[ ص: 442 ] باب
nindex.php?page=treesubj&link=8574تفريق ما أخذ من أربعة أخماس الفيء غير الموجف عليه
قال
الشافعي - رحمه الله - : "
nindex.php?page=treesubj&link=8585وينبغي للوالي أن يحصي جميع من في البلدان من المقاتلة وهم من قد احتلم ، أو استكمل خمس عشرة سنة من الرجال ، ويحصي الذرية وهم من دون المحتلم ودون خمس عشرة سنة ، والنساء صغيرهم وكبيرهم ، ويعرف قدر نفقاتهم وما يحتاجون إليه من مؤناتهم بقدر معاش مثلهم في بلدانهم " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال ، قد مضى الكلام في الغنيمة وهو المأخوذ من المشركين عنوة بقتال ، فأما
nindex.php?page=treesubj&link=8571الفيء وهو المأخوذ منهم بغير قتال فضربان :
أحدهما : ما تركوه علينا خوفا ورعبا كالأموال التي انجلوا عنها وما بذلوه صلحا في كفنا وردنا عن أنفسهم ، فهذا يخمس ويكون خمسه كخمس الغنيمة مقسوما على السهام الخمسة .
والضرب الثاني : ما وصل إلينا من أموالهم في غير خوف ولا رعب كالجزية وعشر تجارتهم ومال من مات منهم في دارنا ولا وارث له ففي تخميسه قولان :
أصحهما وهو الجديد أنه يخمس ويكون خمسه مقسوما على السهام الخمسة لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل [ الحشر : 7 ] ، ولأنه كالمتروك رعبا في كونه فيئا ، فوجب أن يكون مخمسا .
والقول الثاني قاله في القديم : أنه لا يخمس : لأنه لما كان في الغنيمة مالا يخمس وهو السلب ، كان في الفيء مالا يخمس وهو العقار ، والأول من هذين القولين أشهر وأصح .
فأما أربعة أخماس الفيء ففي مصرفه الآن قولان
للشافعي :
أحدهما : أنه مصروف في مصالح المسلمين العامة من أرزاق المقاتلة والأئمة والقضاة وبناء الحصون والمساجد والقناطر وإعداد القلاع والسلاح : لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتملك ذلك فيصرفه في هذه المصالح ، فكذلك بعد موته .
والقول الثاني : أنه مصروف في أرزاق الجيش المقاتلة الخاصة المندوبون لجهاد
[ ص: 443 ] العدو والذب عن البيضة والمنع من الحريم ، لأنهم القائمون بذلك بعد الرسول فملكوا بعده ما كان له . وجملة المجاهدين ضربان : مرتزقة ، ومتطوعة .
فأما
nindex.php?page=treesubj&link=8585المرتزقة فهم الذين فرغوا أنفسهم للجهاد فلم يشغلوا إلا به وثبتوا في الديوان فصاروا جيشا للمسلمين ومقاتلة للمشركين ، فهؤلاء يرزقون من أربعة أخماس الفيء ولا حق لهم في الصدقات ، وأما المتطوعة فهم أرباب المعائش والصنائع ، والأعراب الذين يتطوعون بالجهاد إن شاءوا ويقعدون عنه إن أحبوا ولم يثبتوا في الديوان ولا جعل لهم رزق ، فهؤلاء يعطون من الصدقات من سهم سبيل الله ولا حق لهم في الفيء : ولهذا تميز أهل الصدقة عن أهل الفيء . وقد كان المتطوعة يسمون أعرابا ، ويسمى المقاتلة مهاجرين فتميزوا بهذين الاثنين لتميزهم في المالين ، ومنه قول الشاعر :
قد حسها الليل بعصلبي أروع خراج من الدوي
مهاجر ليس بأعرابي
[ ص: 442 ] بَابُ
nindex.php?page=treesubj&link=8574تَفْرِيقِ مَا أُخِذَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْفَيْءِ غَيْرِ الْمُوجَفِ عَلَيْهِ
قَالَ
الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : "
nindex.php?page=treesubj&link=8585وَيَنْبَغِي لِلْوَالِي أَنْ يُحْصِيَ جَمِيعَ مَنْ فِي الْبُلْدَانِ مَنَ الْمُقَاتِلَةِ وَهُمْ مَنْ قَدِ احْتَلَمَ ، أَوِ اسْتَكْمَلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنَ الرِّجَالِ ، وَيُحْصِيَ الذُّرِّيَّةَ وَهُمْ مَنْ دُونَ الْمُحْتَلِمِ وَدُونَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً ، وَالنِّسَاءَ صَغِيرَهُمْ وَكَبِيرَهُمْ ، وَيَعْرِفَ قَدْرَ نَفَقَاتِهِمْ وَمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنْ مُؤْنَاتِهِمْ بِقَدْرِ مَعَاشِ مِثْلِهِمْ فِي بُلْدَانِهِمْ " .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : وَهَذَا كَمَا قَالَ ، قَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي الْغَنِيمَةِ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَنْوَةً بِقِتَالٍ ، فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=8571الْفَيْءُ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُمْ بِغَيْرِ قِتَالٍ فَضَرْبَانِ :
أَحَدُهُمَا : مَا تَرَكُوهُ عَلَيْنَا خَوْفًا وَرُعْبًا كَالْأَمْوَالِ الَّتِي انْجَلَوْا عَنْهَا وَمَا بَذَلُوهُ صُلْحًا فِي كَفِّنَا وَرَدِّنَا عَنْ أَنْفُسِهِمْ ، فَهَذَا يُخَمَّسُ وَيَكُونُ خُمُسُهُ كَخُمُسِ الْغَنِيمَةِ مَقْسُومًا عَلَى السِّهَامِ الْخَمْسَةِ .
