الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما الشرط الثاني وهو العقل فلأن الجنون يرفع القلم ويمنع من جواز التصرف .

                                                                                                                                            فإن كان ممن يجن في زمان ويفيق في زمان فالوصية إليه باطلة ، سواء قل زمان جنونه أو كثر .

                                                                                                                                            فلو أوصى إلى عاقل حتى إذا أفاق هذا المجنون كان وصيا له ففيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يجوز كالصبي إذا بلغ .

                                                                                                                                            والثاني : لا يجوز ؛ لأن بلوغ الصبي لازم وإفاقة المجنون مجوزة .

                                                                                                                                            فلو أوصى إلى عاقل وطرأ عليه جنون ، فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يستديم به فالوصية إليه باطلة .

                                                                                                                                            والثاني : أن يفيق منه ، فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يطرأ الجنون بعد موت الموصي . فالوصية إليه قد بطلت ، كالوكالة والوكالة تبطل بحدوث الجنون ، فكذلك الوصية .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون حدوث الجنون والإفاقة في حياة الموصي ، ففي بطلان الوصية إليه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : قد بطلت كما تبطل بحدوث ذلك بعد موت الموصي .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا تبطل ؛ لأنه ممنوع من التصرف في حياة الموصي فلم يجز أن يكون ممنوعا بحدوث الجنون ، وليس كذلك حاله بعد الموت .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية