الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما إذا دعت الضرورة إلى إخراجها من الحرز الذي عينه لحفظ الوديعة فيه من غشيان نار ، أو حدوث حريق ، فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن ينص المودع على ألا يخرجها منه في هذه الأحوال .

                                                                                                                                            والثاني : ألا ينص ، فإن لم ينص على ذلك ، بل نهى عن إخراجها منه على الإطلاق جاز مع حدوث هذه الضرورات المتجددة إخراجها ؛ لأن نهيه عن إخراجها إنما هو لفرط الاحتياط في حفظها ، فلم يجز تركها في مكان يفضي إلى تلفها ، فإن تركها ولم ينقلها حتى [ ص: 370 ] تلفت ، فعليه الضمان لتفريطه بالترك ، وإن نص على ألا تخرج منه وإن غشيت نار أو حدثت غارة ، فإن كان حيوانا يخاف على نفسه من غشيان النار كان هذا فيه شرطا باطلا ولزم إخراجه مع النهي عنه ، كما يلزم علفه وإن نهي عنه ، فإن أخرجه لم يضمنه ، وإن تركه ففي ضمانه وجهان ، كالدابة إذا شرط عليه ألا يعلفها وإن لم يكن حيوانا يخاف تلف نفسه ، ففي لزوم شرطه وجهان بناء على اختلاف الوجهين المحكيين عن أبي إسحاق المروزي في الوكيل إذا وكل في شراء عبد يعنيه بعشرة فاشتراه بأقل منها ، فإن لم ينهه الموكل عن شرائه بأقل من عشرة صح الشراء ، وإن نهاه ففي لزوم شرط وصحة عقده وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : الشرط باطل والشراء صحيح .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن الشرط لازم والشراء باطل ، كذلك هذا الشرط وهذا الموضع يخرج على هذين الوجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : يلزم لقطع الاجتهاد بالنص ، فعلى هذا إن أخرجه ضمن ، وإن تركه لم يضمن .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا يلزم تغليبا لحكم الاحتياط في نصه ، فعلى هذا إن أخرجه لم يضمن ، وإن تركه ففي ضمانه وجهان على ما ذكرنا في الدابة المنهي عن علفها إذا لم يعلفها ، فأما مؤنة إخراجها ونقلها ، فإن منع منه كان متطوعا به ، وكذلك لو كان له ولم يجب عليه كان متطوعا به وإن وجب عليه كان كالعلف على ما مضى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية