فصل : وأما ما يترتبون فيه فهو الديوان الموضوع لإثبات أسمائهم ومبلغ أرزاقهم يترتبون فيه بشيئين :
أحدهما : النسب .
والثاني : السابقة على ما سنذكره من بعد ، حتى إذا دعوا للعطاء ، أو الغزو قدم فيه المقدم في الديوان لما روي أن عمر - رضي الله عنه - وضع الديوان على هذا حفظا للأسماء والأرزاق ، فإن قيل لم استحدث عمر وضع الديوان ولم يكن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا على عهد أبي بكر وقد قال - صلى الله عليه وسلم - : كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ؟
[ ص: 462 ] قيل لأمرين :
أحدهما : الحاجة دعته إليه عند كثرة الجيش واختلاف الثغور ليحفظ به ثلاثة أشياء لا تنحفظ بغيره :
أحدها : حفظ أسمائهم وأنسابهم .
والثاني : حفظ أرزاقهم وأوقات عطائهم .
والثالث : ترتيبهم بالنسب والسابقة في إسلامهم وبأنفسهم ، وكل ذلك احتياط في الدين ومستحسن بين المسلمين ، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ، وما رآه المسلمون سيئا فهو عند الله سيئ ، فهذا وجه .
والثاني : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد فعل ما نبه به على وضع الديوان وإن أخره للاستغناء عنه مع اجتماع الجيش وقلتهم ، كالذي فعله من تعريف العرفاء واختيار النقباء والمخالفة بين الشعار والنداء ، فتمم عمر بوضع الديوان ما ابتدأ به النبي - صلى الله عليه وسلم - من مقدماته حين احتاج إليه ، وإن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - مستغنيا عنه فلم يكن في ذلك مخالفا ولا مبتدعا ، وبالله التوفيق .


