[ ص: 145 ] باب
nindex.php?page=treesubj&link=9990ميراث المرتد
( قال ) وميراث المرتد لبيت مال المسلمين ولا يرث المسلم الكافر ، واحتج
الشافعي في المرتد بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923582nindex.php?page=treesubj&link=14142لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم واحتج على من ورث ورثته المسلمين ماله ولم يورثه منهم فقال : هل رأيت أحدا لا يرث ولده إلا أن يكون قاتلا ويرثه ولده ، وإنما أثبت الله المواريث للأبناء من الآباء حيث أثبت المواريث للآباء من الأبناء .
قال
الماوردي : وهذا كما قال : لا اختلاف بينهم أن المرتد لا يرث ، واختلفوا
nindex.php?page=treesubj&link=9991هل يورث أم لا ؟ على ستة مذاهب :
أحدها وهو مذهب
الشافعي : أن المرتد لا يورث ويكون جميع ماله فيئا لبيت مال المسلمين ، وسواء الزنديق وغيره ، وبه قال
ابن أبي ليلى وأبو ثور وأحمد بن حنبل .
والمذهب الثاني وهو مذهب
مالك : أن مال المرتد يكون فيئا في بيت مال المسلمين إلا الزنديق فإنه يكون لورثته المسلمين ، أو يقصد بردته إزواء ورثته في مرض موته ، فيكون ماله ميراثا لهم .
والمذهب الثالث وهو مذهب
أبي يوسف ومحمد : أن جميع ماله الذي كسبه في إسلامه وبعد ردته يكون موروثا لورثته المسلمين ، وهو قول
علي بن أبى طالب ،
وعبد الله بن مسعود ،
وسعيد بن المسيب ،
وعمر بن عبد العزيز ،
والحسن ،
وعطاء .
والمذهب الرابع وهو مذهب
أبي حنيفة : أن ما كسبه قبل ردته يكون لورثته المسلمين وما كسبه بعد ردته يكون فيئا لبيت المال إلا أن يكون المرتد امرأة ، فيكون جميعه موروثا ، وبه قال
سفيان الثوري ،
وزفر بن الهذيل .
والمذهب الخامس وهو مذهب
داود بن علي أن ماله لورثته الذين ارتد إليهم دون ورثته المسلمين .
والمذهب السادس وهو مذهب
علقمة وقتادة وسعيد بن أبي عروبة وأن ماله ينتقل إلى أهل الدين الذين ارتد إليهم ، واستدل من جعل ماله موروثا على اختلاف مذاهبهم بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=75وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض [ الأنفال 75 ] وبما روي أن
علي بن أبي طالب - عليه السلام - أتي
بالمستورد العجلي وقد ارتد فعرض عليه الإسلام فأبى أن يسلم ، فضرب عنقه وجعل ميراثه لورثته من المسلمين : وبما روي عن
زيد بن ثابت - رضي الله
[ ص: 146 ] عنه - قال : بعثني
أبو بكر - رضي الله عنه - عند رجوعه إلى أهل الردة أن أقسم أموالهم بين ورثتهم المسلمين ، قالوا : ولأن كل من لا يرثه وارثه المشرك ورثه وارثه المسلم كالمسلم طردا وكالمشرك عكسا ، قالوا : ولأنه مال كسبه مسلم فلم يجز أن يكون فيئا كمال المسلمين ، قالوا : ولأنه مال كسبه في حال حقن دمه فلم يصر فيئا بإباحة دمه كمال القاتل والزاني المحصن ، قالوا : ولأن ورثته من المسلمين قد ساووا بإسلامهم جميع المسلمين وفضلوهم بالرحم والتعصيب ، فوجب أن يكونوا أولى منهم لقوة شبههم ، واستدل من جعل ماله لأهل الدين الذي ارتد إليه بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=51ومن يتولهم منكم فإنه منهم [ المائدة : 51 ] .
والدليل على أن المرتد لا يورث ويكون ماله فيئا رواية
أسامة بن زيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923582لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ، فإن منعوا من إطلاق اسم الكفر على المرتد دللنا عليه بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=137إن الذين آمنوا ثم كفروا [ النساء : 137 ] وقوله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923623لا يحل مال امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث كفر بعد إيمان nindex.php?page=hadith&LINKID=923624وروى معاوية بن قرة عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث أباه جد معاوية إلى رجل عرس بامرأة أبيه فأمرني بضرب عنقه وخمس ماله ، فجعله النبي - صلى الله عليه وسلم - باستحلال ما نص الله تعالى على تحريمه مرتدا ، وجعل ماله بتخميسه إياه فيئا ، وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923625أيما قرية عصت الله ورسوله فإن خمسها لله وللرسول ، ثم هي لكم ، وإنما أشار إلى من حدث عصيانها بالكفر بعد تقدم طاعتها بالإيمان : لأن حكم من لم يزل كافرا مستفاد بنص الكتاب ، ولأن كل من لم يرث بحال لم يورث كالكاتب ، ولأنه كل من لم يورث عنه ما ملكه في إباحة دمه لم يورث عنه ما ملك في حقن دمه كالذمي طردا والقاتل عكسا ، ولأن كل مال ملكه بعوده إلى الإسلام لم يورث عنه بقتله على الردة قياسا على ما كسبه بعد الردة ، فأما الجواب عن الآية فإنه قال
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=75بعضهم أولى ببعض [ الأنفال 75 ] ، فلما لم يكن المرتد أولى بالمسلم يقطع الموالاة بالردة لم يصر المسلم أولى بالمرتد لهذا المعنى ، وأما دفع
علي - رضوان الله عليه - مال
المستورد إلى ورثته إنما كان لما رأى المصلحة باجتهاده وهو إمام يملك التصرف في أموال بيت المال برأيه ، فيجوز أن يكون ذلك تمليكا منه ابتداء عطية لا على جهة الإرث .
وأما توريث
زيد بن ثابت بأمر
أبي بكر الصديق - رضوان الله عليه - ودفع أموال المرتدين إلى ورثتهم ، فيجوز أن يكون على مثل ما فعله
علي - عليه السلام - في مال
المستورد على طريق المصلحة ، أو بحمل على المرتدين عن بدل الزكاة حين لم يحكم بكفرهم بالمتع لتأولهم ومقامهم على الإسلام واشتباه الأمر قبل الإجماع .
وأما قياسهم على المسلم بعلة أنه لا يرثه المشرك فمنتقض بالمكاتب ، ثم المعنى في المسلم بقاء الولاية بينه وبين المسلمين .
وأما قياسهم على القاتل فهو دليلنا : لأنه لما كان ما ملك في إباحة دمه موروثا ، كان
[ ص: 147 ] ما ملك في حقن دمه موروثا ، ولما كان المرتد لا يورث عنه ما ملك في إباحة دمه لم يورث عنه ما ملك في حقن دمه ، وأما استدلالهم بأن ورثته من المسلمين قد جمعوا الإسلام والقرابة فكانوا أولى من بيت المال المنفرد بالإسلام ففاسد بالذمي لا يرثه المسلم ، وإن كان بيت المال أولى بماله ، ثم ليس يصير مال المرتد إلى بيت المال ميراثا فيجعل ورثته أولى ، وإنما يصير إليه فيئا كما أنهم يجعلون ما كسبه بعد الردة فيئا ولا يجعلون ورثته أولى به .
[ ص: 145 ] بَابُ
nindex.php?page=treesubj&link=9990مِيرَاثِ الْمُرْتَدِّ
( قَالَ ) وِمِيرَاثُ الْمُرْتَدِّ لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ ، وَاحْتَجَّ
الشَّافِعِيُّ فِي الْمُرْتَدِّ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923582nindex.php?page=treesubj&link=14142لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ وَاحْتَجَّ عَلَى مَنْ وَرَّثَ وَرَثَتَهُ الْمُسْلِمِينَ مَالَهُ وَلَمْ يُوَرِّثْهُ مِنْهُمْ فَقَالَ : هَلْ رَأَيْتَ أَحَدًا لَا يَرِثُ وَلَدَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَاتِلًا وَيَرِثَهُ وَلَدُهُ ، وَإِنَّمَا أَثْبَتَ اللَّهُ الْمَوَارِيثَ لِلْأَبْنَاءِ مِنَ الْآبَاءِ حَيْثُ أَثْبَتَ الْمَوَارِيثَ لِلْآبَاءِ مِنَ الْأَبْنَاءِ .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : وَهَذَا كَمَا قَالَ : لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ أَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يَرِثُ ، وَاخْتَلَفُوا
nindex.php?page=treesubj&link=9991هَلْ يُورَثُ أَمْ لَا ؟ عَلَى سِتَّةِ مَذَاهِبَ :
أَحَدُهَا وَهُوَ مَذْهَبُ
الشَّافِعِيِّ : أَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يُورَثُ وَيَكُونُ جَمِيعُ مَالِهِ فَيْئًا لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ ، وَسَوَاءٌ الزِّنْدِيقُ وَغَيْرُهُ ، وَبِهِ قَالَ
ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ .
وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي وَهُوَ مَذْهَبُ
مَالِكٍ : أَنَّ مَالَ الْمُرْتَدِّ يَكُونُ فَيْئًا فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا الزِّنْدِيقَ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِوَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ ، أَوْ يَقْصِدُ بِرِدَّتِهِ إِزْوَاءَ وَرَثَتِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ، فَيَكُونُ مَالُهُ مِيرَاثًا لَهُمْ .
وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ وَهُوَ مَذْهَبُ
أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ : أَنَّ جَمِيعَ مَالِهِ الَّذِي كَسَبَهُ فِي إِسْلَامِهِ وَبَعْدَ رِدَّتِهِ يَكُونُ مَوْرُوثًا لِوَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ ، وَهُوَ قَوْلُ
عَلِيِّ بْنِ أَبَى طَالِبٍ ،
وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ،
وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ،
وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ،
وَالْحَسَنِ ،
وَعَطَاءٍ .
وَالْمَذْهَبُ الرَّابِعُ وَهُوَ مَذْهَبُ
أَبِي حَنِيفَةَ : أَنَّ مَا كَسَبَهُ قَبْلَ رِدَّتِهِ يَكُونُ لِوَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ وَمَا كَسَبَهُ بَعْدَ رِدَّتِهِ يَكُونُ فَيْئًا لِبَيْتِ الْمَالِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرْتَدُّ امْرَأَةً ، فَيَكُونُ جَمِيعُهُ مَوْرُوثًا ، وَبِهِ قَالَ
سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ،
وَزُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ .
وَالْمَذْهَبُ الْخَامِسُ وَهُوَ مَذْهَبُ
دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّ مَالَهُ لِوَرَثَتِهِ الَّذِينَ ارْتَدَّ إِلَيْهِمْ دُونَ وَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ .
