فصل : فأما
nindex.php?page=treesubj&link=26091الزوجة فيجوز لها دفع زكاتها إلى زوجها من السهام كلها .
وقال
أبو حنيفة : لا يجوز استدلالا بأنه أحد الزوجين فمنع زكاة صاحبه كالزوج إلى زوجته .
ولأنه وارث لا يسقط بالحجب ، فوجب أن يمنع من الزكاة كالأب .
ولأنه قد ترتفق بدفع زكاتها إليه : لأنه قد يستغني بها فتلزمه لها نفقة موسر .
ودليلنا عموم قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=60إنما الصدقات للفقراء والمساكين ، وحديث
أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال
لزينب امرأة عبد الله بن مسعود : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=923796زوجك وولدك أحق من تصدقت عليهم " ، فكان على عمومه .
فإن قيل فهذا محمول على التطوع : لأنه جمع بين الزوج والولد ولا يجوز أن يدفع إلى الولد من الفرض فثبت أنه التطوع ، فعن ذلك جوابان :
أحدهما وهو جواب
أبي عبيد أنه يحتمل أن يكون أولاده من غيرها .
[ ص: 538 ] الثاني وهو جواب
الشافعي : أن أولاده وإن كانوا منها فإنهم كانوا بالغين أصحاء فسقطت نفقاتهم وجاز دفع الزكاة إليهم .
ومن القياس أنه نسب لا يستحق به النفقة فلم تحرم به الصدقة قياسا على ذوي الأرحام ، ولأن الزوج مع الزوجة بمنزلة الأجنبي في سقوط النفقة ، فوجب أن يكون بمنزلته في استباحة الصدقة .
فأما الجواب عن قياسهم على منع الزوج من دفعها إلى زوجته فهو لأن نفقتها تلزمه فمنعت من صدقته ونفقته لا تلزمها فلم يمنع من صدقتها ، وأما قياسه على الأب بعلة أنه لا يسقط بالحجب ، فالمعنى فيه أن الأب تميز باستحقاق النفقة فيمنع من الصدقة وليس كذلك الزوج .
وأما الجواب عن قولهم أنها قد ترتفق بدفع زكاتها إليه ، فهو أنها لا ترتفق بالدفع ، وإنما ترتفق بما قد يحدث بعده من اليسار وذلك لا يمنع من الزكاة كمن دفعها إلى غريم له فأخذها من بعد قبضها من دينه جاز ، ولا يكون ذلك رفقا يمنع من جوازها لحصول ذلك بعد استقرار الملك بالقبض ، كذلك ما يأخذه الزوج ، والله أعلم .
فَصْلٌ : فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=26091الزَّوْجَةُ فَيَجُوزُ لَهَا دَفْعُ زَكَاتِهَا إِلَى زَوْجِهَا مِنَ السِّهَامِ كُلِّهَا .
وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ : لَا يَجُوزُ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّهُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فَمَنْعُ زَكَاةِ صَاحِبِهِ كَالزَّوْجِ إِلَى زَوْجَتِهِ .
وَلِأَنَّهُ وَارِثٌ لَا يَسْقُطُ بِالْحَجْبِ ، فَوَجَبَ أَنْ يُمْنَعَ مِنَ الزَّكَاةِ كَالْأَبِ .
وَلِأَنَّهُ قَدْ تَرْتَفِقُ بِدَفْعِ زَكَاتِهَا إِلَيْهِ : لِأَنَّهُ قَدْ يَسْتَغْنِي بِهَا فَتَلْزَمُهُ لَهَا نَفَقَةُ مُوسِرٍ .
وَدَلِيلُنَا عُمُومُ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=60إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ، وَحَدِيثُ
أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ
لِزَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=923796زَوْجُكِ وَوَلَدُكِ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتِ عَلَيْهِمْ " ، فَكَانَ عَلَى عُمُومِهِ .
فَإِنْ قِيلَ فَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى التَّطَوُّعِ : لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْوَلَدِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُدْفَعَ إِلَى الْوَلَدِ مِنَ الْفَرْضِ فَثَبَتَ أَنَّهُ التَّطَوُّعُ ، فَعَنْ ذَلِكَ جَوَابَانِ :
أَحَدُهُمَا وَهُوَ جَوَابُ
أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَوْلَادُهُ مِنْ غَيْرِهَا .
[ ص: 538 ] الثَّانِي وَهُوَ جَوَابُ
الشَّافِعِيِّ : أَنَّ أَوْلَادَهُ وَإِنْ كَانُوا مِنْهَا فَإِنَّهُمْ كَانُوا بَالِغِينَ أَصِحَّاءَ فَسَقَطَتْ نَفَقَاتُهُمْ وَجَازَ دَفْعُ الزَّكَاةِ إِلَيْهِمْ .
وَمِنَ الْقِيَاسِ أَنَّهُ نَسَبٌ لَا يَسْتَحِقُّ بِهِ النَّفَقَةَ فَلَمْ تَحْرُمْ بِهِ الصَّدَقَةُ قِيَاسًا عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ ، وَلِأَنَّ الزَّوْجَ مَعَ الزَّوْجَةِ بِمَنْزِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ فِي سُقُوطِ النَّفَقَةِ ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ بِمَنْزِلَتِهِ فِي اسْتِبَاحَةِ الصَّدَقَةِ .
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى مَنْعِ الزَّوْجِ مِنْ دَفْعِهَا إِلَى زَوْجَتِهِ فَهُوَ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا تَلْزَمُهُ فَمُنِعَتْ مِنْ صَدَقَتِهُ وَنَفَقَتُهُ لَا تَلْزَمُهَا فَلَمْ يُمْنَعْ مِنْ صَدَقَتِهَا ، وَأَمَّا قِيَاسُهُ عَلَى الْأَبِ بِعِلَّةِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِالْحَجْبِ ، فَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْأَبَ تَمَيَّزَ بِاسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ فَيُمْنَعُ مِنَ الصَّدَقَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الزَّوْجُ .
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ أَنَّهَا قَدْ تَرْتَفِقُ بِدَفْعِ زَكَاتِهَا إِلَيْهِ ، فَهُوَ أَنَّهَا لَا تَرْتَفِقُ بِالدَّفْعِ ، وَإِنَّمَا تَرْتَفِقُ بِمَا قَدْ يَحْدُثُ بَعْدَهُ مِنَ الْيَسَارِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مِنَ الزَّكَاةِ كَمَنْ دَفَعَهَا إِلَى غَرِيمٍ لَهُ فَأَخَذَهَا مِنْ بَعْدِ قَبْضِهَا مِنْ دَيْنِهِ جَازَ ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ رِفْقًا يَمْنَعُ مِنْ جَوَازِهَا لِحُصُولِ ذَلِكَ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ بِالْقَبْضِ ، كَذَلِكَ مَا يَأْخُذُهُ الزَّوْجُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .