* وفيه الهدي : السيرة والهيئة والطريقة . الهدي الصالح والسمت الصالح جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة
ومعنى الحديث أن هذه الخلال من شمائل الأنبياء ومن جملة خصالهم ، وأنها جزء معلوم من أجزاء أفعالهم . وليس المعنى أن النبوة تتجزأ ، ولا أن من جمع هذه الخلال كان فيه جزء من النبوة ، فإن النبوة غير مكتسبة ولا مجتلبة بالأسباب ، وإنما هي كرامة من الله تعالى .
ويجوز أن يكون أراد بالنبوة ما جاءت به النبوة ودعت إليه ، وتخصيص هذا العدد مما يستأثر النبي بمعرفته .
* ومنه الحديث عمار " أي سيروا بسيرته وتهيأوا بهيئته . يقال : هدى هدي فلان ، إذا سار بسيرته . " واهدوا هدي
( ه ) ومنه حديث " إن أحسن الهدي هدي ابن مسعود محمد " .
( ه ) والحديث الآخر " كنا ننظر إلى هديه ودله " وقد تكرر في الحديث .
( س ) وفيه لعلي : سل الله الهدى " وفي رواية " أنه قال الهدى : الرشاد والدلالة ، ويؤنث ويذكر . يقال : هداه الله للدين هدى . وهديته الطريق وإلى الطريق هداية : أي عرفته . والمعنى إذا سألت الله الهدى فأخطر بقلبك هداية الطريق ، وسل الله الاستقامة فيه ، كما تتحراه في سلوك الطريق ; لأن سالك الفلاة يلزم الجادة ولا يفارقها ، خوفا من الضلال . وكذلك الرامي إذا رمى شيئا سدد السهم نحوه ليصيبه ، فأخطر ذلك بقلبك ليكون ما تنويه من الدعاء على شاكلة ما تستعمله في الرمي . " قل اللهم اهدني وسددني ، واذكر بالهدى هدايتك الطريق ، وبالسداد تسديدك السهم "
[ ص: 254 ] * ومنه الحديث المهدي : الذي قد هداه الله إلى الحق . وقد استعمل في الأسماء حتى صار كالأسماء الغالبة . وبه سمي المهدي الذي بشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يجيء في آخر الزمان . ويريد بالخلفاء المهديين سنة الخلفاء الراشدين المهديين أبا بكر وعمر وعثمان وعليا ، رضي الله عنهم ، وإن كان عاما في كل من سار سيرتهم .
( س ) وفيه هو من هداية الطريق : أي من عرف ضالا أو ضريرا طريقه . " من هدى زقاقا كان له مثل عتق رقبة "
ويروى بتشديد الدال ، إما للمبالغة ، من الهداية ، أو من الهدية : أي من تصدق بزقاق من النخل : وهو السكة والصف من أشجاره .
( ه ) وفي حديث طهفة " هلك الهدي ومات الودي " بالتشديد كالهدي بالتخفيف ، وهو ما يهدى إلى البيت الحرام من النعم لتنحر ، فأطلق على جميع الإبل وإن لم تكن هديا ، تسمية للشيء ببعضه . يقال : كم هدي بني فلان ؟ أي كم إبلهم . أراد هلكت الإبل ويبست النخيل .
وقد تكرر ذكر " الهدي والهدي " في الحديث . فأهل الحجاز وبنو أسد يخففون ، وتيم وسفلى قيس يثقلون . وقد قرئ بهما . وواحد الهدي والهدي : هدية وهدية . وجمع المخفف : أهداء .
* وفي حديث الجمعة الدجاجة والبيضة ليستا من الهدي ، وإنما هو من الإبل والبقر ، وفي الغنم خلاف ، فهو محمول على حكم ما تقدمه من الكلام ; لأنه لما قال : فكأنما أهدى دجاجة ، وكأنما أهدى بيضة " أهدى بدنة وأهدى بقرة وشاة " أتبعه بالدجاجة والبيضة ، كما تقول : أكلت طعاما وشرابا ، والأكل يختص بالطعام دون الشراب . ومثله قول الشاعر :
متقلدا سيفا ورمحا
والتقلد بالسيف دون الرمح .[ ص: 255 ] ( س ) وفيه " طلعت هوادي الخيل " يعني أوائلها . والهادي والهادية : العنق ; لأنها تتقدم على البدن ، ولأنها تهدي الجسد .
( ه ) ومنه الحديث : ابعثي بها فإنها هادية الشاة " لضباعة يعني رقبتها . " قال
( ه ) وفيه أي يمشي بينهما معتمدا عليهما ، من ضعفه وتمايله ، من تهادت المرأة في مشيها ، إذا تمايلت . وكل من فعل ذلك بأحد فهو يهاديه . وقد تكرر في الحديث . " أنه خرج في مرضه الذي مات فيه يهادى بين رجلين "
( ه ) وفي حديث " بلغني أن محمد بن كعب عبد الله بن أبي سليط قال لعبد الرحمن بن زيد بن حارثة - وقد أخر صلاة الظهر - أكانوا يصلون هذه الصلاة الساعة ؟ قال : لا والله ، فما هدى مما رجع " أي فما بين ، وما جاء بحجة مما أجاب ، إنما قال : لا والله ، وسكت . والمرجوع الجواب ، فلم يجئ بجواب فيه بيان وحجة لما فعل من تأخير الصلاة .
وهدى بمعنى بين ، لغة أهل الغور ، يقولون : هديت لك بمعنى بينت لك . ويقال : بلغتهم نزلت أولم يهد لهم .