وَالْمَذْهَبُ السَّادِسُ وَهُوَ مَذْهَبُ
عَلْقَمَةَ وَقَتَادَةَ وَسَعِيدَ بْنَ أَبِي عُرُوبَةَ وَأَنَّ مَالَهُ يَنْتَقِلُ إِلَى أَهْلِ الدِّينِ الَّذِينَ ارْتَدَّ إِلَيْهِمْ ، وَاسْتَدَلَّ مَنْ جَعَلَ مَالَهُ مَوْرُوثًا عَلَى اخْتِلَافِ مَذَاهِبِهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=75وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ [ الْأَنْفَالِ 75 ] وَبِمَا رُوِيَ أَنَّ
عَلِيِّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أُتِيَ
بِالْمُسْتَوْرِدِ الْعِجْلِيِّ وَقَدِ ارْتَدَّ فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ فَأَبَى أَنْ يُسْلِمَ ، فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَجَعَلَ مِيرَاثَهُ لِوَرَثَتِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ : وَبِمَا رُوِيَ عَنْ
زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ
[ ص: 146 ] عَنْهُ - قَالَ : بَعَثَنِي
أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عِنْدَ رُجُوعِهِ إِلَى أَهْلِ الرِّدَّةِ أَنْ أُقَسِّمَ أَمْوَالَهُمْ بَيْنَ وَرَثَتِهِمُ الْمُسْلِمِينَ ، قَالُوا : وَلِأَنَّ كُلَّ مَنْ لَا يَرِثُهُ وَارِثُهُ الْمُشْرِكُ وَرِثَهُ وَارِثُهُ الْمُسْلِمُ كَالْمُسْلِمِ طَرْدًا وَكَالْمُشْرِكِ عَكْسًا ، قَالُوا : وَلِأَنَّهُ مَالٌ كَسَبَهُ مُسْلِمٌ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ فَيْئًا كَمَالِ الْمُسْلِمِينَ ، قَالُوا : وَلِأَنَّهُ مَالٌ كَسَبَهُ فِي حَالِ حَقْنِ دَمِهِ فَلَمْ يَصِرْ فَيْئًا بِإِبَاحَةِ دَمِهِ كَمَالِ الْقَاتِلِ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ ، قَالُوا : وَلِأَنَّ وَرَثَتَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ سَاوَوْا بِإِسْلَامِهِمْ جَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ وَفَضَّلُوهُمْ بِالرَّحِمِ وَالتَّعْصِيبِ ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونُوا أَوْلَى مِنْهُمْ لِقُوَّةِ شَبِهِهِمْ ، وَاسْتَدَلَّ مَنْ جَعَلَ مَالَهُ لِأَهْلِ الدِّينِ الَّذِي ارْتَدَّ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=51وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [ الْمَائِدَةِ : 51 ] .
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يُورَثُ وَيَكُونُ مَالُهُ فَيْئًا رِوَايَةُ
أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923582لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ ، فَإِنْ مَنَعُوا مِنْ إِطْلَاقِ اسْمِ الْكُفْرِ عَلَى الْمُرْتَدِّ دَلَّلْنَا عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=137إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا [ النِّسَاءِ : 137 ] وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923623لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ كُفْرٌ بَعْدَ إِيمَانٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=923624وَرَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ أَبَاهُ جَدَّ مُعَاوِيَةَ إِلَى رَجُلٍ عَرَّسَ بِامْرَأَةِ أَبِيهِ فَأَمَرَنِي بِضَرْبِ عُنُقِهِ وَخَمَّسَ مَالَهُ ، فَجَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاسْتِحْلَالِ مَا نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى تَحْرِيمِهِ مُرْتَدًّا ، وَجَعَلَ مَالَهُ بِتَخْمِيسِهِ إِيَّاهُ فَيْئًا ، وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923625أَيُّمَا قَرْيَةٍ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ خُمُسَهَا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ، ثُمَّ هِيَ لَكُمْ ، وَإِنَّمَا أَشَارَ إِلَى مَنْ حَدَثَ عِصْيَانُهَا بِالْكُفْرِ بَعْدَ تَقَدُّمِ طَاعَتِهَا بِالْإِيمَانِ : لِأَنَّ حُكْمَ مَنْ لَمْ يَزَلْ كَافِرًا مُسْتَفَادٌ بِنَصِّ الْكِتَابِ ، وَلِأَنَّ كُلَّ مَنْ لَمْ يَرِثْ بِحَالٍ لَمْ يُورَثْ كَالْكَاتِبِ ، وَلِأَنَّهُ كُلُّ مَنْ لَمْ يُورَثْ عَنْهُ مَا مَلَكَهُ فِي إِبَاحَةِ دَمِهِ لَمْ يُورَثْ عَنْهُ مَا مَلَكَ فِي حَقْنِ دَمِهِ كَالذِّمِّيِّ طَرْدًا وَالْقَاتِلِ عَكْسًا ، وَلِأَنَّ كُلَّ مَالٍ مَلَكَهُ بِعَوْدِهِ إِلَى الْإِسْلَامِ لَمْ يُورَثْ عَنْهُ بِقَتْلِهِ عَلَى الرِّدَّةِ قِيَاسًا عَلَى مَا كَسَبَهُ بَعْدَ الرِّدَّةِ ، فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْآيَةِ فَإِنَّهُ قَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=75بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ [ الْأَنْفَالِ 75 ] ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنِ الْمُرْتَدُّ أَوْلَى بِالْمُسْلِمِ يَقْطَعُ الْمُوَالَاةَ بِالرِّدَّةِ لَمْ يَصِرِ الْمُسْلِمُ أَوْلَى بِالْمُرْتَدِّ لِهَذَا الْمَعْنَى ، وَأَمَّا دَفْعُ
عَلِيٍّ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ - مَالَ
الْمُسْتَوْرِدِ إِلَى وَرَثَتِهِ إِنَّمَا كَانَ لَمَّا رَأَى الْمَصْلَحَةَ بِاجْتِهَادِهِ وَهُوَ إِمَامٌ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ بِرَأْيِهِ ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ تَمْلِيكًا مِنْهُ ابْتِدَاءَ عَطِيَّةٍ لَا عَلَى جِهَةِ الْإِرْثِ .
وَأَمَّا تَوْرِيثُ
زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ بِأَمْرِ
أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ - وَدَفْعِ أَمْوَالِ الْمُرْتَدِّينَ إِلَى وَرَثَتِهِمْ ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مِثْلِ مَا فَعَلَهُ
عَلِيٌّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي مَالِ
الْمُسْتَوْرِدِ عَلَى طَرِيقِ الْمَصْلَحَةِ ، أَوْ بِحَمْلٍ عَلَى الْمُرْتَدِّينَ عَنْ بَدَلِ الزَّكَاةِ حِينَ لَمْ يَحْكُمْ بِكُفْرِهِمْ بِالْمُتَعِ لِتَأَوُّلِهِمْ وَمَقَامِهِمْ عَلَى الْإِسْلَامِ وَاشْتِبَاهِ الْأَمْرِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ .
وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِ بِعِلَّةِ أَنَّهُ لَا يَرِثُهُ الْمُشْرِكُ فَمُنْتَقِضٌ بِالْمُكَاتَبِ ، ثُمَّ الْمَعْنَى فِي الْمُسْلِمِ بَقَاءُ الْوِلَايَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ .
وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الْقَاتِلِ فَهُوَ دَلِيلُنَا : لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَا مَلَكَ فِي إِبَاحَةِ دَمِهِ مَوْرُوثًا ، كَانَ
[ ص: 147 ] مَا مَلَكَ فِي حَقْنِ دَمِهِ مَوْرُوثًا ، وَلَمَّا كَانَ الْمُرْتَدُّ لَا يُورَثُ عَنْهُ مَا مَلَكَ فِي إِبَاحَةِ دَمِهِ لَمْ يُورَثْ عَنْهُ مَا مَلَكَ فِي حَقْنِ دَمِهِ ، وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِأَنَّ وَرَثَتَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ جَمَعُوا الْإِسْلَامَ وَالْقَرَابَةَ فَكَانُوا أَوْلَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ الْمُنْفَرِدِ بِالْإِسْلَامِ فَفَاسِدٌ بِالذِّمِّيِّ لَا يَرِثُهُ الْمُسْلِمُ ، وَإِنْ كَانَ بَيْتُ الْمَالِ أَوْلَى بِمَالِهِ ، ثُمَّ لَيْسَ يَصِيرُ مَالُ الْمُرْتَدِّ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ مِيرَاثًا فَيُجْعَلَ وَرَثَتُهُ أَوْلَى ، وَإِنَّمَا يَصِيرُ إِلَيْهِ فَيْئًا كَمَا أَنَّهُمْ يَجْعَلُونَ مَا كَسَبَهُ بَعْدَ الرِّدَّةِ فَيْئًا وَلَا يَجْعَلُونَ وَرَثَتَهُ أَوْلَى بِهِ .