فصل : فإذا ثبت أن سهم سبيل الله مصروف في الغزاة ، فالغزاة ضربان :
ضرب هم من أهل الفيء وهم المرتزقة من أهل الديوان ؛ فهو لا يأخذ أرزاقهم على الجهاد من مال الفيء ولا يجوز أن يعطوا من مال الصدقات .
والضرب الثاني : هم أهل الصدقات وهم الذين لا أرزاق لهم إن أرادوا غزوا وإن لم يريدوا قعدوا . وقد سماهم الشافعي أعرابا فهم غزاة أهل الصدقات يجوز أن يعطوا منها مع الغنى والفقر .
وقال أبو حنيفة : لا يجوز أن يعطوا إلا مع الفقر وإن كانوا أغنياء لم يعطوا استدلالا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم فأردها في فقرائكم ، ولأن من تجب عليه الصدقة لا يجوز أن تدفع إليه الصدقة كالأصناف الباقية .
ودليلنا رواية أبي سعيد الخدري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة : لغاز في سبيل الله ، أو لعامل عليها ، أو لغارم ، أو لرجل له جار مسكين فتصدق على المسكين فأهدى المسكين إلى الغني ولأن من أخذ الصدقة لحاجتنا إليه جاز أن يأخذها مع الغنى والفقر كالعامل .
فإن قيل : فالعامل يأخذ أجره : لأنه في مقابلة عمل .
قيل : هو صدقة ، وإن كان في مقابلة عمل لتحريمه على ذوي القربى ، وعلى أن ما يأخذه الغازي في مقابلة عمل وهو الجهاد ، ولذلك يسترجع منه إن لم يجاهد .
فأما الخبر فمخصوص العموم .
وأما القياس فغير مسلم الأصل .


