأن كل من لماله جهة ينصرف إليها لم يجز أن ينقله بالموالاة إلى غيرها كالذي له نسب أو عليه ولاء ، ولأن كل جهة لا يتوارث بها مع النسب والولاء لا يتوارث بها مع عدم النسب والولاء كالنكاح الفاسد ، فأما الآية فمنسوخة حين نسخ التوارث بالحلف ، وقد ذكرناه .
وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - : أنت أحق بمحياه ومماته فمعناه أحق بنفسه دون ماله في نصرته في حياته ودفنه والصلاة عليه بعد وفاته ، والله أعلم بالصواب .
آخر كتاب العصبة


