[ ص: 302 ] باب الوصية للقرابة من ذوي الأرحام .
مسألة : قال
الشافعي - رحمه الله - : " ولو قال ثلثي لقرابتي أو لذوي وأرحمي لأرحامي فسواء من قبل الأب والأم وأقربهم وأبعدهم وأغناهم وأفقرهم سواء ؛ لأنهم أعطوا باسم القرابة كما أعطي من شهد القتال باسم الحضور ، وإن كان من قبيلة من
قريش أعطي بقرابته المعروفة عند العامة ، فينظر إلى القبيلة التي ينسب إليها فيقال من
بني عبد مناف ، ثم يقال : وقد تفترق
بنو عبد مناف فمن أيهم ؟ قيل من
بني عبد يزيد بن هاشم بن المطلب ، فإن قيل : أفيتميز هؤلاء ؟ قيل : نعم . هم قبائل ، فإن قيل : فمن أيهم ؟ قيل من
بني عبيد بن عبد يزيد ، فإن قيل : أفيتميز هؤلاء ؟ قيل : نعم .
بنو السائب بن عبيد بن عبد يزيد ، فإن قيل : أفيتميز هؤلاء ؟ قيل : نعم .
بنو شافع وبنو علي وبنو عباس ، أو
عياش شك
المزني وكل هؤلاء
بنو السائب ، فإن قيل : أفيتميز هؤلاء ؟ قيل : نعم كل بطن من هؤلاء يتميز عن صاحبه ، فإذا كان من
آل شافع قيل لقرابته هم
آل شافع دون آل
علي والعباس ؛ لأن كل هؤلاء متميز ظاهر " .
قال
الماوردي : أما
nindex.php?page=treesubj&link=33606الوصية للأقارب فمستحبة وغير واجبة لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=8وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه [ النساء : 8 ]
وقد ذهب قوم إلى وجوبها لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=26وآت ذا القربى حقه [ الإسراء : 26 ] . وذهب آخرون إلى بطلانها للجهل بعددهم وأن الناس كلهم قرابة ؛ لأن أباهم يجمعهم . وكلا القولين فاسد ، أما الدليل على أنها غير واجبة فما قدمنا من الآية .
وأما الدليل على بطلان قول من قال إن الوصية للأقارب باطلة للجهل بعددهم فمنتقض بالزكاة ، فإن الله تعالى أمر بإخراجها إلى أقوام لا ينحصر عددهم ، ثم هي واجبة .
[ ص: 302 ] بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْقَرَابَةِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ .
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : " وَلَوْ قَالَ ثُلُثِي لِقَرَابَتِي أَوْ لِذَوِيَّ وَأَرْحُمِي لِأَرْحَامِي فَسَوَاءٌ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالَأُمِّ وَأَقْرَبُهُمْ وَأَبْعَدُهُمْ وَأَغْنَاهُمْ وَأَفْقَرُهُمْ سَوَاءٌ ؛ لِأَنَّهُمْ أُعْطُوا بِاسْمِ الْقَرَابَةِ كَمَا أُعْطِيَ مَنْ شَهِدَ الْقِتَالَ بِاسْمِ الْحُضُورِ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ قَبِيلَةٍ مِنْ
قُرَيْشٍ أُعْطِيَ بِقَرَابَتِهِ الْمَعْرُوفَةِ عِنْدَ الْعَامَّةِ ، فَيُنْظَرُ إِلَى الْقَبِيلَةِ الَّتِي يُنْسَبُ إِلَيْهَا فَيُقَالُ مِنْ
بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ ، ثُمَّ يُقَالُ : وَقَدْ تَفْتَرِقُ
بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ فَمِنْ أَيِّهِمْ ؟ قِيلَ مِنْ
بَنِي عَبْدِ يَزِيدَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ ، فَإِنْ قِيلَ : أَفَيَتَمَيَّزُ هَؤُلَاءِ ؟ قِيلَ : نَعَمْ . هُمْ قَبَائِلُ ، فَإِنْ قِيلَ : فَمِنْ أَيِّهِمْ ؟ قِيلَ مِنْ
بَنِي عُبَيْدِ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ ، فَإِنْ قِيلَ : أَفَيَتَمَيَّزُ هَؤُلَاءِ ؟ قِيلَ : نَعَمْ .
بَنُو السَّائِبِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ ، فَإِنْ قِيلَ : أَفَيَتَمَيَّزُ هَؤُلَاءِ ؟ قِيلَ : نَعَمْ .
بَنُو شَافِعٍ وَبَنُو عَلِيٍّ وَبَنُو عَبَّاسٍ ، أَوْ
عَيَّاشٍ شَكَّ
الْمُزَنِيُّ وَكُلُّ هَؤُلَاءِ
بَنُو السَّائِبِ ، فَإِنْ قِيلَ : أَفَيَتَمَيَّزُ هَؤُلَاءِ ؟ قِيلَ : نَعَمْ كُلُّ بَطْنٍ مِنْ هَؤُلَاءِ يَتَمَيَّزُ عَنْ صَاحِبِهِ ، فَإِذَا كَانَ مِنْ
آلِ شَافِعٍ قِيلَ لِقَرَابَتِهِ هُمْ
آلُ شَافِعٍ دُونَ آلِ
عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ ؛ لِأَنَّ كُلَّ هَؤُلَاءِ مُتَمَيِّزٌ ظَاهِرٌ " .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : أَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=33606الْوَصِيَّةُ لِلْأَقَارِبِ فَمُسْتَحَبَّةٌ وَغَيْرُ وَاجِبَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=8وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ [ النِّسَاءِ : 8 ]
وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى وُجُوبِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=26وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ [ الْإِسْرَاءِ : 26 ] . وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى بُطْلَانِهَا لِلْجَهْلِ بِعَدَدِهِمْ وَأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ قَرَابَةٌ ؛ لِأَنَّ أَبَاهُمْ يَجْمَعُهُمْ . وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ فَاسِدٌ ، أَمَّا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ فَمَا قَدَّمْنَا مِنَ الْآيَةِ .
وَأَمَّا الدَّلِيلُ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْأَقَارِبِ بَاطِلَةٌ لِلْجَهْلِ بِعَدَدِهِمْ فَمُنْتَقَضٌ بِالزَّكَاةِ ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِإِخْرَاجِهَا إِلَى أَقْوَامٍ لَا يَنْحَصِرُ عَدَدُهُمْ ، ثُمَّ هِيَ وَاجِبَةٌ .