مسألة : قال
المزني : " ( وقال ) في الإملاء يلحق الميت من فعل غيره ثلاث : حج يؤدى ،
nindex.php?page=treesubj&link=27019ومال يتصدق به عنه ، أو
nindex.php?page=treesubj&link=1993دين يقضى ودعاء ،
أجاز النبي - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=treesubj&link=27022الحج عن الميت وندب الله تعالى إلى
nindex.php?page=treesubj&link=2228_1061الدعاء وأمر به رسوله - عليه الصلاة والسلام - ، فإذا جاز له الحج حيا جاز له ميتا وكذلك ما تطوع به عنه من صدقة " .
قال
الماوردي : وذهب قوم من
أهل الكوفة ، إلى أن الميت لا يلحقه بعد موته ثواب استدلالا بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=39وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ولأنه لما لم يجز أن يلحقه الإيمان إذا مات كافرا ، بإيمان غيره عنه ، لم يجز أن يلحقه ثواب فعل غيره عنه .
وذهب بعض الفقهاء إلى أن
nindex.php?page=treesubj&link=27019_27018الميت قد يلحقه الثواب بفعل غيره على ما سنصفه لقوله
[ ص: 299 ] تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=56إن الله وملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما [ الأحزاب : 56 ] .
فأمر الله تعالى بالصلاة على نبيه ولا يجوز أن يأمر بما لا يقبله من الدعاء .
وقال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=10ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان [ الحشر : 10 ] .
فلولا تأثير هذا الدعاء عنده لما ندب إليه .
وروى
سليمان بن بلال عن
العلاء بن عبد الرحمن ، رواه عن أبيه عن
أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=921938إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة أشياء : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له .
وروى
هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن
عائشة - رضي الله عنه - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923659أن امرأة قالت : يا رسول الله ، إن أمي اقتتلت نفسها ولولا ذلك لتصدقت وأعطيت ، أفيجز لي أن أتصدق عنها ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : نعم فتصدقي عنها .
قولها : اقتتلت نفسها ، أي : ماتت فلتة من غير وصية .
وروى
عمرو بن دينار ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس nindex.php?page=hadith&LINKID=923660أن رجلا قال : يا رسول الله ، إن أمي توفيت ، أفينفعها أن أتصدق عنها ؟ قال : نعم ، قال : فإن لي لمخرفا وأشهدك أني قد تصدقت به عنها .
ولأن الصلاة على الميت واجبة علينا وهي دعاء له ، فاقتضى أن يكون الدعاء لاحقا به ، مسموعا منه في صلاة وغير صلاة .
ولأنه لما لحق الميت قضاء الديون عنه حتى لا يكون مؤاخذا بها ومعاقبا عليها ولعله لم يجز ذلك حين جاز في الصدقة وإن لم يوص به حيا .
فأما قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=39وأن ليس للإنسان إلا ما سعى [ النجم : 39 ] فيحتمل أن يكون معناه : وأن ليس على الإنسان . كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=7وإن أسأتم فلها [ الإسراء : 7 ] أي فعليها ، على أن ما مات عن غيره فيه ، جاز أن يكون في حكم ما يسعى في قصده .
وأما الإيمان فإنه لا تصح النيابة فيه عن الحي ، فكذلك عن الميت وليس كالصدقة ، على أنه قد يتيسر حكم الإيمان عن الإنسان إلى غيره ، كما يكون الأب متيسرا إلى صغار ولده .
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الْمُزَنِيُّ : " ( وَقَالَ ) فِي الْإِمْلَاءِ يَلْحَقُ الْمَيِّتَ مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِ ثَلَاثٌ : حَجٌّ يُؤَدَّى ،
nindex.php?page=treesubj&link=27019وَمَالٌ يُتَصَدَّقُ بِهِ عَنْهُ ، أَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=1993دَيْنٌ يُقْضَى وَدُعَاءٌ ،
أَجَازَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - nindex.php?page=treesubj&link=27022الْحَجَّ عَنِ الْمَيِّتِ وَنَدَبَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى
nindex.php?page=treesubj&link=2228_1061الدُّعَاءِ وَأَمَرَ بِهِ رَسُولَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ، فَإِذَا جَازَ لَهُ الْحَجُّ حَيًّا جَازَ لَهُ مَيِّتًا وَكَذَلِكَ مَا تُطُوِّعَ بِهِ عَنْهُ مِنْ صَدَقَةٍ " .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : وَذَهَبَ قَوْمٌ مِنْ
أَهْلِ الْكُوفَةِ ، إِلَى أَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَلْحَقُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ ثَوَابٌ اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=39وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَلْحَقَهُ الْإِيمَانُ إِذَا مَاتَ كَافِرًا ، بِإِيمَانِ غَيْرِهِ عَنْهُ ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَلْحَقَهُ ثَوَابُ فِعْلِ غَيْرِهِ عَنْهُ .
وَذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=27019_27018الْمَيِّتَ قَدْ يَلْحَقُهُ الثَّوَابُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ عَلَى مَا سَنِصِفُهُ لِقَوْلِهِ
[ ص: 299 ] تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=56إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [ الْأَحْزَابِ : 56 ] .
فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالصَّلَاةِ عَلَى نَبِيِّهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْمُرَ بِمَا لَا يَقْبَلُهُ مِنَ الدُّعَاءِ .
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=10رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ [ الْحَشْرِ : 10 ] .
فَلَوْلَا تَأْثِيرُ هَذَا الدُّعَاءِ عِنْدَهُ لَمَا نَدَبَ إِلَيْهِ .
وَرَوَى
سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنِ
الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، رَوَاهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=921938إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ : صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ ، أَوْ عِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ .
وَرَوَى
هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923659أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ أُمِّيَ اقْتَتَلَتْ نَفْسُهَا وَلَوْلَا ذَلِكَ لَتَصَدَّقْتُ وَأَعْطَيْتُ ، أَفَيَجُزْ لِي أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : نَعَمْ فَتَصَدَّقِي عَنْهَا .
قَوْلُهَا : اقْتَتَلَتْ نَفْسُهَا ، أَيْ : مَاتَتْ فَلْتَةً مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ .
وَرَوَى
عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ ، عَنِ
ابِنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=923660أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ ، أَفَيَنْفَعُهَا أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَإِنَّ لِي لَمَخْرَفًا وَأُشْهِدُكَ أَنِّي قَدْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا .
وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْمَيِّتِ وَاجِبَةٌ عَلَيْنَا وَهِيَ دُعَاءٌ لَهُ ، فَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ الدُّعَاءُ لَاحِقًا بِهِ ، مَسْمُوعًا مِنْهُ فِي صَلَاةٍ وَغَيْرِ صَلَاةٍ .
وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَحِقَ الْمَيِّتَ قَضَاءُ الدُّيُونِ عَنْهُ حَتَّى لَا يَكُونَ مُؤَاخَذًا بِهَا وَمُعَاقَبًا عَلَيْهَا وَلَعَلَّهُ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ حِينَ جَازَ فِي الصَّدَقَةِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهِ حَيًّا .
فَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=39وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى [ النَّجْمِ : 39 ] فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ : وَأَنْ لَيْسَ عَلَى الْإِنْسَانِ . كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=7وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا [ الْإِسْرَاءِ : 7 ] أَيْ فَعَلَيْهَا ، عَلَى أَنَّ مَا مَاتَ عَنْ غَيْرِهِ فِيهِ ، جَازَ أَنْ يَكُونَ فِي حُكْمِ مَا يَسْعَى فِي قَصْدِهِ .
وَأَمَّا الْإِيمَانُ فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ النِّيَابَةُ فِيهِ عَنِ الْحَيِّ ، فَكَذَلِكَ عَنِ الْمَيِّتِ وَلَيْسَ كَالصَّدَقَةِ ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَتَيَسَّرُ حُكْمُ الْإِيمَانِ عَنِ الْإِنْسَانِ إِلَى غَيْرِهِ ، كَمَا يَكُونُ الْأَبُ مُتَيَسِّرًا إِلَى صِغَارِ وَلَدِهِ .