وَالضَّرْبُ الثَّانِي : مَا وَصَلَ إِلَيْنَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا رُعْبٍ كَالْجِزْيَةِ وَعُشْرِ تِجَارَتِهِمْ وَمَالِ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فِي دَارِنَا وَلَا وَارِثَ لَهُ فَفِي تَخْمِيسِهِ قَوْلَانِ :
أَصَحُّهُمَا وَهُوَ الْجَدِيدُ أَنَّهُ يُخَمَّسُ وَيَكُونُ خُمُسُهُ مَقْسُومًا عَلَى السِّهَامِ الْخَمْسَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ [ الْحَشْرِ : 7 ] ، وَلِأَنَّهُ كَالْمَتْرُوكِ رُعْبًا فِي كَوْنِهِ فَيْئًا ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُخَمَّسًا .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي قَالَهُ فِي الْقَدِيمِ : أَنَّهُ لَا يُخَمَّسُ : لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي الْغَنِيمَةِ مَالًا يُخَمَّسُ وَهُوَ السَّلَبُ ، كَانَ فِي الْفَيْءِ مَالًا يُخَمَّسُ وَهُوَ الْعَقَارُ ، وَالْأَوَّلُ مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ أَشْهَرُ وَأَصَحُّ .
فَأَمَّا أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الْفَيْءِ فَفِي مَصْرِفِهِ الْآنَ قَوْلَانِ
لِلشَّافِعِيِّ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ مَصْرُوفٌ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ الْعَامَّةِ مِنْ أَرْزَاقِ الْمُقَاتِلَةِ وَالْأَئِمَّةِ وَالْقُضَاةِ وَبِنَاءِ الْحُصُونِ وَالْمَسَاجِدِ وَالْقَنَاطِرِ وَإِعْدَادِ الْقِلَاعِ وَالسِّلَاحِ : لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَتَمَلَّكُ ذَلِكَ فَيَصْرِفُهُ فِي هَذِهِ الْمَصَالِحِ ، فَكَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّهُ مَصْرُوفٌ فِي أَرْزَاقِ الْجَيْشِ الْمُقَاتِلَةِ الْخَاصَّةِ الْمَنْدُوبُونَ لِجِهَادِ
[ ص: 443 ] الْعَدُوِّ وَالذَّبِّ عَنِ الْبَيْضَةِ وَالْمَنْعِ مِنَ الْحَرِيمِ ، لِأَنَّهُمُ الْقَائِمُونَ بِذَلِكَ بَعْدَ الرَّسُولِ فَمَلَكُوا بَعْدَهُ مَا كَانَ لَهُ . وَجُمْلَةُ الْمُجَاهِدِينَ ضَرْبَانِ : مُرْتَزِقَةٌ ، وَمُتَطَوِّعَةٌ .
فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=8585الْمُرْتَزِقَةٌ فَهُمُ الَّذِينَ فَرَّغُوا أَنْفُسَهُمْ لِلْجِهَادِ فَلَمْ يُشْغَلُوا إِلَّا بِهِ وَثَبَتُوا فِي الدِّيوَانِ فَصَارُوا جَيْشًا لِلْمُسْلِمِينَ وَمُقَاتِلَةً لِلْمُشْرِكِينَ ، فَهَؤُلَاءِ يُرْزَقُونَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْفَيْءِ وَلَا حَقَّ لَهُمْ فِي الصَّدَقَاتِ ، وَأَمَّا الْمُتَطَوِّعَةُ فَهُمْ أَرْبَابُ الْمَعَائِشِ وَالصَّنَائِعِ ، وَالْأَعْرَابُ الَّذِينَ يَتَطَوَّعُونَ بِالْجِهَادِ إِنْ شَاءُوا وَيَقْعُدُونَ عَنْهُ إِنْ أَحَبُّوا وَلَمْ يَثْبُتُوا فِي الدِّيوَانِ وَلَا جُعِلَ لَهُمْ رِزْقٌ ، فَهَؤُلَاءِ يُعْطَوْنَ مِنَ الصَّدَقَاتِ مِنْ سَهْمِ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْفَيْءِ : وَلِهَذَا تَمَيَّزَ أَهْلُ الصَّدَقَةِ عَنْ أَهْلِ الْفَيْءِ . وَقَدْ كَانَ الْمُتَطَوِّعَةُ يُسَمَّوْنَ أَعْرَابًا ، وَيُسَمَّى الْمُقَاتِلَةُ مُهَاجِرِينَ فَتَمَيَّزُوا بِهَذَيْنِ الِاثْنَيْنِ لِتَمَيُّزِهِمْ فِي الْمَالَيْنَ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
قَدْ حَسَّهَا اللَّيْلُ بِعُصْلُبِيٍّ أَرْوَعَ خَرَّاجٍ مِنَ الدَّوِيِّ
مُهَاجِرٍ لَيْسَ بِأَعْرَابِيِّ